كشف رئيس الوزراء السابق امس النقاب عن تفاصيل جوهرية من المفاوضات التي ادارها مع ابو مازن، وفيها تنازلات كثيرة بعيدة المدى كان مستعدا لان يقدمها. ورغم تلك التنازلات، كما يعترف، لم يكن الفلسطينيون قادرون على ابرام اتفاق. "هذه التسوية لم تتحقق لان الطرف الفلسطيني لم يكن مستعدا لاتخاذ الخطوة الاخرى التي اتخذناها"، قال. وعندما سأل زعماء مختلفون اذا كانوا يعتقدون أنه كان ممكنا عرض شيء اضافي كان سيحقق الفارق، اجابوا، على حد قوله، بالسلب قائلين: "هذا العرض كان ينبغي أن يؤدي الى اتفاق". في ظل لوائح الاتهام ضده في المحكمة، ولكن لا يزال تحت حراسة المخابرات، وصل اولمرت امس لالقاء محاضرة في مؤتمر لمنظمة "مبادرة جنيف" في تل أبيب. وكشف النقاب عن أنه توصل الى اتفاقات في كل البنود تقريبا مع الفلسطينيين بل وسلمهم خرائط مفصلة، وفيها رسومات لتقسيم البلاد وتقسيم القدس، حتى مستوى السيطرة على الشوارع المختلفة في العاصمة. وحسب اقواله، عرضت الخرائط في 13 ايلول 2008. وكشف اولمرت النقاب لاول مرة بانه اضافة الى ذلك كان رئيس الوزراء الاول الذي وافق على دخول نحو 20 الف فلسطيني الى الاراضي الاسرائيلية في غضون خمس سنوات، توصل الى اتفاق مع الادارة الامريكية بان تستوعب الولايات المتحدة نحو 100 الف لاجيء فلسطيني في نطاقها، اضافة الى تعويض مالي سيناله لاجئون آخرون. "60 سنة لم يقم رئيس وزراء اسرائيلي ليقول هذا الى ان قلته أنا: نحن نشعر بالشفقة العميقة تجاه المعاناة التي لحقت بمن كانوا سكان دولة اسرائيل، والواقع فرض عليهم مكانة اللجوء. قلت أيضا ان الاطار الصحيح لمبادرة اللاجئين هو مبادرة السلام العربية". الفلسطينيون: هذا عرض فقط رئيس الوزراء السابق صرح بان اتفاقه قام على أساس عودة الى خطوط 67 مع تبادل للاراضي. واضاف بان أمله هو أن يكون هذا هو الموقف الرسمي لحكومة اسرائيل وشرح قائلا: "امر كهذا سيخلق انطباعا هائلا ويغير كل الاجواء حول مكانة دولة اسرائيل، التي هي اليوم اشكالية ولم تكن كذلك قبل سنتين". اما بالنسبة للقدس فأوضح بانه تبنى صيغة بيل كلينتون، في أن تكون كل الاحياء اليهودية، بما في ذلك تلك التي بنيت في حرب الايام الستة، ضمن السيادة الاسرائيلية، وكل الاحياء غير اليهودية تكون تحت سيطرة فلسطينية. بعد ذلك روى بانه تنازل عن السيادة اليهودية في الحرم وفي كل الاماكن المقدسة في الحوض المقدس في البلدة القديمة من القدس (جبل الزيتون، مدينة داود والبلدة القديمة التي فيها الحرم، المبكى وكنيسة القيامة – ش. تس). "لا يمكننا الوصول الى اتفاق اذا كان أي من الطرفين سيطالب بالسيادة على الحوض المقدس"، شرح التنازل عن المكان الاكثر قدسية للشعب اليهودي. "يحتمل ان يكون هذا في الفكرة اليهودية، ولكن الحوض المقدس ستديره أمانة دولية من خمس دول: اسرائيل، السعوديون، الاردنيون، الامريكيون والفلسطينيون. اما حق الوصول الى الاماكن المقدسة فيكون مضمونا للجميع. اذا توصلنا الى اتفاق في هذا، فان العالم بأسره سيرتعد انفعالا". مصدر كبير في مكتب أبو مازن أكد معقبا على الامور بانه باستثناء الولايات المتحدة اعربت دول اخرى عن موافقة مبدئية لاستيعاب لاجئين فلسطينيين في اطار اتفاق مستقبلي مع اسرائيل، ولكن حسب أقواله كان هذا مجرد عرض وليس اتفاقا أو تفاهمات ملزمة مع الفريق الفلسطيني المفاوض: "الفريق المفاوض عن حكومة اولمرت طرح الفكرة أمام بعض الدول في شمالي امريكا واوروبا، والتي أعربت عن موافقة مبدئية على الاقتراح. يحتمل أن يكون اولمرت توصل الى اتفاق بشأن اللاجئين مع الادارة الامريكية، ولكننا لم نوافق ابدا على هذه المبادرة". وأضاف هذا المصدر بان "حكومة اولمرت وافقت على ان تستوعب داخل الخط الاخضر بضع عشرات الالاف من اللاجئين، بينما مطلبنا كان ان تستوعب اسرائيل في نطاقها مئات الاف اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا في 1948".كما كشف اولمرت النقاب في اطار حديثه أمس عن أن الفلسطينيين وافقوا على رزمة الامن التي اقترحها لسلامة دولة اسرائيل. رزمة تقوم حسب اقواله على ثماني نقاط بلورها مع وزرائه "بمن فيهم وزير الدفاع"، على حد تعبيره. "الرئيس جورج بوش قال لي انه يضمن هذه النقاط وأنه سيحرص على أن تنقل الامور الى الادارة التالية ايضا"، هذا ما كشف النقاب عنه من محادثات داخلية مع زعيم القوة العظمى.