خبر : رداً على حملات التشكيك والتشهير..لا تعبثوا بطهارة المقاومة ونبل أهدافها..د. أحمد يوسف

الخميس 07 أكتوبر 2010 02:43 م / بتوقيت القدس +2GMT
رداً على حملات التشكيك والتشهير..لا تعبثوا بطهارة المقاومة ونبل أهدافها..د. أحمد يوسف



تحاول بعض وسائل الإعلام المحلية والعربية من حينٍ لآخر الإساءة للمقاومة الفلسطينية، وتحريف الكلم عن مواضعه لخلق فتنة داخل الساحة الفلسطينية، وكأن المستويات السياسية لها رأي وقيادات المقاومة لهم رأي آخر.. ونحن داخل الساحة الإسلامية لنا عقائد وقناعات حول حق شعبنا في مقاومة الاحتلال بكافة الأشكال التي تُعجلُّ برحيله، وقد اتخذت مقاومتنا للمحتل الغاصب أشكالاً مختلفة هيأتها الظروف والإمكانيات؛ ففي مرحلة السبعينيات كانت الاحتجاجات والبيانات واحدة من بين هذه الوسائل، ثم كانت انتفاضة  الحجارة في ديسمبر 1987، ثم انتفاضة الأقصى المسلحة في سبتمبر 2000، والتي سبقتها قيام المقاومة بتنفيذ بعض العمليات الاستشهادية رداً على مجزرة الحرم الإبراهيمي، وعلى اغتيال بعض القيادات السياسية والعسكرية لحركة حماس.. وقد أذكت هذه العمليات الاستشهادية واجهات الصراع مع الاحتلال، وجعلته يفكر في الثمن الباهظ الذي يدفعه جراء لاحتلاله، ويتقدم بالحلول والتسويات التي تعمل على تهدئة الأوضاع في الضفة الغربية وقطاع غزة.لقد كانت عمليات المقاومة تتطور من سنة لأخرى، لتأخذ أشكالاً نضالية فاجأت الاحتلال، مثل عمليات فتح باطن الأرض واختراق تحصينات الجيش الإسرائيلي عبر الأنفاق، وتفجير المقرات والثكنات التابعة له.لا شك أن فشل الاحتلال في وقف عمليات المقاومة الجريئة والنوعية أو التصدي لها كانت وراء رحيله عن غزة.. ومع تغير الظروف بإعادة انتشار الجيش وتحريك مواقعه بعيداً إلى المناطق الحدودية، جاءت تقنية الدفاع عن القطاع باستخدام صواريخ القسَّام وغراد من حين لآخر، وذلك رداً على الاجتياحات وأشكال العدوان المختلفة التي يقوم بها جيش العدو وطيرانه الحربي على القطاع من حين لآخر.. لقد حرصت المقاومة – دائماً- على تطوير أدوات نضالها وطرق مواجهاتها لجيش الاحتلال، وبالتالي فإن الأساليب التي توجه فيها المقاومة ضرباتها باتجاه العدو وقواته العسكرية تتحدد وفق معطيات الحالة السياسية والأمنية والظروف الإقليمية والدولية، وأيضاً حسب الإمكانيات القتالية المتاحة لفصائل العمل المقاوم، حيث إن ظهر المقاومة يحتاج دائماً إلى تغطية عربية وحماية إسلامية.. وقد شاهدنا نماذج ذلك في تجربة حزب الله وفي تجارب أخرى نضالية وسياسية معاصرة كالجزائر وايرلندا وفيتنام وأفغانستان، حيث تتضح أهمية وجود ظهر الذي يمثله الجوار الجغرافي بهدف إسناد المقاومة وتعزيز قدراتها على مواجهة الحالة الاستعمارية التي يمثلها جيش الاحتلال الإسرائيلي.وفيكم سمَّاعون لهم..لقد حاول البعض الغمز في المقاومة واللمز في حكومة إسماعيل هنية، واتهامها بأنها ألقت سلاحها وانشغلت بالسياسة..!! والحقيقة التي لا يشكك فيها من عايش هذه المقاومة وتابع مسيرتها الجهادية، ولديه العلم بحجم تضحياتها وأعداد شهدائها وجرحاها وأسراها، هي أنها فوق كل الشبهات، وتسعى – بحسب ما نشاهد - لأن تبقى على كامل جهوزيتها لمواجهة أية تطورات ميدانية يمكن أن تستهدف مواقع حكومية أو قيادات سياسية وعسكرية في القطاع.إن هذه المقاومة أسمى من أن تُمس طهارتها أو أن تلوكها الألسنة؛ فهي عبق دم الشهداء وكرامة الجرحى، كما أنها عنوانُ عزٍّ وفخر لتضحيات المعتقلين والأسرى.إن إسرائيل تعمل – بشكل سافر - على استفزاز المقاومة واستدراجها، لتعطى الذريعة لما سبق لها من عدوان يبرر الجرائم التي تلاحق قياداتها السياسية والعسكرية في المحاكم الدولية.. والسؤال الذي يفرض نفسه على الجميع: هل يتوجب علينا أن نجاريها، أم نقفز على مكرها وألاعيبها.؟ لقد علمتنا التجارب النضالية بأن "الحرب خدعة"، ونحن شعب قد عركتنا المواجهات مع هذا الكيان الغاصب منذ عشرينيات القرن الماضي، ولدينا من الفطنة والذكاء ما يجعلنا نقرأ ما يفكر به عدونا، وقد سُئل أحد الأذكياء عن العقل فقال: (معرفةُ ما لم يكن بما كان)؛ أي القدرة العالية على التنبؤ والاستشراف.. وهذا معناه في الحالة الفلسطينية الوعي بما يخطط له قادة هذا الكيان المارق في قادم الشهور والأيام.إنني أقول لهؤلاء الذين يحاولون استفزاز المقاومة عبر التساؤل غير المشروع: أين المقاومة في غزة؟!! إن المقاومة قد نجحت - عن جدارة واستحقاق- في تحرير قطاع غزة، وقد شاهدنا كيف كان المستوطنون وجيش الاحتلال يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين.. لذا، فإن من حق المقاومة أن ترسم خططها وفق معطيات الواقع الجديد، كما أننا نتفهم أن هناك متطلبات نوعية على كاهلها لمرحلة ما بعد الحرب الأخيرة على غزة.. أما الضفة الغربية الخاضعة – في معظمها– للاحتلال، وترزح تحت نير عساكره وأجهزته الأمنية وغطرسة مستوطنيه، وتتعرض للاغتصاب الجغرافي والسياسي والأمني، فهي الأحق بأن تأخذ فيها المقاومة - الوطنية والإسلامية – مداها، للدفاع عن المسجد الأقصى وحرمات الأرض المباركة، وكرامة أهلنا المعذبين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.وإذا كانت المقاومة في غزة – المحررة – معذورة لانشغالها في جهود البناء وإعادة هيكلة قدراتها الدفاعية، فما هو العذر لدى السلطة وأجهزتها الأمنية في الضفة – المحتلة - لمحاصرة المقاومة وملاحقة كوادرها الوطنية والإسلامية؟!إن التسوية ستبقى ممتنعة على الإمكان من دون أسنان وأظافر، وهذه ليست معادلة ذهنية أو هلوسة نظرية – كما يقول د. عبد الإله بلقزيز – إنها أمُّ الدروس والعبر في تاريخ الشعوب وحركات التحرر الوطني في العالم.. ويضيف: إن من أبجديات السياسية والتفاوض لدى المبتدئين أن السياسة والمفاوضة ممتنعتان بغير قوة ترفدهما وبها تمتكنان (أي تصبحان ممكنتين)، وأنهما بدون ذلك تكونان فعلاً من أفعال المقامرة. الحرب العدوانية على قطاع غزةلا يختلف اثنان على أن حجم الدمار الذي لحق بممتلكات المواطنين جراء العدوان الواسع الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة كان هائلاً، حيث إن ألاف الأسر وجدت نفسها في العراء بعدما سوَّت أطنان القنابل والصواريخ التي أطلقتها طائرات إف 16 منازلها بالأرض، كما أن القطاع الصناعي تمَّ استهدافه حتى أصبح أثراً بعد عين.. أما مقرات الحكومة ومراكز الشرطة والأمن العام فلم يتبق منها إلا أطلالاً لا يُسعد المرء مشاهدتها، لأنها تُدمي العين والقلب معاً.  لقد ألقت دولة الاحتلال المارقة بكل ثقلها في الحرب الأخيرة على غزة، حيث هدفت إسقاط حكومة إسماعيل هنية الشرعية، وإضعاف قدرات المقاومة وقوتها، وتهجير مئات الآلاف من سكانها إلى الأراضي المصرية.. لكنَّ الفشل في تحقيق انتصار عسكري سريع على القطاع كان وراء قرار الاحتلال سحب قواته، بعد عمليات قصف بالطائرات والدبابات والمدافع لمدة 22 يوماً لم تتوقف فيها جرائم العدو مجازره، حيث كان الصمود الأسطوري لشعبنا ومقاومته الباسلة في الدفاع عن القطاع والحفاظ على النظام والأمن العام، في سابقة لم تشهدها مناطق الحروب والصراعات في أماكن أخرى من العالم.بعد ذلك العدوان السافر على القطاع والدمار الذي لحق بالبنية التحتية فيه، كان الواجب يفرض علينا العمل للتخفيف من معاناة المواطنين، وتجنب إعطاء الذريعة لجيش الاحتلال لاستمرار عمليات القصف والاجتياح لمدن القطاع وقراه.. ولذلك، كان علينا أن نضع أولويات للمرحلة القادمة، مرحلة نعيد فيها بناء ما هدّمته الحرب، والتأسيس لمستقبل أفضل وشراكة سياسية تجمع الصف الوطني وتوحد قواه في مواجهة المحتل الغاصب ومخططاته المتسارعة لابتلاع الضفة الغربية.