خبر : ماذا اذن مقابل اتفاق سلام نهائى؟ .. ماجد عزام

الجمعة 08 أكتوبر 2010 01:57 ص / بتوقيت القدس +2GMT
  ماذا  اذن مقابل اتفاق سلام نهائى؟ .. ماجد عزام



قدمت الادارة الامريكية الاسبوع الماضى دليلاً اضافياً لمن لم يستوعب  او لا يريد ان يستوعب حقيقة انحيازها المطلق الى جانب اسرائيل وبالتالى استحالة  قيامها بدور الوسيط النزيه والامين تجاه المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية او عملية التسوية بشكل عام .السيناتور جورج ميتشل قدم لرئيس الوزراء الاسرائيلي نتن ياهو عرضاً مغرياً يتضمن حزمة مغريات وضمانات سياسية وامنية وحتى ايديولوجية تشمل الاعتراف بيهودية اسرائيل فى اى اتفاق سلام محتمل وتزويد هذه الاخيرة بالاسلحة الاكثر تطورا فى الترسانة الامريكية تتضمن سرباً اخر من طائرات اف 35 اضافة الى قنابل ذكية قادرة على اختراق التحصينات واقماراً صناعية  مع القبول بالهواجس الامنية تجاه ما يوصف بخطر الجبهة الشرقية عبر الموافقة على بقاء جيش الاحتلال فى منطقة غور الاردن خلال المرحلة الانتقالية الطويلة التى تسبق تطبيق اى اتفاق نهائى يتم التوصل اليه مع العمل على بلورة منظومة امنية عربية-اسرائيلية اقليمية لمواجهة ما يوصف بالخطر الايرانى وعرقلة اى محاولة فلسطينية او عربية خلال العام القريب للذهاب الى مجلس الامن من اجل نيل الاعتراف بدولة فلسطينية ضمن حدود حزيران يونيو  1967 اضافة الى  القبول بمناقشة ملف الاستيطان ضمن ملفات وقضايا الوضع النهائى وفى سياق المفاوضات المباشرة وليس بمعزل عنها وكل ذلك مقابل تمديد الكبح الجزئى والمؤقت للاستيطان لشهرين اضافيين  فقط.. رد فعل نتن ياهو على العرض السابق كان مزيجاً من الانتهازية والنفاق والغطرسة  حيث رفضه مبدئيا املا ربما فى الحصول على المزيد بعدما اشتم رائحة الضعف لدى ادارة اوباما وعجزها عن الضغط الجدى عليه لا قبل انتخابات الكونغرس ولا بعدها وميلها الدائم الى تقديم الضمانات والحوافز للدولة العبرية والتوصل الى حلول وسط معها وكالعادة على حساب الحقوق  الفلسطينية والعربية غير ان اخراج الرفض المبدئى الاسرائيلى للعرض الامريكى السخى كان لافتا كان لافتا وهازئا ايضا نتن ياهو طلب من الامريكيين  ان يقراوا شفتيه-read my lips- -قاصدا انه رجل مبدئى ولا يمكن ان  يتنكر او يتراجع عما وعد به ناخبيه والجمهور الاسرائيلي بشكل عام . بينما كان ميتشل يقدم عرضه السخى لنتن ياهو كان  دينيس روس مستشار الرئيس اوباما يجتمع فى واشنطن مع الاعضاء الديموقراطيين –اليهود- فى مجلس الشيوخ الامريكى بعدما وجه 78 منهم من اصل 100 رسالة الى الرئيس تطالبه بالضغط على ابى مازن من اجل عدم الانسحاب من المفاوضات  روس طمانهم بالالتزام الراسخ بأمن اسرائيل غير انه اشار الى ان مهلة الشهرين مرتبطة اساسا برغبة الادارة فى الذهاب الى انتخابات التجديد النصفى للكونغرس تشرين ثانى نوفمبر القادم ضمن اجواء هادئة ومريحة ناهيك بترجمة الالتزام الفعلى بمصالح اسرائيل الحيوية الانية والاستراتيجية عبر سلة الضمانات غير المسبوقة .العرض الامريكى لا يمكن رفضه كما تقول الصحافة الاسرائيلية غير ان الحماقة او بالاحرى التطرف والجنون وصلت الى مداها فى الائتلاف الحاكم الذى تزداد عليه وعلى رئيسه الضغوط للقبول بالعرض الامريكى الا ان التمتع بمزاياه الاستراتيجية الهائلة منوط بالتوصل الى اتفاق سلام نهائى مع الفلسطينيين يضع حلولا للقضايا المستعصية الثلاث القدس والحدود واللاجئين وهو امر لا يتماشى مع الذهنية المنغلقة والانتحارية الحاكمة الان فى اسرائيل .المعطيات السابقة لا تضع فقط علامات استفهام حول نزاهة وحيادية الوسيط الامريكى وانما تثير التساؤل ايضا عما يمكن ان تقدمه  ادارة اوباما لاقناع تل ابيب بتوقيع اتفاق سلام نهائى وفق حل الدولتين وهو الحل الذى تزعم الادارة انه بات مصلحة وضرورة  حيوية للامن القومى الامريكى  ولكن يبدو ان ثمة تحديثاً مستمراً للتصورات الامريكية لهذا الحل كى تتماشى مع التفسيرات الاسرائيلية فى اطارها الاشد يمينية وتطرفا . وفق منطق  يضع الاولوية للشكل والاطار على حساب الجوهر والمضمون بمعنى التوصل الى اتفاق  كيف ما كان بغض النظر عن  ديمومته وقدرته على حل الصراع الاقدم فى العالم. للاسف لم تعد القضية الفلسطينية وركائزها الاساسية اسيرة للتوافق والتقاسم الامريكى الاسرائيلى وانما رهينة  ايضا للمصالح والزواريب الحزبية فى واشنطن وتل ابيب وهذا امر لا يمكن بل يجب عدم قبوله واولى الخطوات لمواجهته  تتمثل بالانسحاب من المفاوضات او فى الحد الادنى الاصرار على تجميد كامل وجدى للاستيطان وهو امر لا يمكن لحكومة نتن ياهو- ليبرمان- بيغن قبوله باى حال من الاحوال ما  يعنى من جهة اخرى خلق بيئة مؤاتية لانهاء الانقسام وتكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية على ارض الواقع فى سبيل بلورة استراتيجية موحدة ومتفق عليها لادارة الصراع مع اسرائيل  برؤى واساليب مختلفة عما رايناه خلال العقدين الماضيين علما ان تجاوز اشكالية المقاومة والمفاوضات  سيخلق سيرورة تسهل على الفلسطينيين ايضا تجاوز جدلية السلطة والمقاومة  التى بدونها لن يكون بالامكان صهر كل الطاقات والامكانيات فى الاستراتيجية الموحدة السالفة الذكر .                                                        مدير مركز شرق المتوسط للاعلام