خبر : إستقالة رئيس!! ..د. ناجى صادق شراب

الأربعاء 20 أكتوبر 2010 03:29 م / بتوقيت القدس +2GMT
إستقالة رئيس!! ..د. ناجى صادق شراب



                                                           الرئيس الفلسطينى ليس كاى رئيس آخر فى العالم ، فهو رئيس غير عادى ، وقد يفوق فى أهميته أى رئيس آخر ، وهذه ألأهمية ليس سببها الصلاحيات والسلطات التى يمتمع بها ويفوق بها غيره ، بل على العكس هو من  هذا المنظور رئيس ضعيف بسبب ألأحتلال ألأسرائيلى الذى يسلب كل ما هو فلسطينى خاصيته الفلسطينية ، ولكن هذه ألأهمية تستمد من أهمية المنصب نفسه ، ومن أهمية القضية الفلسطينية ، والصراع العربى ألأسرائيلى وتعدد أطرافه ألأقليمية والدولية ، ولما للقضية الفلسطينية من اهمية فى تحديد مسارات مصالح الدول على أختلاف مستوياتها ، وأيضا من كون القضية الفلسطينية بوابة واسعة للدور ألأقليمى الذى تسعى اليه العديد من الدول فى المنطقة . حيث باتت القضية الفلسطينية محددا لمعايير الدور والمكانة فى المنطقة . من هذا المنظور الرئيس الفلسطينى يعتبر مهما ويحظى بعاملة خاصة فى كثير من ألأحيان ، وترتبط أهمية الرئيس بقضية السلام والصراع أيضا ، فاى تصرف أو قرار واى سياسة ياتى بها الرئيس الفلسطينى قد تكون لها تداعيات أقليمية ودولية ، وتداعيات على المستوى ألأسرائيلى اكبر من تداعياتها فلسطينيا . من هنا فلقد باتت أستقالة الرئيس الفلسطينى أحد الخيارات والأوراق التى قد توظف لمواجهة ضغوطات ، أو فرض حلول على الفلسطينيين ، لأنها تعنى ببساطة شديده تحمل ألآخرين لخياراتهم بالنسبة لقضية تهم كل ألأطراف ، وترتبط بأهم قضية كونية وهى قضية ألأرهاب الدولى ، وعلاقة العالم ألأسلامى بالغرب . وبما يسمى صراع وحوار الحضارات ، هى قضية محورية وإن تراجعت فى أجندات كافة الدول. ورئيس يمثل هذه القضية لا بد وأن يستمد منصبه أهمية ، ومعاملة خاصة من الدول ألأخرى . والسؤال هنا ماذا تعنى أستقالة الرئيس عباس على كافة المستويات ، وما هى خياراتها البديلة ؟ وما هى أنعكاساتها ألأقليمية والدولية ؟وألألستقالة شكل من أشكال المسؤولية الوطنية ، وممارسة ديموقراطية قد نفتقدها فى أنظمة الحكم فى بلادنا التى لا يتركها الحكام ألا بالوفاة أو بإنقلاب. وألأستقالة ايضا ظاهرة عادية مقبولة فى الظروف العادية ، وفى ألأطار الدستورى الذى يسمح بتحول السلطة بطريقة سلمية هادئه . وفى الحالة الفلسطينية ألأمور ليست على هذا النحو ، وصحيح أن الرئيس ينتخب فى أنتخابات رئاسية كل أربع سنوات ، وهذا ما حدث مع الرئيس عباس الذى جاء الى الرئاسة عبر أنتخابات رئاسية نزيهة ، وعبر منافسة من أكثر من مرشح على المنصب ، وتم فوزه على أساس برنامجه السياسى الذى أكد فيه على خيار المفاوضات والسلام ، وعلى المقاومة السلمية المدنية ، وهو بذلك كان واضحا ولم يخدع شعبه ، وحيث أن هذا البرنامج لم يتحقق فى شق المفاوضات بسبب تعنت أسرائيل ، وأستمرارها فى رفض التعامل مع المفاوضات ألا من منظور القوة ، فكان على الرئيس أن يعلن وبكل وضوح وصراحة