من هنا، اجتهدت فصائل العمل المقاوم على التوافق على تهدئة الأوضاع، وتنسيق عملياتها بالشكل الذي لا يعطي للاحتلال أي مبررٍ للعدوان، ويُمكّن المجتمع الدولي من تثبيت الاتهامات التي وجهها تقرير جولدستون ضد السياسيين وجنرالات الحرب في إسرائيل بارتكاب جرائم حرب والانتهاك الصارخ للقانون الدولي، واقتراف جرائم بحق الإنسانية خلال العدوان الوحشي على قطاع غزة في نهاية عام 2008.أما الحكومة في غزة فقد وضعت على جدول أولوياتها العمل على إغاثة الحالة الفلسطينية، واستنهاض قواها – كطائر العنقاء - من تحت الرماد، وبعث الحياة من جديد في أركان هذا الجيل الذي صنع لغزة وأهلها أسطورة الصمود والعزة، كما عملت الحكومة من خلال وزاراتها المختلفة في البحث على البدائل وإيجاد المخارج لتخطي ضغوطات الاحتلال وطوق حصاره القاتل.. ويمكن تلخيص أهم هذه الأولويات التي وضعتها الحكومة على أجندتها في النقاط العشر التالية:1- تفعيل جهود إعادة الإعمار، والعمل على إيواء كل الذين دمرت الحرب منازلهم.2-  توفير الحياة الكريمة لشعبنا، وخلق فرص عمل لتقليص نسبة البطالة العالية.3-  تحقيق الاكتفاء الذاتي في المنتوج الزراعي والحيواني.4-  تنشيط القطاع الصناعي، وإعادة الحياة للمنتج الوطني.5-  حشد الدعم الإقليمي والدولي لجهود رفع الحصار عن القطاع.6-  الارتقاء بالأداء الحكومي، وتطوير المؤسسة الأمنية لتعزيز سيادة القانون وضبط الميدان، وترسيخ التنسيق مع الفصائل للحفاظ على التوافق الوطني الذي جرى بعد الحرب. 7-   استعادة وحدتنا الداخلية بعيداً عن حالة الاستقطاب والعداء الفصائلي.8-  العمل على تحقيق المصالحة الوطنية وتوحيد شطري الوطن.9-  التصدي لمحاولات الاحتلال تكريس الانقسام داخل الصف الفلسطيني.10- خلق تواصل مع عمقنا العربي والإسلامي لتوفير الدعم الكافي لتعزيز صمود المواطن على أرضه، والاهتمام بقضايا شعبنا وفي مقدمتها القدس والحرية والعودة والاستقلال.نختلف، لكنَّ المقاومة تجمع إن اختلاف فصائل العمل الوطني على الرؤية في كيفية إدارة العملية السياسية وتباين المواقف حولها قد يكون مفهوماً في سياق التدافع على بلورة حالة إجماع وطني، وأن الاختلاف في وجهات النظر ينبغي التعاطي معه على أنه حالة عافية وتجليات إبداع يتوجب ألا تُفسد قضية الود القائم بيننا. أما القناعة بقدسية المقاومة بكافة أشكالها وشرعيتها كآلية نضالية لا خلاف عليها، فيجب ألا يدور حولها تناكر واختلاف، لأن التجارب علمتنا أن الحق لا يضيع إذا كان وراءه مطالب، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة. هذه مقاولات تاريخية لم يأتِ حتى اللحظة ما ينقضها أو يشكك في صدقيتها.من هنا، نقول لكل الذين يحاولون الإساءة للمقاومة أو التشكيك في طهارة ونبل أهدافها؛ أمسك عليك قلمك ولسانك، والزم غرزك.. فهذه الدولة المارقة التي فرضت وجودها بالتآمر وغطرسة القوة لم تكن موجودة قبل سبعين سنة، وأعتقد جازماً أنها لن تكون قادرة على البقاء بعدها، وقد تعلمنا من دروس التاريخ وعبره أنه ليس بالاستجداء والذلة والمهانة تتحرر الشعوب وتنال استقلالها، فالوطن كالشرف الرفيع لن يُحفظ أو يُسترد حتى يراق على جوانبه الدم.ونحن نقول لكل من يطالبنا بأن نضع السلاح جانبا هاتوا لي مستعمراً أو غازياً أو محتلا قرر الانسحاب طواعية أو لدواعي الرحمة والشفقة بالشعب المحتل، وهاتوا لي اتفاق سلام تم توقيعه في ساحة لم تكن فيها أيدي المقاومة على الزناد.لذا، يبقى النداء "خلِّ السلاح صاحي.. صاحي" معزوفة التحرير ولحن الخلود، حتى يكتب الله لنا ولشعبنا الحرية والاستقلال.