خبر : عرباً وعجماً ..ارحموا لبنان .. إبراهيم ابوالنجا

الجمعة 08 أكتوبر 2010 02:05 ص / بتوقيت القدس +2GMT
عرباً وعجماً ..ارحموا لبنان .. إبراهيم ابوالنجا



لبنان تلك الرقعة الجغرافية الصغيرة ، إذا ما قيس بالأقطار الأخرى ذات المساحة الواسعة التي لا يعرف أهلها حدودها  وجغرافيتها ، وعدد سكانها .لبنان هذا عندما ضاقت البلاد بالعباد كان مضيافاً ويتسع لكل من لفظه وطنه ومسقط رأسه .لبنان عبق التاريخ ، وواحة الديمقراطية ، وأرض الحريات وليست حريات يتمتع بها أهلوه فقط . بل كانت ملاذاً لأصحاب الفكر وأصحاب القلم ، وحملة الرأي ، وطالبي الحرية ، وملجأ للسياسيين ، ومأوى لمعارضي البرامج والسياسات المحلية القاهرة والجاثمة على صدور الشعوب ، المتمثلة في الأحزاب الحاكمة الموظفة لخدمة الحكام المنفذين لسياسات غريبة وبعيدة عن تطلعات شعوبهم .لبنان المتنفس لكل عشاق نسمات الحرية .. والحرية بأوسع وأشمل معانيها .لبنان الذي قيل عنه : المكان الوحيد الذي يستطيع المرء أن يفتح فاه بعد طبيب الأسنان .لبنان الجبل ، وما أكثر الجبال في العالم ولكنها لا ترقى إلى جماله وعشقه لرواده ، لبنان شجرة الأرز التي تشبه العروسة في خدرها ، تلك الشجرة الممشوقة التي يحلو إلى كل إنسان أن يلتقط صورة إلى جوارها ، لبنان الساحر في شواطئه وخلجانه ، وبره وبحره ، في بقاعه ، وشرقه ، وشماله ، وجنوبه ، ورماله الذهبية ، وخضرته المد هامة  .لبنان : الشعر والساسة والزعامات الوطنية والتاريخ الحافل بما هو عظيم .لبنان الفن الناطق المعبر عن الذات والجمال والأرض والسماء والهواء ، والطير والفيروز، والتليد ، والجديد .لبنان .. ثمرة المطابع التي أطلت عليها بكل علم نافع وبكل فكر مثمر ولكنه محرم عند الرسميين كافة ، فمنه امتلأت المكتبات ، وارتوى العطشى وهم أبناء الأمة المحرومون إلا من الكتب والمطبوعات الموجهة ... والخالية من أشكال المعرفة التي تبني الإنسان وتعتقل فكره وتفتح أمامه آفاق المعرفة بمسمياتها المختلفة .لبنان الحضن الدافئ لكل القادمين ضيوفاً أم مقيمين إقامة طويلة .لبنان الذي لا يحس الإنسان فيه بغربة أو عزلة أو تمييزاً عنصرياً رغم مكوناته العجيبة .كل هذا وغيره سطت عليه الفضائيات ليحل محله كل غريب على البصر والسمع عبر برامج لا تريد خيراً لهذا البلد المعطاء ، وكأني به يدفع ثمن تاريخه الحافل بكل الخير والحب والحنان .يدفع ثمن الثقافة التي أشاعها ، وثمن الحرية التي بثها ، وثمن الشجاعة التي أرضعها ، وثمن الحضارة التي نشرها ، وثمن الوحدة الوطنية التي رسخها .فهذه فضائية تابعة وممولة من نظام لا هم لها إلا نبش القبور باحثة عن أزمات ردمها الزمن لتطل من جديد بنفس ثأري حاقد .وفضائية أخرى تطل علينا بنماذج من ممتشقي السلاح في عروض عسكرية تذكرنا بالعروض زمن الاحتفالات بعيد ميلاد هذا الزعيم أو ذاك السلطان ، أو احتفاءً بانتصارات وهمية كرست القسمة والتجزئة والإقليمية والقطرية ، ولكن هذه العروض مختلفة في شكلها وطريقة مشيتها ، وما يتقدمها من صور لشخصيات ليست من تاريخ هذه الأمة . وتلك فضائية تحرض على القتل ، وتذكي روح الفتنة ، وتدق طبول حرب طائفية جديدة .وفضائية رابعة تذكر الشيء وضده لمزيد من البلبلة كأن تتحدث تارة عن قتلة القائد الشهيد رفيق الحريري رحمه الله ، وفي نفس الوقت تتحدث عن الظن قائلة عن الاتهامات الظنية : إن بعض الظن إثم . وتؤكد على قرارات المحكمة الدولية ، ومن جهة أخرى فهي محكمة تسييس القضية ، وتطوقها بالطائفية ، وقراراتها تبعث على الفتنة والطائفية .وفضائية خامسة تكذب كل ذلك وتطل بتسجيلات ورصد لطائرات العدو حين كانت تحلق أثناء مرور موكب الحريري رحمه الله .وبرنامج يديره من كان محسوباً على الخط القومي العروبي ، ولكنه يدس السم في الدسم .مشاهد كثيرة يقف المرء أمامها حائراً ومتسائلاً : ماذا تريدون من لبنان ؟ وأي لبنان سيصبح عليه لبنان بعد كل هذا ؟ هل لبنان ساحة صراعكم عرباً وعجماً ؟ وعربا عرباً؟هل يروق لكم أن تروا لبنان مقتتلاً ؟ ممزقاً شمالاً وجنوباً ؟ أم تريدونه ورقة في جيوبكم ؟ . يرد عليكم لبنان قائلاً : كفوا أذاكم ، انظروا إلى بيوتكم وأقطاركم . وظفوا الأموال في خدمة أبناء شعوبكم ، فجيوبكم لا تتسعنا .يقول لكم لبنان : إما أن تقولوا خيراً أو فاصمتوا .لا تصدروا أزماتكم الداخلية إلى لبنان ، فلبنان ليس عدوّاً لكم ولن يكون قاعدة لأفكاركم ونظرياتكم .  ونحن نقول لقادة الأمة حتى لا تبكوا لبنان ارحموا لبنان لأن المؤامرة ستطالكم جميعاً ومللنا من الكتابة والتذكير بالتجزئة والقسمة والتشطير .