خبر : الفاشية لن تمر! أو ربما نعم / بقلم: أوري مسغاف / يديعوت 15/10/2010

الجمعة 15 أكتوبر 2010 02:55 م / بتوقيت القدس +2GMT
الفاشية لن تمر! أو ربما نعم / بقلم: أوري مسغاف / يديعوت  15/10/2010



 في يوم الاحد الأخير، في تاريخ احتفالي على نحو خاص (10/10/2010)، قررت حكومة اسرائيل إلزام المتجنسين غير اليهود أداء قسم الولاء للدولة اليهودية الديمقراطية. بل إن النقاش لم يكن عاصفا، وكانت المعركة بعيدة عن أن تكون متقاربة. فقد أيد 22 وزيرا ووزيرة الاقتراح وعارضه 8 فقط.             يصعب أن نجزم هل القرار نفسه مصيري. أيده اسرائيليون كثيرون أو بقوا غير مكترثين، واعتقد كثير من منتقديه أنه غبي في الأساس. كانت قوته في الأساس في الشعور المقلق بأنه يُثبت – لاول مرة على نحو رسمي – تيارات قوية تُغرق في السنة الأخيرة المجالين العام والسياسي. اعتادوا في مظاهرات اليسار الاسرائيلي طوال السنين أن يصرخوا بالشعار الحربي: "الفاشية لن تمر!" لكن اليسار أخذ يُمحى وأخذت الفاشية تمر.             تؤيد أجزاء كبيرة من الجمهور اليهودي مباديء قومانية وفاشية بيّنة، كما يبرهن استطلاع "ملحق السبت" والدكتورة مينا تسيمح، الذي ينشر في هذه الصحيفة: فهنالك تأييد لمضاءلة حرية التعبير، وتأييد لتقييد حرية الانتظام والتظاهر على النظام الحاكم، وتأييد لتحديد حق الانتخاب لليهود فقط، وتأييد لاعلان الولاء لدولة يهودية.             لا تُمكّن هذه المعطيات، في ضوء ثقل الأحداث والكشوف من التهرب بعد من التساؤل بصوت عالٍ: هل هاجرت الفاشية هجرة رسمية الى دولة اليهود؟.             إن مجرد السؤال يثير عدم ارتياح. نبتت الفاشية في اوروبا، وشاعت في أنحاء العالم وعُدّت أبرز تجديد تاريخي في القرن العشرين، والظاهرة التي أثرت فيه أكثر من غيرها. فقد عانت شعوب كثيرة كثيرا من انتشارها ورسوخها في مراكز حاكمة، لكنه لم يوجد شعب تضرر منها أكثر من اليهود. يفترض أن تكون فكرة امكان فاشية حقيقية في اسرائيل غير متصورة. يُسميها البروفيسور روبرت فيكستون، من كبار باحثي الفاشية في العالم "ذروة السخرية".             من جهة ثانية، المفاجأة والقدرة على الانفجار الدائم من أسس قوة هذه الظاهرة. "صرفت عشرات السنين من حياتي لبحث الفاشية، أكثر مما أريد أن أذكر"، يقول البروفيسور زئيف شتيرنهيل من الجامعة العبرية. "خلصت سريعا جدا الى استنتاج انه لا يوجد مجتمع ولا ثقافة منيعان في وجه هذه الظواهر، لكنني بطبيعة الأمر لم أحسَب أن نُدفع الى هذه الورطة بأنفسنا.             "لست على يقين من أن قرار الحكومة مطلع الاسبوع نقطة تحول حادة. لكنه مهم، لانه أُعطي المعيار الجديد هناك شرعية: وهو قانون يُفرق بين الطوائف السكانية تفريقا ظاهرا رسميا. ومن المؤكد أن هذا لا يزيد الطريقة الديمقراطية صحة".             لم تزد الفاشية شتيرنهل نفسه صحة ايضا فقبل سنتين، وبعد اشهر معدودة من فوزه بجائزة اسرائيل عن مشروعه البحثي في العلوم السياسية، أُصيب برجله بشحنة متفجرة في أنبوب وُضعت على مدخل بيته في القدس. وُجه ارتياب الشرطة الى عناصر من اليمين المتطرف لكنه لم يؤثّم أحد حتى الآن.             