فى السياسة ألأسرائيلية كل شئ ممكن ، وكل الخيارات والأحتمالات مفتوحه ، ويعزى ذلك لسببين رئيسيين ، أولهما البنية والتركيبة السياسية المتعدده التى يتكون منها النظام السياسى الأسرائيلى ،ويتمثل ذلك فى كثرة ألأحزاب والقوى السياسية التى تتشكل منها السلطة ، وثانيها غياب ظاهرة الحزب السياسى المسيطر والمهيمن كما فى حالة حزب العمل حتى عام 1977، عندما كسر الليكود هذا ألأستئثار ، وأيضا غياب ظاهرة الحزبين الكبيرين العمل والليكود ، وهذا ما اكدته ألأنتخابات التشريعية الأخيرة ، والتى لم يحصل أى منهما على عدد من المقاعد يسمح له بتشكيل حكومة مرتاحه ، وبروز دور الأحزاب السياسية الصغيرة وخصوصا دور الأحزاب اليمينية المتشدده كحزب بيتنا الذى يقوده ليبرمان ، ويمكن أن نضيف عاملان آخران ، صعوبة إن لم يكن أستحالة التمييز بين ألأحزاب والقوى السياسية فى أسرائيل وخصوصا فيما يتعلق بالصراع العربى ألأسرائيلى ، ولذلك سيان عند الناخب الأسرائيلى أن يأتى أى من ألحزاب ألسرائيلية وقادتها، والعامل الثالث غياب ظاهرة الزعامة التاريخية التى يسعى اليها نتانياهو والذى قد يتميز عن غيره من الزعامات ألأسرائيلية ألأخرى ، حيث أنه ألأقدر أسرائيليا على تحقيق تسوية سياسيه ـ ولديه القدرة على أقناع المواطن ألسرائيلى بها ، فلديه قدرا من الكارزمية التى يحاول أن يستفيد منها ليرقى ألى مرتبة زعماء أسرائيل كبن جوريون ، وعليه عدم قدرته على تحقيق ذلك سيفسح المجال قويا أمام شخصيت أخرى ، قد يأتى ليبرمان فى مقدمتها .هذه الملاحظات مهمه ونحن ندخل فى مفاوضات مباشرة بهدف الوصول الى تسوية قد تلبى الحد ألأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية ، وتثير لدينا تساؤلا هاما هل يفكر الفلسطينيون بخيارات الحاضر ام خيارات المستقبل وأين دور المتغير الأسرائيلى فى أى معادلة سياسية قادمه ؟وفى البداية ينبغى التأكيد على أنه فى الوقت الذى يشكل فيه المتغير ألأسرائيلى متغيرا رئيسا سواء فى الحرب أو المفاوضات ، وان هذا المتغير يلعب دورا مؤثرا فى عناصر المشهد السياسى الفلسطينى بما يتفق والمصلحة ألأسرائيلية ، نجد غيابا لدور المتغير الفلسطينى وتراجع دوره ، وبدلا من ان يلعب دورا متوازنا ومعادلا للمتغير ألأسرائيلى ، فهذا الدور مغيب فى التأثير على معادلة السياسة ألأسرائيلية فى الداخل ، وقليل التأثير فى أدارة الصراع ، وقد ينحصر دوره السلبى فى السياسة الفلسطينية الداخلية . وبناءا عليه يبقى المتغير ألأسرائيلى المتغير الرئيس فى نجاح او فشل أى مفاوضات ، فإسرائيل الطرف ألأقوى عسكريا ، وهى السلطة المحتلة للأراضى الفلسطينية ، وتتحكم فى خيارات الفلسطينيين حتى خيار الذهاب الى مجلس ألأمن لأستصدار قرار قيام الدولة ، وهى التى تعطل تنفيذ كل قرارات الشرعية الدولية ، وهى التى تتحكم فى عمليةبناء ألأستيطان فى ألأراضى الفلسطينية ، وبنعم أو لا منها قد يتم الحكم على المفاوضات بالفشل أو ألأستمرارية .وهذا ما أثبتته سنوات المفاوضات الطويلة دون تسوية ، ودون قيام الدولة الفلسطينية . وهذا ما أكده بن جوريون منذ البداية انه لا وقت للمفاوضات طالما أن اسرائيل لم تحقق أهدافها من ضم ألأراضى الفلسطينية ، ودون قيام اسرائيل الكبرى . بإختصار أسرائيل تملك عناصر القوة اللازمة لأى عملية تفاوضية تحقق لها أهدافها السياسية العليا . ولعل ما يميز المتغير الأسرائيلى أنها تعرف ما تريد ومتى تريد ،وتعرف جيدا أن توظف عناصر سياساتها الداخلية عكس الحالة الفلسطينية تماما ، فعندما تشعر أسرائيل انها فى مأزق تفاوضى ، وانها قد تتعرض لضغوطات خارجية كبيرة وبالذات من الطرف ألأمريكى ، وعندما تشعر أن موازين القوى فى المنطقة بدات تميل لغير صالحها قد تلجا الى تحريك المتغير ألأسرائيلى الداخلى لها بما يخدم أهدافها ، وهنا تبرز هذه الخيارات التالية : الخيار الأول أنسحاب ليبرمان وحزبه من الأئتلاف الحكومى القائم وإنضمام حزب كاديما والعمل ، وهذه ألأحزاب الثلاث تملك أكبر قوة برلمانية لأى حكومة ، هذا الخيار وإن كان مستبعدا الى حد ما لكنه يتوقف على صورة التسوية التى يمكن أن تتحقها أسرائيل فى هذه المفاوضات ، وما إذا كانت تستحق الذهاب الى هذا الخيار .وأما الخيار الثانى وهو خيار قائم ألدعوة لأنتخابات مبكرة ، عن طريق حجب الثقة عن الحومة أى لأى سبب آخر. وفى هذه الحالة قد تكون فرصة ألأحزاب الصغيرة ألأخرى قوية ، إن لم تضمن تشكيل حكومة فيما بينها وهذا مستبعد تماما ، فعلى تقدير قد يصعب تشكيل أى حكومة بدونها ، وهنا قد يبرز دور ليبرمان أقوى من ذى قبل ، وتبرز معه قوة ألأحزاب اليمينية المتشدده ، وهذا ما تؤكد عليه أستطلاعات الرأى فى داخل أسرائيل والتى تؤكد توجه المجتمع ألأسرائيلى نحو اليمين بشكل ملحوظ ، وإذا ما حدث هذا الخيار قد يكون من الصعب الحديث عن خيار مفاوضات أو سلام . وعندها ستكون أسرائيل هى ألخاسر ألأكبر من إختيارها هذا . وفى الوقت ذاته على الفلسطينيين أن يستعدوا لمثل هذا خيار منذ ألأن بخيارات مقابله تقوم على التوحد فى الموقف الفلسطينى ، والتوحد والتوافق فى رؤاه السياسية لمستقبل الصراع ومتغيراته المتسارعة بدرجة أكبر من قدرة المتغير الفلسطينى على أستيعابها. |أكاديمى وكاتب عربىDRNAGISH@GMAIL.COM