أقسمت أن هذه هي المرة الاخيرة التي أكتب فيها في قضية جونتان بولارد. معروف للموقع اعلاه كم ضارة به كل كتابة من اجله في اسرائيل، وكون الكاتب جد جد يريد أن يراه هنا، بيننا، الان، أمس، فلن افسد الكثير من الكلمات. أقول هذا فقط: اذا واصلت حكومة اسرائيل، اذا واصل مواطنون طيبون ومحبون للخير والعدل ان يتصرفوا مثلما يتصرفون اليوم، فسيعود الينا جونتان بولارد، لا سمح الله، ولشدة الالم، في تابوت. يبدو أن هكذا نحب نحن ابطالنا – صامتون وميتون. لا جدال في ان بولارد مس في حينه بامن وعزة الولايات المتحدة. في معالجة قضيته ارتكبت اخطاء غير قليلة على ايدي كثيرين، وعلى رأسهم فريق التوجيه: اسحق شمير، اسحق رابين وشمعون بيرس. لا ينبغي البكاء على الحليب المسكوب. السؤال الذي نقف أمامه في هذه اللحظة ومنذ 25 سنة – نعم 25 سنة، هو كيف ننقذ بولارد من السجن ونجلبه بسلام الى بيته في اسرائيل. هناك نهجان اساسيان. الاول، ذاك المتبع اليوم: الصراخ، الاحتجاج، المطالبة وقلب العالم. هذا النهج متبع منذ سنوات جيل وأدى الى نتيجة واحدة ووحيدة: صفر Zero. بولارد لا يزال يذوي في السجن – وهو سيبقى هناك. منذ قبل 15 سنة واكثر انتهج حكومات الليكود العزيزة الطريق الحالي: جعل بولارد بطلا قوميا اسرائيليا والمطالبة بتحريره. احد وزراء الليكود الذين قادوا هذا الميل أدى ايضا بوزراء ومتفرغين من الليكود الى ان يزوروا بولارد، وان تلتقط الصور لهم معه، ومباركته والقول للشعب الجالس في صهيون كم هم الامريكيون وحشيون وانذال. فهل أجدى هذا في تحرير بولارد؟ أجدى هذا فقط اولئك المتفرغين من الليكود لان يعاد انتخابهم – وكان بوسع بولارد أن ينظر من زنزانته الى صوره معهم باشتياق. فهم حقا ارادوا خيره ولكن نسوا الامريكيين الذين "صفوا معه الحساب". في هذه الاثناء، فان بولارد ايضا الذي قرأ وسمع متفرغي الليكود، فهم بانه بطل قومي في اسرائيل، يحظى بمداولات في جلسات الحكومة وهو موضوع عزة اسرائيلية، وبدأ يتصرف في زنزانة السجن مثل بطل قومي. حتى الامريكيين باتوا صغارا عليه. والامريكيون قرأوا، سمعوا وفهموا: الرجل اياه، من ناحيته مجرم غير صغير، الرجل الذي مس بامن الولايات المتحدة ("اصدقاء، اصدقاء ولكن يوجد حد"، قال ذات مرة زعيم امريكي لزعيم اسرائيلي)، هذا المجرم (في نظرهم) هو بطل قومي اسرائيلي؟ هو؟ الرجل الذي نكث القسم، مس بالتعهد الامني من الدرجة الاولى لوطنه، هو؟ والامريكيون مثل الامريكيين ردوا بما يتناسب وذلك: طالما كان بطلا قوميا عندكم في اسرائيل فستحصلون عليه في تابوت فقط. اما بساط احمر في مطار بن غوريون؟ حرس شرف؟ جوقة الجيش الاسرائيلي؟ ليس في عصرنا، ليس على حسابنا. وبتعبير آخر: يخيل لكم أنكم يمكنكم ان تنتصروا على امريكا الكبرى، فقط يخيل لكم. نحن سنريكم. الاستنتاج في موضوع معالجة أمر بولارد يجب ان يكون واحد ووحيد، وهذا هو النهج الذي برأيي هو الوحيد الكفيل، ربما، ربما، ان يخرجه ذات مرة من السجن: تخفيف مستوى الاهتمام، عدم المطالبة، عدم التهديد، عدم منحه مواطنة اسرائيلية، عدم جعله بطلا قوميا، عدم وضع بساط أحمر امامه. عدم الادعاء بان وينبرغر (وزير الخارجية) كاذب. عدم المطالبة بالعفو بصراخ عالٍ. باختصار، ان نكون، "اولاد مطيعين"، وبالاساس حكماء. "وماذا عن عزتنا كدولة اسرائيل"، سألني ذات مرة وزير في حكومة اسرائيل اقترحت عليه وعلى رفاقه ان يكونوا "اولاد مطيعين" أمام امريكا الكبرى والساحقة: انت ورفاقك، قلت له، عليكم ان تختاروا بين العزة الاسرائيلية وبين بولارد على قيد الحياة. وهذا، برأيي، هو الخيار الان ايضا.