خبر : عن اسرائيل وتغيير قواعد التسوية .. ماجد عزام

الإثنين 27 سبتمبر 2010 05:20 م / بتوقيت القدس +2GMT
عن اسرائيل وتغيير قواعد التسوية ..  ماجد عزام



                    عندما طالب افيغدور ليبرمان بتبنى فكرة تبادل الارض والسكان بدلا من الارض مقابل السلام كقاعدة لعملية التسوية والمفاوضات  الجارية الان بين السلطة الفلسطينية واسرائيل لم يكن يعبر عن راى شخصى بالمعنى الحرفى للمصطلح كما زعم فيما بعد ببساطة لان ليبرمان نفسه لم يعد شخصا هامشيا فى الساحة السياسية الاسرائيلية وعندما يطرح  رئيس الحزب الثالث فى اسرائيل والثانى فى الائتلاف الحاكم رايا فان من الصعوبة بمكان التعاطى معه وكانه راى شخصى لا شان للحكومة او لاسرائيل به .من حيث المبدا يجب التعاطى بحذر مع معظم التصريحات  والاخبار الواردة من اسرائيل والتمعن والتمحيص فيها جيدا قبل استخلاص الاستنتاجات الملائمة منها وبالنسبة  لتصريح ليبرمان الاخير لا يمكن تجاهل امكانية التنسيق او التفاهم مع نتن ياهو على فحواه خاصة ان هذا الاخير كان قد اعتبر قبل سنوات امام مؤتمر هرتسيليا السنوى عرب 48 بمثابة خطر استراتيجى يجب التنبه له ومواجهته  وهو نفس ما تضمنته الوثيقة الشهيرة التى رفعها  رئيس جهاز الشاباك يوفال ديسكين الى رئيس الوزراء السابق اهود اولمرت اذن فليبرمان بديماغوجيته وصخبه وفظاظته لا يفعل شيئا اكثر من التعبير عن حقيقة  تصورات المؤسسة الامنية والسياسية فى اسرائيل دون اى تجميل او تزييف . هنرى كيسنجر  قال ذات مرة ان اسرائيل لا تملك سياسة خارجية بل داخلية فقط واستخدام هذا المنطق لفهم تصريحات ليبرمان يعنى ان هذا الاخير يحاول القول انه ليس شخصاً عدمياً بل هو في الحقيقة صاحب رؤية ويملك خطة للسلام وانه لا يرفض عملية التسوية جملة وتفصيلا وانما  بالعكس يسعى الى انجاحها عبر وضعها على القاعدة او السكة الصحيحة .اما المطالبة باستبدال قاعدة الارض مقابل السلام بقاعدة تبادل الارض والسكان فتعنى تحديثاً او تجميلاً وتحريفاً للموقف التاريخى لليمين   الرافض للقاعدة الاولى ولكن بدلا من طرح فكرة السلام مقابل السلام التى لا تعنى فى الجوهر سوى استمرار الامر الواقع يتم طرح فكرة تبادل الارض والسكان العنصرية والتعجيزية  فى ان  لاغراق المفاوضات فى المتاهات وتجاوز القضايا  الاخرى المصيرية والصعبة والحساسة مثل القدس والحدود واللاجئين . فى السياق التكتيكى يحاول ليبرمان صد الضغوط المطالبة بمواصلة الكبح المؤقت والجزئى للاستيطان  فى الضفة الغربية عبر تكريس القناعة بان المستوطنات ليست المشكلة واما استراتيجيا فهو يساوى بينها – رغم كونها غير شرعية او قانونية وفق القوانين والمواثيق،  وبين القرى والمدن والتجمعات العربية فى  الاراضى المحتلة عام 1948 كما بين المستوطنين واصحاب الارض الاصليين من عرب 48 .ربما لم ينتبه كثيرون الى زعم ليبرمان ان مطالبته بتغيير قواعد عملية التسوية تاتى ردا على رفض السلطة والجامعة العربية الاقرار بيهودية اسرائيل وبالتالى فان حصول ذلك ينسف فكرة تبادل الارض والسكان من اساسها  وهنا نعود الى فكرة التواطؤ والتنسيق مع نتن ياهو  وتحضر فكرة المؤامرة ايضا فى ضوء ما نشره موقع قضايا عبرية الثلاثاء 24 اب اغسطس الماضى عن مؤامرة سرية بين نتن ياهو وليبرمان لصد الضغوط المطالبة بتمديد الكبح المؤقت للاستيطان عبر تهديد الثانى بالاستقالة من الحكومة وفرط الائتلاف ما يعنى فى المحصلة انتخابات مبكرة تضع عملية التسوية والجهود الامريكية فى الثلاجة الى اشعار اخر .  غير ان اخطر الاشياء فى ما وراء وخلفيات تصريح  ليبرمان يتمثل فى نفى  مسؤولية  الفشل السابق -واللاحق -لعملية التسوية عن اسرائيل والقائها على الفلسطينيين والعرب كما على  المنهج  الخاطىء والقواعد غير المناسبة التى تم اتباعها من قبل امريكا والمجتمع الدولى من اجل التوصل الى اتفاق سلام نهائى للصراع فى فلسطين والمنطقة .لا خوف على عرب 48  الواعين جدا لما يحاك لهم والمصرين على التمسك بحقوقهم وخوض الصراع حتى النهاية دفاعا عنها غير ان الامر مختلف للاسف فى الضفة الغربية وغزة ورغم التحليل الصحيح لتصريحات ليبرمان من قبل السلطتين الا ان الاستنتاجات لم تكن كذلك طالما لم يتم انهاء الانقسام وتكريس المصالحة من اجل مواجهة ليبرمان و الحكومة الاكثر تطرفا فى تاريخ اسرائيل فلا فائدة من الثرثرة والجعجعة  التى لا تسمن ولا تغنى من جوع .                                                          مدير مركز شرق المتوسط للاعلام