خبر : حرب النجوم في الشرق الأوسط ..رجب ابو سرية

الثلاثاء 21 سبتمبر 2010 12:07 م / بتوقيت القدس +2GMT
حرب النجوم في الشرق الأوسط ..رجب ابو سرية



مع انتهاء ولاية الرئيس الأميركي/ الجمهوري الأسبق رونالد ريغان، كان برنامجه الذي أطلقه في مواجهة الاتحاد السوفياتي، في ذلك الحين - أعوام الثمانينيات - تحديداً من 1980 الى 1988 - وسمي بحرب النجوم، في إشارة الى ان البلدين اللذين نشأت بينهما حرب سميت بالباردة، بدأت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، بعد ان كانا محتالفين ضد المحور في تلك الحرب، وجدا نفسيهما خلال حوالي اربعة عقود في حالة من سباق التسلح، والتنافس على زعامة العالم، وصلت ذروتها، بمحاولة غزو النجوم، بعد التسابق في الوصول الى القمر، وتنمية برامج تطوير الاقمار الصناعية وما الى ذلك من وسائل وادوات الحرب غير التقليدية، التي انجبت عددا من الافلام (حرب الكواكب وما الى ذلك)، الى أن تفاجأ العالم بأن اميركا كسبت الحرب، دون ان تندلع ولا على اي مستوى، حين انهار الاتحاد السوفياتي من الداخل، وتفكك الى دول مستقلة، لم تنجح محاولات الروس بعد ذلك في جمعها ضمن دائرة- كونفدرالية الدول المستقلة.تذكر حرب النجوم، التي أطلقت كبرنامج تصعيدي ضمن سياق الحرب الباردة، بما يحدث هذه الايام بين إسرائيل من جهة واعدائها الاقليميين، (دول وقوى المانعة) من جهة ثانية، ففي الوقت الذي سارعت فيه اسرائيل الى الاحتجاج على روسيا بعد اعلانها عن تزويد سورية بصواريخ تعترض الزوارق الحربية، لدرجة الاعلان عن رد اسرائيلي بدعم جورجيا والدول التي تربطها علاقات متوترة مع روسيا باسلحة متطورة، كذلك مراجعة ما حدث من تحسن في العلاقات بين البلدين بعد زيارة ايهود باراك قبل نحو اسبوع فقط للعاصمة الروسية، هذا الذي وجد نفسه محرجاً، بعد الاعلان الروسي الخاص بدعم سورية عسكرياً، اعلنت ايران عن حصولها على تقنيات تساعدها في اكتشاف طائرات الشبح، التي هي ضرورية جدا على ما يبدو، في حال اقدمت اسرائيل على ضرب المفاعل النووي الايراني، بمثل هذه الطائرات، مما دفع باراك للذهاب الى اميركا للحصول على قنابل ذكية من شأنها أن تخترق الانفاق والطبقات المسلحة التي تحتمي تحتها ورش تخصيب اليورانيوم الايراني.صحيفة "يديعوت احرونوت" وسعت دائرة التنافس العسكري، او استعداد المنطقة لمواجهة عسكرية محتملة، بالاشارة الى ان زيارة باراك لواشنطن جاءت بعد الاعلان عن صفقة الاسلحة الاميركية للعربية السعودية وقيمتها 60 مليار دولار، حيث تسعى اسرائيل للتفوق التكنولوجي في المنطقة، بما يشمل تفوقها على الجميع، وليس على ما يوصف بدول وقوى المانعة، او الاعداء المعلنين الان، وهكذا كانت اسرائيل دائما، تحسب ضمن حجم القوة المعادية كل القوس العربي والاسلامي، من مراكش الى اندونيسيا.