لست أعلم أكان من المناسب والصحيح أن نطلب الى الفلسطينيين الاعتراف بأن اسرائيل دولة الشعب اليهودي في اطار التفاوض السلمي. لكن لما كان السؤال قد أثير فانه لا يمكن تجاهل الرد السلبي القاطع الواضح من قائدي الفلسطينيين، محمود عباس وصائب عريقات، ومن الجامعة العربية ايضا. ولما كان جذر النزاع كامنا في عدم الاستعداد العربي لقبول حق الشعب اليهودي في تقرير المصير والاعتراف بمجرد وجود شعب يهودي في واقع الامر، فمن الواضح انه توجد هنا مشكلة غير سهلة. لكن اذا كان الجانب الفلسطيني يثير اسئلة تتعلق بمجرد الحق اليهودي في تقرير المصير، فربما كان يجوز أن نعرض ايضا عددا من الاسئلة – مهما تكن صعبة مركبة – على الجانب الفلسطيني. وكي لا يوجد سوء فهم: كما أن مسألة تقرير المصير اليهودي هي مسألة مسلّمة لليهود، فان مسألة تقرير المصير الفلسطيني هي مسألة مسلّمة للفلسطينيين لا لليهود. لكن يجوز لليهود أن يسألوا اسئلة في هذا السياق. السؤال الاول موجه الى مُجري المفاوضات من الفلسطينيين. آمل أن تنشأ آخر الامر برغم جميع العوائق دولة فلسطين المستقلة الى جانب دولة اسرائيل. لكن لما كان مصطلح "فلسطين" يشتمل في الوعي العربي على جميع المنطقة بين البحر والنهر، لا على مناطق الضفة والقطاع فقط، فمن المناسب ان نسأل قادة الدولة الفلسطينية التي قد تنشأ في المستقبل: هل من الواضح لهم أن اراضي اسرائيل ليست – ولن تُعرض كذلك في الرواية وفي المدارس – جزءا من فلسطين. كما يُفرّق أكثر مواطني اسرائيل اليهود بين "دولة اسرائيل" و"ارض اسرائيل" يجب أن يكون واضحا – لنا ولهم – أن عكا وحيفا ويافا والرملة وبئر السبع ليست جزءا من فلسطين. هذا أمر معقد، لكن اذا استمر الفلسطينيون في دولتهم المستقلة على رؤية مناطق دولة اسرائيل "مناطق محتلة" تعود للوطن الفلسطيني، فمن المؤكد أن هذا لن يُسهل مسيرة المصالحة المتبادلة. والسؤال الثاني موجه الى مواطني اسرائيل العرب: يفضل جزء من قادتهم تسمية أنفسهم "فلسطينيين من مواطني اسرائيل"، وهذا حقهم بطبيعة الامر. لكن لا يمكن أن نتجاهل أن هذا التعريف قد يبدو اشكاليا مع انشاء فلسطين المستقلة. هل يعني التعريف انهم سيرون فلسطين – التي ستكون آنذاك قد أصبحت دولة مستقلة – دولتهم ووطنهم؟ وفي مقابلة ذلك هل معنى ذلك انهم يرون مناطق سكنهم آخر الامر – الجليل والمثلث وعكا وحيفا ويافا – جزءا من فلسطين التي ستكون قد أصبحت كيانا سياسيا لا مجالا جغرافيا فقط؟. يمكن في العالم العصري الليبرالي كثرة الهويات بطبيعة الامر (ومن كاليهود في معرفة ذلك)، لكن الامر بعيد من ان يكون سهلا. ففي جو مشحون بالتوترات التاريخية، قد يساعد عدد من التوضيحات في تقديم مكانة عرب اسرائيل كمواطنين مساوين – وهذا تحدٍ سيقف على باب اسرائيل بقوة أكبر بعد انشاء فلسطين المستقلة، لان جميع التعللات الاسرائيلية الأمنية لن تكون ذات نفس الوزن والقوة. الحديث عن اسئلة صعبة، ويمكن أن نفسر مجرد اثارتها على انه محاولة للتصعيب على التفاوض، لكنني أعتقد ان العكس هو الصحيح: فمن يؤيد مثلي خاصة حل الدولتين للشعبين ويريد أن يرى مساواة مدنية كاملة لمواطني اسرائيل العرب، يحق له – وربما وجب عليه – أن يعرضها.