خبر : الراقصون على الجراح.. النائب د.سالم سلامة

الأربعاء 13 أكتوبر 2010 02:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
الراقصون على الجراح.. النائب د.سالم سلامة



انتهت قمة سرت في الجماهيرية العربية الاشتراكية الشعبية الديمقراطية ، بقرارات أعادت للأمة العربية عزتها وكرامتها المفقودتين ، واختتمت القمة بمهرجانات الرقص ، وهز الأرداف أمام أصحاب الجلالة والزعامة والسمو. ولم لا يكون الاحتفال أبهج ، والرقص أكثر خلاعة ودلاعة ما دام المجتمعون في مؤتمر سرت قد أنجزوا أكثر مما يؤمل فيهم ومنهم ! لقد كان الشعب العربي من المحيط إلى الخليج قد أخبر عن ما ينتظر من هؤلاء الزعماء ، وأغلبهم مضى إلى القول أنه لا يرجى منهم خير البتة ، قياساً على المؤتمرات السابقة ، خاصة في القضية الفلسطينية، وهي قضية العرب والمسلمين في جميع أنحاء الدنيا . وقد لا يعجب المرء عندما يسمع شعوبنا العربية والتي خبرت زعماءها في السلم والحرب على السواء ، وخبرت مواقفهم من العدوان الأخير على قطاع غزة في حرب الفرقان ، والعدوان في الحرب الأخيرة على لبنان ، وقبلها في الحرب على العراق وأفغانستان والسودان والصومال ، لقد كانت مواقفهم ترفع الرأس والهامة ، إذ وقف بعضهم مع العدو ضد شعب فلسطين وأخذ يتغنى بأنه أسدى إلينا النصائح لكننا لم نأخذ بنصيحته الهزيلة ، ولما وجدت وزيرة خارجية الكيان الصهيوني هذا الموقف الخانع منه ، رفعت عقيرتها من قاهرة المعز لتشن الحرب على غزة . عرفت أنه بلسان حكومته يقف مع الصهاينة ضد فلسطين وشعب فلسطين . ولم تنس شعوبنا أن بعض الحكومات العربية وقفت موقف العداء من المقاومة في لبنان ، ولو بكلمة عتاب للعدو ، بل كان العتاب على المقاومة التي وقفت في وجه الصهاينة ، وصمدت ما لم تصمد جيوش عربية لها موازنات وميزانيات ، وتستنزف موارد البلاد على الطعام والشراب والتسليح بينما ، لم تصمد لخيانات الحكومات والقيادات أكثر من ست ساعات في ساح الوغى ، ويكذبون على الشعوب أنهم صمدوا ستة أيام في حرب الأيام الستة . كيف وقد تبرعت بعض الحكومات العربية بإرسال أبناء شعبها ليحاربوا مع الأمريكان ، الذين لم ينقصهم عدد ولا عدد ، لكي يضموا إليهم بعض الأعراب في معاركهم في منطقة الخليج . لم تنس شعوبنا العربية مواقف الحكومات الهزيلة من مذابح المسلمين في كوسوفو في الشمال من الكرة الأرضية ، ولا مذابح الهوتو في رواندا ووسط أفريقيا في الجنوب من الكرة الأرضية ، ولا مذابح المسلمين في تيمور الشرقية وفي أندونيسيا ، واعتبروا ذلك مشاكل داخلية ، وهم لا يحبون أن يتدخلوا في مشاكل البلاد الأخرى الداخلية ، كما لا يحبون أن يتدخل غيرهم في مشاكلهم الداخلية إلا الولايات المتحدة الأمريكية ، لنزاهتها وطهارتها ومواقفها المشرفة في كل قضايا أمتنا العربية والإسلامية . ولذا قام العرب يوم السبت الماضي بالخروج بقرارات حاسمة حيث منحت إدارة الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما مهلة لمدة شهر لإنقاذ ما يسمى بعملية السلام بين إسرائيل وسلطة فتح في رام الله ، لموقفة المشرف من القضية الإسلامية العربية الفلسطينية، وأنه يريد أن يقف إلى جانب الحق ، وأنه أعطى الضوء الأخضر بإقامة الدولة الفلسطينية العتيدة – والتي سماها عباس المغتصب للسلطة المنتهية ولايته – المملكة الأكذوبة . فإذا كان الرئيس الأمريكي على قدره وقيمته لم يستطع