لم يهب شتيرنهل لربط الانفجار الخاص بالنقاش العام: "الامر المهم هو ما يحدث للمجتمع الاسرائيلي، وجميع الامور متصلة معا – "اذا شئتم"، وسد الأفواه، وتغيير الخطط الدراسية، ورفض الاعتراف بحقيقة أن حرب الاستقلال سببت كارثة لاشخاص آخرين، ومهاجمة حرية التعبير في العالم الاكاديمي، وهذا القانون الأخير. يتصل كل ذلك في طائفة واحدة تُغيّر منهاج التفكير وحياة مجتمع يستحق إسمه. يُذكر هذا احيانا بالجو في جمهورية فايمر أو بالثلاثينيات في فرنسا. يُنشيء هذا جوا صعبا".             في مقابلة هذا يقوم علماء آخرون ويحذرون من ترخيص استعمال المصطلح. "السؤال هل يوجد تهديد للديمقراطية"، يزعم البروفيسور يوسي شاين من قسم العلوم السياسية في جامعة تل ابيب. "فالفاشية تلغي الديمقراطية وتعيب الخطاب الديمقراطي. هي في ظاهر الأمر تتحدث بصدق، وباسم ارادة الشعب الأصيلة التي وطئتها أحزاب ومجموعات من الأقلية. يصعب أن نقول إن هذه الظواهر قوية في اسرائيل".             طقوس وحدة وطهارة             في صباح يوم الاربعاء قام بضع مئات من الشبان من خريجي حركات الشباب بمظاهرات تمت على التوازي إزاء الكنيست، وفي تل ابيب، وعكا وحولون والعفولة وبئر السبع. احتجوا على قرار الحكومة مطلع الاسبوع، وسمّوه عنصريا ومعاديا للديمقراطية. كان هذا استمرارا لعمل احتجاجي من مفكرين وفيهم الممثلة حنة مارون، والأديب يورام كنيوك والنحات داني كرفان، في يوم قبول تعديل قانون الجنسية. اجتمعوا في تل ابيب وقرأوا وثيقة الاستقلال ونشروا في الغد وثيقة جديدة: "اعلان الاستقلال عن الفاشية".             أعلن أحد مبادري الاجراء وهو الأديب والصحفي سافي رخلفسكي أن "هذا الشعب الناجح المسكين، الذي جرت عليه مطاردات ومحرقة يستحق الاستقلال، والديمقراطية والحياة الحرة من الفاشية. ليس الصراع الحقيقي اليوم بين اليساريين واليمينيين بل بين الديمقراطيين والفاشيين".             لا شك في أن الميدان يسخن حول هذا الموضوع. ولا يوجد ايضا جدل حقيقي في حقيقة أنه لا يسود اسرائيل الآن نظام فاشي. والسؤال المهم هو هل تهب هنا رياح فاشية وما قوتها. بيد أن احدى المشكلات الكلاسيكية للفاشية – وكأنها ليست منفرة ومهددة بقدر كاف – هي تملصها. فمن الصعب جدا تعريفها ولا يوجد لها ايضا مفكرون مؤسسون.             الجوهر قومية متطرفة. قال فاكستون انه "يمكن تعريف الفاشية على انها سلوك سياسي يتميز بعلاج وسواسي لتدهور الجماعة أو ذلّها أو مكانتها بصفتها ضحية، وطقوس تعويضية من الوحدة والطهارة".             صدر في السنة الماضية بالعبرية الكتاب الذي يلخص مشروع حياته: "تشريح الفاشية" (اصدار كتب "عليات هغغ" ومكتبة "يديعوت احرونوت"). يؤكد هناك أكثر من تأكيده العقيدة صورة العمل الفاشي والمشاعر القائدة وهي الشعور بأزمة، وتفوق الجماعة والخوف من تهاويها، والحاجة الى صوغ جماعة أطهر، والحاجة الى قادة ذوي سلطة وحق الشعب المختار في السيطرة على الآخرين بلا أي قيد.             يتحدث فاكستون عن "نشطاء قوميين يملؤهم الالتزام، يعملون في تعاون ناجع مع نخب تقليدية"، ومثّلت جلسة الكنيست الأخيرة هذه الظاهرة جيدا. فقد وضع اعضاء الكنيست محمولين فوق تأييد فئات عريضة من الجمهور، وضعوا على مائدة الجلسة جملة اقتراحات قوانين قومانية وغوغائية.             