خبر : اسرائيل وانكسار تشرين.. استنتاجات اساسية .. ماجد عزام

الخميس 14 أكتوبر 2010 02:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
اسرائيل وانكسار تشرين.. استنتاجات اساسية .. ماجد عزام



                         سمحت اسرائيل الاسبوع  الماضى بنشر بعض المحاضر والبروتوكولات الخاصة باجتماعات الحكومة  اثناء حرب تشرين اول اكتوبر 1973 ,والتى تضمنت تفاصيل تنشر لاول مرة عن اداء القيادة السياسية والامنية ووكيفية تعاطيها مع مجريات الحرب انذاك التفاصيل جد مثيرة ومشوقة بالطبع غير ان ما يفوقها اهمية يتمثل بالاستنتاجات والاستخلاصات الناتجة عن قراءة مستفيضة وهادئة وعميقة لها .اول الاستنتاجات يتعلق بزيف ووهم الاسطورة التى خلقتها لاسرائيل لنفسها ان فيما يتعلق بها كدولة اسطورة تفعل المعجزات وقادرة على قهر المستحيلات او بقادتها السياسيين والعسكريين الذين صوروا ايضا كاستثنائئين وعمالقة ومن طينة اخرى غير طينة البشر العاديين  وا ظهرتهم المحاضر على حقيقتهم خائفين مذعوين منهارين -يقول الاستاذ هيكل ان  الاسطورة المزعومة الجنرال موشيه دايان وزير الدفاع انذاك انهار الى درجة البكاء اثر نجاح الجيش المصرى فى تحطيم خط بارليف وعبور قناة السويس  وليس ذلك فقط بل اقترح ايضا التخلى عن جنوده و تركهم لمصيرهم فى صحراء سيناء مع التقدم الملفت للقوات العربية على الجبهة المصرية فى الايام الاولى للحرب  الانكسار لم يقتصر على موشيه دايان بل ان  الرجل الوحيد فى الحكومة-اى رئيسة الوزراء غولدا مائير- فكرت فى الانتحار  هربا من  المسوؤلية واعتقدا بقرب انهيار الهيكل الثالث  - الدولة العبرية- تحت وطاة الهجوم العربى المنسق والمنظم والمفاجىء .تبدت فى الوثائق ايضا العنصرية الاسرائلية  فى اجلى صورها غطرسة  واستكبار تجاه العرب وشعور بالاستعلاء والتفوق تجاههم والاقتناع بفكرة انهم غير قادرين نفسيا على امتلاك الشجاعة و المبادرة لشن الحرب ناهيك عن ادارتها التكتيكية بشكل مهنى وعسكرى محترف وحتى فى ذروة انهياره لم يتخل الجنرال دايان عن عنصريته مرجعا نجاح العبور الى التفكير والتخطيط السوفيتى متجاهلا العمل العربى الابداعى على الجبهتين على حد سواء  . اظهرت الوثائق كذلك ان الاستعداد لارتكاب جرائم حرب رافق الدولة العبرية منذ تاسيسها وهكذا مثلا عرض موشيه دايان خطة ل ضرب منشات مدنية فى مصر وسورية  رغم ان الحرب كانت انذاك بين الجيوش فى جبهات القتال-سيناء والجولان-حتى لو ادى ذلك الى اصابة مواطنين عزل تحميهم  زمن الحرب الشرائع والمواثيق الدولية  وهى المعطيات التى لا تقيم لها اسرائيل وزنا او اعتبار لا وقت السلم ولا زمن الحرب .اكدت المحاضر التى تم الكشف عنها مدى تعلق اسرائيل بالولايات المتحدة ومع كل الاحترام والاعتبار لبعض التفاصيل المهمة الا ان الدولة العبرية لا تستطيع العيش بشكل فعلى خارج حاضنة الانعاش الامريكية والغربية بشكل عام  فقد ناقشت حكومة  غولدا مائير افكارا تراوحت بين خداع ادارة نيكسون –كيسنجر او ابتزازها عاطفيا وفكريا عبر استحضار دور الاتحاد السوفيتى فى الحرب تخطيطا وتنفيذا وحتى التهديد باستخدام السلاحح النووى وهو تهديد هدف اساسا الى الضغط على  امريكا للتدخل الفعلى فى الحرب وهو ما تم عبر الجسر الجوى الذى ساعد الدولة العبرية جزئيا فقط فى الخروج من دوامة الاحباط و الانهيار والانكسار واستعادة زمام المبادرة فى الايام الاخيرة للحرب ..اظهرت المحاضر فى السياق ايضا الفشل الاستخباراتى الاسرائيلى ناهيك عن التخبط العسكرى فى مواجهة الجيوش العربية المهاجمة وهى اكدت ان اسطورة الجيش الذى لا يقهر وهمية وزائفة صنعتها الدعاية الاسرائلية اضافة الى الاداء العربى السىء والخائب-على المستوى الرسمى طبعا وهو ما عبر عنه ببلاغة  موشيه دايان ذات مرة نحن محظوظين مع هكذا اعداء قاصدا  طبعا الحكومات  والقادة العرب . غير ان الخلاصة الاهم من المحاضر والبروتوكولات التى تم نشرها تتمثل  بان اسرائيل قابلة للانكسار والاندحار وان انهيارها ممكن  كنتيجة مباشرة لعمل عربى وحدوى متماسك ومنسجم وقادر على ادارة الصراع بشكل جيد وهوما اكدته وقائع الحرب المجيدة قبل ان يتم حرفها بفعل فاعل عن تحقيق اهدافها الاستراتيجية  والتعاطى معها تكتيكيا فقط كخطوة  او سبيل للوصول الى عملية السلام –حسب تعبير هنرى كيسنجر- وهى العملية التى لم ولن تؤدى الى اى نتيجة ذات بال بل  انها سمحت لاسرائيل ان تحقق سياسيا اثر انكسار تشرين العسكرى ما عجزت عن تحقيقة بعد انتصار حزيران يونيو 1976  .                                           مدير مركز شرق المتوسط للاعلام