إقناع نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني المغتصب بتجميد بناء المغتصبات لمدة شهرين اثنين ، مع علمه أن الإعلان عن تجميد البناء ، ووقف الاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية لا يلزمه وقف حقيقي للبناء ، مع أن الولايات المتحدة الأمريكية تعلن للعرب والمسلمين وللعالم – ضحكاً على الذقون – أنها تعتبر الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية أراض محتلة ، وهي التي تمد إسرائيل بالآلات التي تهلك الحرث والنسل ، وتجرف الزرع الشجر ، وأدوات البناء والأموال التي تلزم لكل ذلك . فهاهم العرب المجتمعون في سرت يعطون أوباما فرصة كي يجرب نفسه مرة أخرى مع نتنياهو لعل وعسى أن يقنعه بتجميد البناء ولو صورياً وإعلامياً فقط أمام الناس ، وتبقى الجرافات والآلات الضخمة تعمل ليلاً ونهاراً دون وازع من دين أو عهد أو خلق . هاهم يعطون أوباما شهراً كاملاً ، ثم يأتي بعد ذلك جورج ميتشل ليزور المنطقة على أربع رحلات مكوكية تستغرق شهراً كاملاً ، فيكون الشهران قد مضيا دون أن يحقق أوباما شيئاً مما يضحك به على الزعماء العرب ويلهيهم به ليقنعوا شعوبهم أن صاحبة النظام العالمي الظالم الجديد قد أخذت على عاتقها أن تحق الحق و تبطل الباطل . فلنتصور السيناريوهات التي قد تحدث بعد هذه المدة . أولاً : سيستمر نتنياهو بالبناء دون توقف ، وتكون هذه المدة التي أعطيت للرئيس الأمريكي أوباما قد استغلت من قبل حكومة الصهاينة ، وأسرعت في الاستيلاء على مزيد من الأراضي ، ومزيد في البناء لوحدات سكنية جديدة دون أن يدفع نتنياهو أي شيء مقابل ذلك . لذا فلينظر العرب أن الذي يُعطى لأوباما لا يستفيد منه إلا نتنياهو فقط . ثانياً : قد يعلن أوباما مرة أخرى أنه بحاجة إلى مدة زمنية أخرى كي يضغط على حكومة نتنياهو لربما يستطيع إقناعها بتجميد البناء ، ولن يبخل عليه بنو العروبة أهل الكرم والنخوة والشهامة بإعطائه مزيداً من الوقت الذي لا يستفيد منه إلا نتنياهو كما مر سابقاً . وإذا لم يستطع إقناع نتنياهو سيخرج أوباما ليقول إن حكومة نتنياهو لم تقبل تجميد البناء ، ولذا لا بد من عودة الطرفين إلى مائدة المفاوضات مرة أخرى مباشرة أو غير مباشرة ، ليكسب يهود بقيادة حكومة نتنياهو مزيداً من الوقت لتسمين المغتصبات ، ولكن بغطاء تفاوضي عربي فلسطيني . رغم ذلك لن يسمح الرئيس الأمريكي أوباما بالذهاب إلى مجلس الأمن ليدين إسرائيل بأنها هي التي رفضت كل محاولات السلام الفاشلة ، بل إنه سيحميها – كما حمتها الإدارات الأمريكية السابقة – بحق الفيتو ، والذي أصبح سيفاً مسلطاً فقط على رقاب الأمة العربية والإسلامية دون بقية أهل الأرض . ولكن ماذا في جعبة من نصبوا أنفسهم منافحين ومدافعين عن حق الشعب العربي الفلسطيني في الأرض المقدسة . وقف عباس في مؤتمر سرت ليسمع الأمة العربية القرارات السرية التي اتخذها – مع العلم أن يهود يعلمون بها قبل أن يتفوه بها عباس – والتي تعامل معها عباس وكأنها أسلحة سرية كما علقت عليها إحدى الصحف العربية ، ليصدح بها بين جنبات المؤتمرين في مؤتمر سرت ، أولاً : جعل عباس هذه الخيارات التي سيبيح بها إلى أصحاب الجلالة والفخامة والسمو مشروطة بفشل المفاوضات المباشرة ، أو إذا لم تستجب حكومة الاحتلال لوقف الاستيطان أثناء سير تلك المفاوضات . وفتح أصحاب الجلالة والفخامة والسمو آذانهم إلى القرارات