اقترحت رونيت تيروش، عضو كديما قانونا يُضاد جهات "تحاول تقويض الدولة وتضر بها". والاحتجاج لذلك أن الدولة "في حضيض دعائي"، و"من المؤسف جدا انه في هذا العصر خاصة، وعلينا أن نكون موحدين في وجه اتهامات لا أساس لها، نشهد روابط ومنظمات اسرائيلية تعمل تحت الارض على اسرائيل".             واقترح زئيف ألكين من الليكود أن يُحظر على اسرائيليين تأييد "مقاطعات اكاديمية واقتصادية وغيرها تُفرض على الدولة ومواطنيها وروابط فيها". واقترح عضو كتلته الحزبية أوفير أكونيس اعلان كون القسم الشمالي من الحركة الاسلامية تنظيما محظورا. واقترح الكاهاني ميخائيل بن أري، عضو الاتحاد الوطني في قانون السينما "منع وضع يحظى فيه منتجو فيلم اسرائيلي بدعم من دولة اسرائيل وهم ينددون في الوقت نفسه بالدولة". ووجه بن أري ايضا إصبعه الى ان أصل المشكلة هو أن دفاع سلطة القضاء عن حرية التعبير هو الذي شجع "اقوالا قاسية وآراءا تثير الغضب والنقمة من قبل منتجين اسرائيليين".             بلغت الظاهرة رأس الهرم التشريعي. فقد أثار دافيد روتم من "اسرائيل بيتنا"، رئيس لجنة الدستور والقانون والقضاء، اقتراحين يمنحان خريجي الخدمة العسكرية أو الوطنية تفضيلا: اشتمل أحدهما على إفضالات اجتماعية وإفضالات في السكن، والثاني على تفضيل في الحصول على وظائف حكومية.             "في كل مرة أعلو فيها منصة الخطباء في الكنيست"، يقول روتم في محادثة من بكين، "أتلقى صيحات "أنت فاشي، وأنت عنصري". من السهل جدا سد فمي. يمكن أن يُقال في كل شيء إنه فاشية لكن هذا الامر تزنية لهذا المصطلح.             "أعترف أنني فخور بدولتي، وسأحارب من اجل دولتي وسأدافع عن دولتي. هل يجعلني هذا فاشيا؟ فاذا كل جندي فاشي في الحقيقة. ليس الفاشي من يريد الحفاظ على دولته بل هو شخص يؤمن بأن الدولة هي أعلى قيمة عنده في الحياة ولست كذلك".             "يمكن بيقين أن نقول انه توجد اليوم في اسرائيل اتجاهات فاشية مقلقة"، ترد البروفيسورة نعومي حزان، عميدة معهد الادارة والمجتمع في الكلية الاكاديمية تل ابيب – يافا. "التعبير الرئيس هو انه لا يوجد خطاب عام مفتوح بل العكس – توجد قوى تعمل طول الوقت في مضاءلته. يتحدثون فقط من هو الوطني ومن هو غير الوطني. لا يوجد نقاش في المضامين والأفكار بل في الولاء والاخلاص فقط.             "هذا المسار منزلق دحض. إن الناس تقلقهم الشؤون اليومية ولا ينتبهون الى أن هذا يحدث لهم تحت أنوفهم. يجري على هذه الدولة تغيير جوهري، ولا ينتبه أحد الى أنه يزحف. إن حملة انتخابية شعارها "لا جنسية بلا ولاء" هي حملة انتخابية عنصرية. في اللحظة التي تمر فيها حملة كهذه بهدوء، نصل نحن ايضا في سهولة الى سن قانون عنصري، ويصبح المنزلق أكثر حدة، وعندما تتدهور الامور لا يستطيع أحد وقفها".             تعلمون أن للبروفيسورة حزان ايضا قبعة اخرى. فهي ترأس "صندوق اسرائيل الجديد". كان هذا الجسم حتى مطلع السنة وهو الذي يجمع منذ سنين تبرعات ودعما من عشرات المنظمات والروابط، مجهولا للجمهور العريض. بيد أنه شُرع في كانون الثاني بحملة منسقة عليه.             