خبر : المستوطنون يحتفلون ونحن نلعق جراحنا ..بقلم: زياد ابوشاويش

الخميس 30 سبتمبر 2010 01:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
المستوطنون يحتفلون ونحن نلعق جراحنا ..بقلم: زياد ابوشاويش



لم يبق في الجسد الفلسطيني مكان لمزيد من الجراح فقد أثخن بالطعنات من كل حدب وصوب، وحتى الذين يفترض أنهم يحملون أمانة الدفاع عنه وحمايته شاركوا في هذا التنكيل عبر بيع الوهم لأنفسهم ولشعبهم حول إمكانية الحصول على السلام واستعادة بعض الحقوق من إسرائيل. بالأمس واليوم رقص المستوطنون والأغلبية المؤيدة لهم في الكيان الصهيوني احتفالاً بنهاية قرار تجميد الاستيطان على رمزيته و تعطيل تطبيقه خلال الفترة الماضية. بعض المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية لم يتمالكوا أنفسهم فضربوا عرض الحائط توجيهات كبيرهم نتنياهو بالامتناع عن إعلان الموقف الرسمي للكيان الصهيوني فشاركوا المستوطنين فرحتهم واحتفالاتهم ورقصهم، ولم يترك سلفان شالوم أي فرصة لنتنياهو أو محمود عباس لتسويق الوهم حول تجميد أو تبطيء الاستيطان وأعلن على رؤوس الأشهاد أن قرار التجميد قد سقط ولم يعد له وجود، بل إن هناك من قال من المحتفلين أن تجميد البناء ليس له ما يبرره سابقاً ولاحقاً لأنهم يبنون فوق أرضهم التي ورثوها عن الآباء والأجداد. الأنكى أن العودة الواسعة والاحتفالية للبناء تزامنت مع الإعلان عن قرارين خطيرين أحدهما قضائي وينص على هدم عشرات المنازل في القدس الشرقية، والثاني سياسي وعسكري ينص على شق طريق لأحد البؤر الاستيطانية في الخليل باتجاه الحرم الإبراهيمي الشريف الذي اعتبرته حكومة العدو إرثاً يهودياً، هذا الطريق الذي سيكون كارثة على أهل الخليل بحكم أنه سيأتي على أنقاض ما يقرب من خمسماية بيت لفلسطينيين يسكنون في مجرى هذا الطريق. وحتى تكتمل الرؤية لصورة الجسد الممزق أضاف السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية بعداً آخر للمهانة والألم والغضب الذي يجتاح كل نفس فلسطينية وعربية حول ما يرى ويسمع بامتناعه عن الرد على ذلك، والأكثر مرارة العودة لاسطوانته المشروخة حول القرار العربي ولجنة المتابعة العربية والجامعة العربية وكأننا شعب مسلوب الإرادة والكرامة. إن الشعب الفلسطيني قد سئم هذه الطرق الملتوية والأساليب المسيئة لتاريخه ودماء شهدائه، ويطالب بمواقف وقرارات وفعل أيضاً يتناسب مع ما قدمه من تضحيات في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية والظلم والاستكبار الأمريكي، ولم يعد بمقدوره تحمل المزيد من الاستخفاف به وبكرامته، ناهيك عن الدماء النازفة من جسده المثخن بالجراح. غالبية المحللين كانت تتوقع استئناف الاستيطان، والسيد عباس وفريقه كان يتوعد بالخروج من المفاوضات إن جرى ذلك، والخلاف كان حول استئناف البناء بشكل معلن ورسمي أم بصيغة أخرى تحفظ للمفاوض الفلسطيني والراعي الأمريكي بعض ماء الوجه، والذي جرى ورأيناه كان أكثر وضوحاً من أي قرار رسمي، وأعلن البيت الأبيض والرباعية أسفهم لذلك مع التأكيد على ضرورة استمرار المفاوضات، وتنبيه السلطة الفلسطينية إلى أهمية البقاء في ذات المربع. سيتحفنا البعض بالحديث العبقري عن تكتيك القيادة الفلسطينية الذكي والمتزن، وحكمتها في معالجة التطرف الإسرائيلي، بل سيأتينا من يقول أن على السلطة أن لا ترضخ للابتزاز وتواصل التفاوض لأن الإسرائيليين يتعمدون إجبارنا على الانسحاب من هذه المفاوضات لخدمة أجندتهم السياسية وإظهارنا بمظهر المتطرفين سياسياً...هكذا! الفلسطينيون يواجهون محنة كبيرة وأوضاعهم الداخلية مهلهلة وقادتهم لا يملكون خيارات تساعد على وقف الخسائر، أو هم لا يريدون التوجه لبدائل أخرى بحكم مصالحهم ومصالح فصائلهم ولذلك سمعنا من يتحدث عن حل السلطة، وعن انتفاضة ثالثة، بل إن هناك في أوساط حركة فتح والمؤيدين لنهج الرئيس الفلسطيني المهادن من ألمح لخيارات أخرى نملكها ويمكننا استخدامها. ليس من الحكمة إضاعة الوقت أو التعويل على مساندة المجتمع الدولي، والأولوية يجب أن تكون لوقف النزيف والخسائر المستمرة، ومن ثم بلسمة جراحنا لتعزيز صمودنا في وجه المحن والأخطار القادمة، وعلى القيادة الفلسطينية التوقف عن بيع الوهم لشعبنا. Zead51@hotmail.com