التأريخية التي اتخذها مهندس اتفاق أوسلو ، وانتظر المراقبون والمحللون السياسيون وانتظرت معهم كل الشعوب العربية المغلوبة على أمرها لعلها تسمع شيئاً جديداً يخلف ما توقعته شعوبهم منهم – مع أنها لم تتوقع منهم خيراً قط – ولم تعلم الشعوب كما لم يعلم المحللون والمراقبون إن كان عباس سبتحدث عن خيارات تتعلق بالقضية أم به شخصياً . ولكن ما هي إلا لحظات حتى انقشع الغبار ، فعرفنا أن القادم لم يركب فرساً ولا حماراً ، فإذا به جاء حافياً عارياً يجر أذيال الهزيمة ، ويعود القهقرى مرة أخرى ، ليرمي نفسه في أحضان من جعلوه ألعوبة وبهلواناً ، يضحكون به على العرب والمسلمين والعالم أجمعين . ولقد تمخض الجبل فولد فأراً ، جاء ليصدح بالمنكر من القول والزور من الشهادة ، سكت عن مقتل المجاهدين من أبناء شعبه والذين لولاهم لما كان هو وأمثاله في السلطة ، سكت لأنه تآمر على قتلهم حتى قال أحد ضباط العدو معلقاً على عملية اغتيال القائدين نشأت الكرمي ومأمون النتشة :" بفعل التنسيق نصل إلى المطلوب وهو نائم في سريره ". وسكت عن إخراج أبناء شعبه من بيوتهم وإلقائهم على قارعة الطريق في حي الشيخ جراح . وسكت عن تهويد القدس وتغيير معالمها حتى شوارعها وأزقتها ، سكت عن اعتقال المجاهدين بالمئات وتعذيبهم عذاباً نكراً ، سكت عن حرق المساجد والتي بلغ عددها ثمانية عشر مسجداً والحبل على الجرار ، سكت عن قطع أشجار الزيتون المثمرة ، وحرقها بعد أن يسرقوا ثمرها الذي جمعه أصحابها الأصليون من الفلسطينيين الذين ينتظرون الموسم من الحول إلى الحول ، سكت كما سكت عن ما فعل الصهاينة الذين يفاوضهم في حرب الفرقان في قطاعنا الحبيب . سكت دهراً ونطق كفراً ، جاء ليقول خياراته التأريخية ، وإذا بأصحاب الجلالة والفخامة والسمو يتلقفونها كأنها ماء السماء هبط على صحرائهم العطشى للشهامة والرجولة والكرامة ، حتى يقولوا : لن نجعل من أنفسنا ملوكاً أكثر من الملك ، فهذا طلب صاحب الدار ، وما على المهنئين إلا أن يباركوا لأم الولد ووالده ، ونحن نقول ما قال الله سبحانه وتعالى : ( مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) . اسمعوا خيارات عباس وهي بدائله إذا ما أصرت إسرائيل على عدم تجميد ( وليس توقف ) الاستيطان لمدة شهرين ، هاهو قد ذهب منها نصف شهر ، وهم يلهون أنفسهم وغيرهم بكلام هراء فارغ : أولاً : الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية . ثانياً : إذا لم يتحقق البند الأول ؛ نذهب لمجلس الأمن لاستصدار قرار يدعو الدول والمنظمات الدولية للاعتراف بالدولة الفلسطينية بحدود 1967م. ثالثاً : الذهاب إلى مجلس الأمن وطلب فرض نظام وصاية على الأراضي المحتلة وفقاً للمادة 77 من ميثاق الأمم المتحدة . رابعاً يتمثل بدعوة ( إسرائيل ) لإعادة الاحتلال مجدداً والتنازل عن هذه المملكة الأكذوبة ، ولا حاجة لتزيين الاحتلال كسلطة فلسطينية . ويعلم عباس قبل غيره أن هذه البدائل ما هي إلا أكاذيب جربت قبل ذلك ولم ينجح منها واحد . لقد أعلن عن قيام دولة فلسطين على الورق دون الواقع منذ 1988م في الجزائر ، ولم يُعتَرف بهذه الدولة الأكذوبة – كما يسميها رئيسها – لا من هيئة الأمم ، ولا من مجلس الأمن الذي تحرس قراراته أمريكا من أن تمس الكيان الصهيوني بأدنى إدانة ولو معنوية . كما يعلم صاحب المملكة الأكذوبة أن حكومة الكيان الصهيوني منعت المحققين من لجنة