جرى انفاق مبالغ ضخمة على الحملة ونفذتها في الميدان حركة "اذا شئتم"، وقد انضم اليها عدد من الصحفيين الموجَهين جيدا. اتُهم الصندوق في البدء بدعم منظمات سببت تسويد وجه اسرائيل بتقرير غولدستون. كانت الوسائل بعيدة المدى: نشرات في جميع مواقع الانترنت الرائدة، واعلانات في الصحف ولا سيما مئات اللافتات الكبيرة في أنحاء البلاد. ظهرت فيها جميعا صورة حزان وهي اكاديمية ذات صيت وكانت في الماضي عضو كنيست جليلة، وعلى جبهتها قرن حاد. أثارت الصورة تداعيات معادية للسامية. كان مكتوبا الى جانبها: "نعومي غولدستون حزان". بل إن اعضاء "اذا شئتم" تنكروا في احدى المظاهرات بملابس رجال حماس يحملون لافتات تأييد للصندوق ورئيسته.             بعد ذلك بعدة شهور نشرت الحركة تقريرا آخر، كان هذه المرة في موضوع دعاوى قضائية على مسؤولين كبار في الجيش والادارة الاسرائيلية في محاكم خارج البلاد. وكانت الدعوى أن الصندوق مسؤول عن هذه الدعاوى. أعلن العنوان: "نحن نهتف إجلالا وهم يطاردون. أيها الدساسون، ضقنا بكم ذرعا". كان التوقيت بعيدا من أن يكون عرضيا فقد كان مساء يوم الذكرى لضحايا الجيش الاسرائيلي. في ذلك الوقت حرر عمير بنيون الى الراديو أغنية جديدة بتشجيع من ناس "اذا شئتم". هاجمت الأغنية في شدة يساريين يطعنون ظهور إخوانهم المحاربين بالسكين، في حين يحارب هؤلاء من اجل الدولة (بالمناسبة سُرح بنبون من خدمته في الجيش بعد شهور معدودة كان يلبس فيها الملابس العسكرية).             وفي رد على الأحداث بدأ الصندوق الجديد حملة دعائية في الانترنت للرد تحت عنوان "لن نسد فانا – المعسكر الديمقراطي يرفع رأسه".             أنتجت حروب الشبكة فروعا اخرى. ففي بداية شباط انشأ روعي يالين الذي كان متحدث ميرتس في الماضي، جماعة فيس بوك اسمها "اذا شئتم حركة فاشية". وقد حشدت في زمن قصير آلاف المؤيدين وأدارها مع يالين عدد من النشطاء والاعلاميين. بعد مرور عدة اشهر تلقوا رسالة من المحامي نداف هعتسني هدد باسم موكّله "اذا شئتم" بدعوى تشهير بقيمة 2.6 مليون شيكل. اختارت الجماعة الحفاظ على سمعتها ورفع ناس "اذا شئتم" الدعوى القضائية زاعمين أن اسم "فاشية" يضر بسمعتهم الطيبة، وأنهم في واقع الامر حركة مركز صهيونية. ستبدأ المحاكمة قريبا.             من ليبرمان الى بن غوريون             "الفاشية مصطلح تاريخي، مغروز في فترة متميزة جدا، ذات مشكلات متميزة جدا. لا يمكن نقل هذا المصطلح ثمانين سنة الى الأمام"، يقول الدكتور عوديد هيلبرونر المختص بالتاريخ الالماني. "كانت في التاريخ الاسرائيلي لحظات بدا فيها خطر الفاشية على الأبواب، ولم يحدث شيء، فقد كان حيروت وبيغن في الخمسينيات، أو كهانا وصعود غوش ايمونيم بعد حرب الايام الستة، ولن نتحدث عن الثلاثينيات والاربعينيات، حيث كان ليحي و"حلف الزعران" لا يُريان فاشيين فقط بل نازيين ايضا. يوجد الآن نقطة اخرى اذا، والسؤال أهذا ارتفاع رتبة أم صيحة "ذئب، ذئب" اخرى في سلسلة طويلة.             "أحد الاسئلة هو من الذي يُعرّف. فقد عرّف موسوليني وفرانكو وبارون أنفسهم بأنهم فاشيون. وفي اسرائيل يُعرّف اليسار على نحو عام عناصر بأنها فاشية. ربما أصح من ذلك أن نتحدث بدل الفاشية عن قومية يهودية أو عنصرية يهودية، تواصلان تراثا عمره آلاف السنين، منذ ايام عزرا ونحاميا ونهاية ايام الهيكل الثاني بطبيعة الأمر".             لكن لماذا تهاجمنا هذه القومانية والعنصرية على العموم ولماذا الآن خاصة؟ "كانت البن غوريونية براغماتية"، تُبين البروفيسورة يولي تمير، التي كانت في الماضي وزيرة التربية والتي اختصت في الاكاديميا بالقومية. "كان انشاء دولة عملا براغماتيا. لم يشأ بن غوريون قط أن يُبين حتى النهاية ما الذي قصد اليه عقائديا. أرادوا نتائج وكانوا أقل اهتماما بأن يكونوا عادلين. "حل محل هذه القيادة جيل أناس لا يطمحون الى البناء بل الى إثارة النقمة. يريدون امتيازا عن القول لا عن الفعل. ولهذا يزداد القول حدّة. يوجد ميل في سياسة الاعلام الى جعل المواقف أكثر تطرفا من أجل البروز".             ويُراد الى جانب تحليل القيادة تناول للجمهور العريض ايضا. "كانت ردود الاسرائيليين على الانتفاضتين خليطة"، كتب فاكستون. "كانت الهوية القومية الاسرائيلية متصلة باحترام حقوق الانسان اتصالا وثيقا بحيث مُنع يهود الجاليات ذلك فترة طويلة. ضعف هذا الكابح بسبب اتجاهين: تشديد المواقف إزاء التشدد الفلسطيني وانتقال مركز الثقل في السكان من اليهود الاوروبيين، الذين هم الحملة الرؤساء للتراث الديمقراطي، الى يهود من شمال افريقيا واماكن اخرى في الشرق القريب لا يكترثون لهذا التراث".             اختص البروفيسور رعنان راين، وهو مؤرخ ورئيس مركز دانيال ابراهام للدراسات الدولية والاقليمية في جامعة تل ابيب، بالغوغائية الامريكية الجنوبية والفاشية الاوروبية. يقول راين: "صحيح أننا نشهد في السياسة والمجتمع الاسرائيليين ظواهر خطرة من القومانية، وكراهية الاجانب، والمكارثية، لكن من غير الصحيح أن نسِم هذا بالفاشية. ليس هذا صحيحا من جهة بحثية – اكاديمية بسبب البُعد الديني قبل كل شيء، الذي غاب على الاطلاق عن الفاشية الاوروبية. وتمييز هذه الاتجاهات من جهة سياسية وتكتيكية بأنها فاشية سيثير المعاداة ويصرف النقاش عن الامراض والأخطار فقط".             ليس الجميع منضبطين مثله. "لست على ثقة من أن جميع عناصر الفاشية موجودة هنا، لكن عنصرا واحدا ينجم – وربما يجب أن يقلق أكثر من كل شيء – وهو العنصرية"، تقول البروفيسورة غاليا غولان، رئيسة معهد الادارة في المركز المتعدد المجالات في هرتسليا. "أتحدث عن عدم تسامح عرقي أو قومي يُثبّت بقانون عنصري. تعريف "الولاء" متصل بالعرقية أو الدين أو العنصر. لا يفترض أن تقبل الديمقراطية واحدا منها. لكنها حيوية بيقين من اجل صيغ مختلفة من الفاشية والفاشية النازية فوقها كلها بطبيعة الامر.             "والعنصر الثاني هو القومانية المتطرفة، التي بدأت تنمو في 1967 ولا سيما الصهيونية المتدينة. توجد قوى القومانية المتطرفة هذه اليوم قرب مقود الحكم، والتأليف بين العنصرية والقومانية موجود في ثقافتنا السياسية".             اوروبا كلها تسأل             أتوجد عندنا هنا فاشية أم لا اذا؟ إن البلبلة، والطمس على الحدود وعدم الاتفاق لا تشهد بالضرورة على نقاش عقيم. فقد تكون نتاج وضع مركب. "يصارع المجتمع في اسرائيل اتجاهين في الآن نفسه – الفاشية والليبرالية ايضا"، يُبين عالم الاجتماع البروفيسور يغيل ليفي.             "يجري الاتجاهان على التوازي في أقسام مختلفة من المجتمع، ويتطوران ايضا على أن أحدهما رد على الآخر. لنأخذ على سبيل المثال الاكاديميا: إن طلب إقصاء محاضرين ونصوص لا تقبل صبغة اسرائيل الصهيونية، وحينما تكون نقطة الانطلاق تفسيرا محددا جدا للصهيونية، ما كان يمكن أن يولد لولا أن هبّت على الاكاديميا رياح ليبرالية، مكّنت من نشوء تيار "ما بعد الصهيونية".             "وعلى القدر نفسه ما كان طلب اعلان الولاء لينشأ لولا تباشير الثورة المدنية لعرب اسرائيل. فقد اندمج هؤلاء في السياسة، وهم يناضلون عن مكانتهم على أنهم مواطنو الدولة مع عرض تصور متحّدٍ لهويتهم، ويندرجون، وإن كان ذلك ما يزال تحت قيود، في مهن حرة في سوق العمل. وكذلك حملة المتهربين من الخدمة العسكرية العنيفة رد على الليبرالية التي أضعفت الخدمة العسكرية بصفتها امتحانا مدنيا وحيدا، وعمّقت نسب الاعفاء من التجنيد".             "يُستعمل مصطلح الفاشية في البلاد لتصنيف سلب الشرعية"، يقول البروفيسور شاين. "لا أعتقد انه يوجد في اسرائيل كراهية اجانب كما نرى في اوروبا. توجد كراهية العرب في دوائر كثيرة، لكن لا يمكن أن نتجاهل محاولة داخل الأقلية العربية لتقويض وجود الشعب اليهودي في الدولة. دخل هنا موضوع اليمين الليبرماني، لكن الفاشية؟ إن الاسئلة عن صورة الدولة والهوية الوطنية والكرامة القومية اسئلة كبيرة تُسأل في اوروبا كلها. ومن الشرعي بحثها.             "الخطابة هي المشكلة، لانه تدخل اقوال غوغائية. فعندما تبدأ تسمية هذا بعد صهيوني وذاك فاشيا، لا تعلم أين يبدأ النقاش وأين ينتهي".             لم تُذكر شخصية ليبرمان هنا عرضا. فقد قاد شعار "لا جنسية بلا ولاء" حملته الانتخابية الأخيرة. وقد كتبه بالمناسبة رافي برزيلاي الذي هو من مؤسسي ورواد حركة "دور شلوم" والذي يُعرّف نفسه اليوم أنه محافظ جديد. اليكم حكاية تاريخية صغيرة اخرى (بالمناسبة، ودون أي محاولة للمقارنة، نشأ كثير من الفاشيين في بدء طريقهم في حركات يسارية وموسوليني هو أبرزهم).             "إن مركزية زعيم قوي هي جانب من المهم بحثه في نقاش الفاشية"، يقول البروفيسور راين. "يصعب على نتنياهو في 2010 أن يشغل هذا الدور. ومن المؤكد أن لا أحد من قادة الاحزاب المتدينة يستطيع أن يشغله. فالسؤال ذو الصلة هو ليبرمان. لا شك في انه توجد خصائص قيادة قوية الحضور في صور عمله، وهذا يؤثر في اوساط ما. السؤال الرئيس هو هل ينجح في استعمال ذلك السحر الذي يؤثر في الاسرائيليين الذين جاءوا الى هنا من دول الاتحاد السوفييتي السابق وفي اوساط اخرى ايضا. أعتقد انه سيصعب عليه ذلك".             لكن ليس الجميع مطمئنين كثيرا. فـ "ملحق السبت" يُبرز ليبرمان جدا على أنه تهديد لكثير من الاسرائيليين. فقد أجاب من لا يقل عن 60 في المائة منهم بأنه يُسهم في زيادة اتجاهات قومانية متطرفة تبلغ الفاشية وهذا معطى مدهش. "استطاعت الصهيونية دائما أن تؤسس نفسها على طمس واعٍ لحدود المباديء الأساسية"، تتناول يولي تمير إسهام ليبرمان، "لانها علمت أن مطّ المباديء وراء حدها المنطقي يفضي الى كارثة. إن القدرة على التوصل الى مصالحات غير واضحة وغير قاطعة هي التي ضمنت مستقبل الصهيونية. يدفع ليبرمان بالمباديء الصهيونية الى الحد الأقصى وبذلك يقضي عليها".             