على أن هذا الخيار لم يعد مجديا ، وبالتالى أن يعلن عن خياراته لأنهاء ألأحتلال وقيام الدولة الفلسطينية ، وهنا الخيارات كثيرة ومتعدده ، لكن المهم القدرة على تطبيقها وتنفيذها ، ومن هذه الخيارات وهى فى الواقع ليست خيارا ألأستقالة ، هى قرار ومسؤولية غير مسبوقة فى السياسة العربية عامة ، لكن ألأستقالة تأتى فى وقت حالة من ألأنقسام السياسيى والتنازع على الشرعية السياسة وتعطل للديموقراطية الفلسطينية ، وغياب الصفة التمثلية لكل مؤسسات السلطة ، وفى هذا المعنى الرئيس إما أن يستمر فى الحكم والرئاسة وهذا مناقض للديموقراطية ، ومناقض لمبدأ ألأنتخابات ، وإما أن يدعو ألى أنتخابات رئاسية جديده ، وحيث أنه قد اكد على عدم رغبته فى ترشيح نفسه مرة ثانية فيكون الرئيس فى حكم من قدم أستقالته ، وإذا مأ أجريت ألأنتخابات عندها يمكن للرئيس أن يسلم الرئاسة لمن ينتخبه الشعب ويمنحه ثقته من جديد. وهذه أعلى درجات الممارسة الديموقراطيةالتى نفتقرها بسبب حالة الصراع على الشرعية و                       الأنقسام غير المبرر، لكن مشكلة ألأنقسام أوجد حالة من الفراغ الدستورى ، ومن ناحية اخرى وعلى الرغم من أن الدستور قد حسم هذه المسألة بان يتولى رئيس المجلس التشريعى الرئاسة لمدة ستين يوما تجرى بعده ألأنتخبات ، وبذلك تتم ألأمور بشكل عادى كما حدث مع الرئيس عباس بعد وفاة الرئيس عرفات ، لكن وقتها لم يكن هناك أنقسام وعدم توافق ، وفى هذا السياق تصبح أستقالة الرئيس غير واقعية وتضر بالمصلحة الوطنية الفلسطينية ، وهنا أريد ان اشير الى نقطة أخرى وهوان الوضع فى غزة محسوم ، ولذك أستقالة الرئيس مع استبعاد أجراء أنتخبات أو تولى رئيس السلطة التشريعية مهام منصبه الجديد لستين يوما ، فهذا يعنى تكريسا للأنقسام ، وخلق حالة من الفوضى والفراغ الدستورى قد يقود الى سيطرة المؤسسة ألأمنية بالكامل فى الضفة الغربية ،  وقد يزيد من أجراءات أسرائيل ألأحتلالية دون ان تعود الى أحتلال ما تبقى من أراض الضفة الغربية . وهنا قد يتكرر نموذج غزة بالإنسحاب ألأحادى . ومن التداعيات الخطيرة التى قد تترتب على أستقالة الرئيس فقدان البعد ألأقليمى والدولى فى التعامل مع القضية الفلسطينة ، فيبقى الرئيس اداة التواصل والتعامل مع المجتمع الدولى ، ولة صفة شرعية وقبولا فى هذه المسألة . اما فى حالة غياب الرئيس فى هذا الظرف غير العادى ستكون أضراره أكبر بكثير من منافعها على المصلحة الفلسطينية , وأخيرا الرئيس امامه خيارين أولا أنهاء ألأنقسام السياسي والدعوة الى أجراء أنمتخابات ، والخيار الثانى وحتى مع بقاء ألأنقسام الدعوة ألى أجراء أنتخابات مهما كانت التداعيات السياسة المترتبة على ذلك ، فإستعادة الصفة التمثلية لا تقل اهمية عن أنهاء ألأحتلال فى هذه المرحلة ، لأن أستعادة الصفة التمثيلية هى الكفيلة بإنهاء ألأحتلال . وأخيرا أستقالة الرئيس ينبغى أن توضع فى سياق المصلحة الوطنية الفلسطينية ، وأن تكون ورقة يستفاد منها لأنهاء حالة التشرذم والفوضى الفلسطينية . |أكاديمى وكاتب عربىdrnagish@gmail.com