تقصي الحقائق من الولوج إلى غزة عن طريق أراضيها ، فكيف يطلب فرض نظام وصاية على الأراضي المحتلة ؟!!! وانظروا كيف يضحك على نفسه – لا على غيره – كيف يناقض كلامه في البند الرابع كلامه في البند الثالث عندما يدعو ( إسرائيل ) لإعادة الاحتلال مجدداً والتنازل عن هذه المملكة الأكذوبة . ومن قال إن الضفة الغربية محررة ؟!!! وأنت يا عباس لا تستطيع أن تخرج إلا بتصريح من ضابط إسرائيلي . الأدهى والأمر أن أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ما إن سمعوا هذا الكلام المتناقض إلا وأسرعوا بقبوله ، يظنون أن في هذا دعماً للقضية الفلسطينية وهم الذين أعطوا الغطاء لعباس وزمرته أن يستمروا في هذا الهراء ، والمفاوضات العبثية ، وأن يعطوا للكيان الصهيوني الغطاء أيضاً بالاستمرار بإهانتهم ، والدوس على كرامتهم ، وكرامة من ينتسب لهذه الأمة التي هزلت في قممها وقراراتها المشبوهة بأنها من صنع أصحاب الدهاء والمكر اليهودي . لذا لا أستغرب تصريحاً لأبي الغيط وزير خارجية مصر في مؤتمر سرت رداً على كل من يحلم كعباس في تغيير الوضع بقوله : "حشد الجيوش لرفع حصار غزة غير مطروح ، واللجوء إلى مجلس الأمن لإعلان الدولة الفلسطينية غير مطروح حالياً ". المطروح حالياً هو القبول بما يمليه علينا المغتصبون ، والقبول بالذل والمهانة ، ولذا لا عجب إن علمنا ما يصرح به عباس أمام منظمة يهودية أمريكية كما نقلت الجزيرة الفضائية قوله :" للشعب الإسرائيلي أن يسمي نفسه بما شاء ، ويقر بالتعاون الأمني مع تل أبيب ، ويقول : إن أمن إسرائيل هو أمننا" . نعم هو أمنك يا عباس وليس أمن شعب فلسطين . ولذا يظن الخائب فعلاً وقولاً أن تسمية الكيان الصهيوني بدولة يهودية ليس له أثر على واقع الأرض ، ولم يدر أنه يعلن العنصرية ، وعدم قبول غير اليهودي إلا ضيفاً ، أو زائراً ، وليس من أهل الأرض ، ولذا قد يفاوضونه غداً على أهلنا في أرض 48 في فلسطين المحتلة ، وهم الذين سيعانون أول من يعانون من تطبيق هذا القرار العنصري الأثيم . ولذا في الوقت الذي كان أصحاب الجلالة والفخامة والسمو يشاهدون فرق الرقص الإفريقي شبه العاري رجالاً ونساءً وهم يهزون الأرداف بعكس الأكتاف يُمنة ويُسرى ، كان الملعون نتنياهو يخطط ليعلن في الصباح أمام الكنيست ما اتفق عليه مع ليبرمان من تقديم مشروع قانون بسحب الجنسية الإسرائيلية عن كل من لم يعط الولاء للكيان اليهودي في فلسطين . هذا هو الجواب على تحميل لجنة المتابعة حكومة نتنياهو المسئولية في وقف عملية التفاوض . وهذا أكثر إجراماً وكبرياءً من قول شارون بعد أن دلق أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ماء وجوههم على ورقة المبادرة العربية والتي قدموها في مؤتمر بيروت – لبنان – فإذا بشارون يرد عليهم بقوله : إن المبادرة العربية لا تساوي الحبر الذي كتبت به ". في حين ما زال العرب مستمسكون بها ، حتى هذه اللحظة ، وشكلوا لها لجنة متابعة لتسويقها أمام العالم . فكفى ضحكاً على عقول من تستخدمونهم نعالاً تخوضون بها هذه المرحلة ، خاصة أولئك الذين يكثر هرجهم ومرجهم على الفضائيات قائلين : إذا لم يوقف نتنياهو أعمال البناء والتوسع ولو مؤقتاً ، يعني ذلك أن مشروعنا قد فشل ، ويلزمنا الاستقالة . وكفى رقصاً على جراح شعبنا العربي الفلسطيني المنكوب بكم وبأصحاب الجلالة والفخامة والسمو الذين يعرفون كذبكم عليهم وعلى شعبكم .