ليست شعبية ليبرمان ورسائله الضخمة بين المهاجرين من رابطة الشعوب مفاجئة. يشير فاكستون وباحثون آخرون في العقد الأخير الى أن أخصب ارض اوروبية لنمو حركات وأفكار فاشية هي ارض الاتحاد السوفييتي السابق. وهذا بطبيعة الأمر سخرية تاريخية، لأن الفاشية رأت البلشوفية والشيوعية أكبر عدوّين لها. لكن مع انهيار الكتلة السوفييتية بدأت ملايين كثيرة تتابع قومانية بارزة. وهم يُجلّون ايضا قادة ذوي سلطة غير ديمقراطيين من طراز بوتين.             إن عددا من اعضاء "اسرائيل بيتنا" نشطاء جدا في جبهة الحماسة. فالى جانب عضو الكنيست روتم يمكن أن نعُد انستاسيا مخائيلي. فقد انقضت في الاسبوع الماضي على مؤيدي زيادة أرباح الدولة من التنقيب عن الغاز ودعت الى تحقيق لماذا يساعدون أعداء اسرائيل. بعد القافلة البحرية التركية الى غزة شاجرت ميخائيلي فوق منصة الخطباء في الكنيست عضو الكنيست حنين الزعبي وعُدّت في الأكثرية التي أيدت سلبها حقوقها البرلمانية على أثر وجودها فوق متن سفينة "مرمرة".             يهودية من أجل الكراهية             قرر حزب "البيت اليهودي" المتعثر، وهو وريث المفدال، أن يرفع رأسه في الاسبوع الماضي. فقد هاجم شبان الحزب، في اجراء حظي بتأييد متحمس من عضو الكنيست زفولون أورليف، هاجموا المدير العام لشركة "إل عال" وقائد سلاح الجو السابق، الجنرال (احتياط) اليعيزر شكدي، الذي ضم توقيعه الى رابطة تؤيد تسوية سياسية تشتمل على اخلاء المستوطنات. طلب المحتجون من شكدي الاستقالة أو أن تُقيله الشركة. "لا أريد السفر مع شركة يساريين"، علل اورليف الذي كان منذ زمن قريب علامة معتدلة في الصهيونية المتدينة.             يكتب فاكستون في كتابه أن الطراز الممكن للفاشية في اسرائيل سيكون الفاشية المتدينة. اذا كان هذا يعزي أحدا فانه يوجد هنا تجديد صارخ: فالفاشية الكلاسيكية تتحلل من الدين وتطمح الى أن تحل محله لتكون مركز قوة وحيدا.             "إن عمليات الانتفاضة الثانية جرّت حتى ديمقراطيين اسرائيليين كثيرين الى اليمين"، كما يحلل فاكستون. "كان يمكن في 2002 أن نسمع في الليكود وفي احزاب متدينة لغة تقترب من الفاشية: فالشعب المختار بدأ يبدو مثل عِرق أسياد يزعم أن له "غاية في العالم"، ويطلب لنفسه "المجال الحيوي"، ويشبّه العدو بالشيطان الذي يعوقه عن تحقيق غايته ويقبل أن القوة ضرورية لاحراز هذه الأهداف".             "توجد قوانين الجنسية في العالم كله"، يقول البروفيسور شاين. "فمن شاء أن يكون مواطنا انجليزيا أدى يمين الولاء للملكة. ليس عندي مشكلة أن يؤدي الجميع يمين الولاء. في اسرائيل، في اللحظة التي نحاول أن نقول فيها أن يؤدي غير اليهود يمين الولاء في حين أن المتدينين الذين لا يقبلون ألبتة فكرة الدولة الديمقراطية، يتلقون الجنسية آليا – يكون ذلك تناقضا وإن لم يكن فاشية.             "المشكلة الحقيقية عندما يدخل الجدل قوى متدينة قومانية تعيب على الدولة وعلى الديمقراطية. ليسوا فاشيين بحسب التعريف لكنهم خطرون وعنيفون. فقد قتلوا هنا رئيس حكومة من قبل".             يضيف البروفيسور يغيل ليفي انه "مثل الفاشية الاوروبية الحالية، تراوح تيارات فاشية في اسرائيل ايضا بين جعل الأمة اليهودية في المركز وتصور أن الدولة أعلى تعبير مؤسسي عنها كما نجد عند مقدمي قانون الولاء، وبين تحدي الدولة من قبل رُعاة هوية "دولة يهودا" في المناطق. انهم مستعدون لمصادمة الدولة ويحتقرون جيشها، لكنهم يُنمون ثقافة قوة ويقدمونها على النحو الثوري الذي ميز الفاشية التقليدية.