من الطبيعي إذاً ان تعد اسرائيل وهي تفكر في الحرب الى تحضير عسكري، يضمن لها النصر، حتى لو فتحت الجبهة واسعة ضدها وشملت كل اعدائها المعلنين الان (ايران، سورية، حزب الله، وحماس)، وهذا يعني بأن التحضير يتم لحرب واسعة وشاملة، سينجم عنها ضحايا ان لم يكن مئات الالاف فعشرات الالاف وربما اكثر من ذلك بكثير، وأن الحرب لن تكون تقليدية ابدا، لن تستمر طويلا، كما كانت حروب الخليج: الاولى والثانية والثالثة، لكن الضحايا من البشر سيكونون عشرات الالاف ان لم يكن اكثر، كذلك سيتم تدمير بنية تحتية ومؤسسات اقتصادية وحياة عامة بمئات مليارات الدورلارت. لكن النتيجة قد تتوقف عند حدود تدمير المفاعل النووي، او حتى تأخير انتاج ايران للقنبلة النووية، اي دون اعلان حاسم للحرب، أي ليس كما حدث مع العراق من قبل الاميركيين.العنصر غير الملحوظ هنا، مع تسابق الاطراف للتفكير فقط في الحسم العسكري هو التطورات الداخلية، التي قد تغير من طبيعة المعادلة، بل وان تؤدي الى نتائج، تعجز عنها القوة العسكرية، نقصد بذلك الانقلابات الداخلية، فاذا كانت حتى حماس ومن قبلها حزب الله يحضرون فقط للمواجهة العسكرية، فربما كانوا يقعون في الفخ الدولي - الاسرائيلي، وهو اشغالهم عن اوضاعهم الداخلية. في لبنان ربما كانت متابعة وتطورات قضية المحكمة الدولية، شكلاً من أشكال الاشتباك والمشاغلة لحزب الله، الذي رغم ذلك يقوم ليل نهار ومنذ عام 2006 بتطوير شبكته الصاروخية، التي تعتبر جوهر قوته العسكرية، واهم عناصرها، فيما تحاول حماس ان تطور من مدى الصواريخ التي لديها، واضافة معدات اخرى من نمط الصواريخ المضادة للطائرات، وقد كشفت قضية اعتقال "دبابيش" في مصر، عن محاولته ادخال اجهزة اتصال متطورة، ذات طبيعة واستخدام عسكري، اي ان حماس أيضا تجد نفسها ضمن دائرة سباق التسلح الاقليمي الدائر الان في المنطقة. أسوأ ما يمكن أن يترتب عن التحضير لحرب إقليمية شاملة، ليس فقط الخسائر والضحايا التي يمكن ان تنجم عنها في حال اندلاعها وحسب، ولكن تعطيل الحياة المدنية العامة، وفقدان الثقة بمشاريع التنمية، وسيادة اقتصاد الحرب، وفي السياق مجمل الحياة المدنية والحريات والديمقراطية، ولعل حالة التسخين السياسي القائمة ومن ضمنها عملية المفاوضات المباشرة، قد نحت جانبا ليس مشروع المصالحة الفلسطينية الداخلية، بل أيضا ادت بحالة التوافق الداخلي اللبناينة الى التراجع، كذلك تم اغلاق ملف تبادل الاسرى، وبذلك تعطلت كل الملفات التي كان يؤمل بإمكانية حلها تفاوضياً، وشيئا فشيئا وربما باسرع مما يتوقع الكثيرون، تكون عملية اطلاق المفاوضات المباشرة قد حققت هدفها الاميركي / الاسرائيلي، حيث لن يكون الطرفان معنيين بتحقيق انجاز او تقدم، بل بالتحول الى تسخين الحالة الاقليمية، بحيث تتحول "حرب النجوم الاقليمية"، ان صح التعبير، الى وسيلة لتطويع الممانعة الشرق اوسطية، او لشن حرب فعلا، حيث في كل الاحوال لا بد أن "يتعايش" الشرق الأوسط مع النظام العالمي الجديد، الذي نشأ بعد انتهاء الحرب الباردة. Rajab22@hotmail.com