تذكرنى المفاوضات الفلسطينية ألأسرائيلية وكيفية التعامل مع الفلسطينيين والضغوطات التى تفرض عليهم بإستراتيجية حبو ألأطفال ، والتعامل معهم تارة بالترغيب والدلال ، وتارة بالعقاب والنهر حتى ولو كان صغيرا , وهذا هو حال الفلسطينيين ،الذين يبدو أنهم منغمسون فى هذا الدور . وأعود وأتساءل ماذا نقصد بهذه ألأستراتيجية ؟ وهل يمكن للفلسطينيين أن يتخلصوا منها ؟أو بسؤال أدق هل يمكن أن يتجاوزوا هذه المرحلة ؟كلنا يتذكر العبارة الثابته لأننا عشنا فيها : داده خطى العتبة دادا، والتى كان ومازال يرددها ألأب والأم وهم يشجعون أبنهم على المشى لمسافة لا تعدو مترا أو مترين أقصاها حد الباب أو عتبة الغرفة ويقف عندها حتى لا يقع ، وهذه العملية تتم تحت رقابة ومرأى من ألأبوين اللذين يشجعان أبنهما على المشى . حيث عظام الطفل ما زالت هشة ضعيفة لا تقوى على الوقوف .وإذا ما ترك بمفرده إما أن يسقط ويتعرض لأصابة تؤذيه ، واما أن يعرض احد آثاثات البيت للكسر . وهذه المرحلة تسبقها مرحلة الحبو على أربع ، والتى يتنقل الطفل من خلالها من مكان الى آخر فى البيت أو الغرفة الصغيرة التى يعيش فيها ، وهذه المرحلة ايضا تحتاج الى رعاية أبوية مستمره ، وبعد هاتين المرحلتين يدخل الطفل فى مرحلة ثالثه وهى القدرة على المشى بمفرده ، وقد تكون أكثر المراحل خطورة حيث يبدا الطفل فى الأعتماد على نفسه اكثر فى المشى ـ لكنها المرحلة الأكثر خطورة ، لأن الطفل فيها قد يتسلق نافذه أ و سورا ، اويقف على كرسى ، وكل هذه المظاهر قد تعرض حياته وحياة ألآخرين للخطر والهلاك . وهذه المراحل الثلاث تسبقها مرحلة الرضاعة ألأولى التى بناءا عليها يكتسب الطفل مقومات الحياة الذاتية المستقلة والطبيعية ، وتتوقف عليه شخصية الطفل فى المستقبل ، وقدراته وتوجهاته، ورؤيته للحياة ، وتشكل حياة هذا الطفل امتدادا لحياة أبويه ، لتبدأ مسيرة الحياة الطويلة .والسؤال الذى أطرحه هنا هل من علاقة بين هذه المراحل والوضع الفلسطينى الحالى ؟ وهل المقارنة هنا جائزة وصحيحه ؟ فى البداية هذه المراحل قد نعيش فيها حتى لو كانت سنوات العمر أكبر من سنوات الطفولة ، فالمعيار هنا ليس بالعمر ولكن بالقدرة على التصرف الذاتى المستقل ، والقدرة على أتخاذ القرارات التى تضمن أستمرارية الحياة وتواصلها من جيل الى آخر. وبهذه المعايير يمكن ملاحظة ان مظاهر مراحل الطفولة ألأربع ما زالت مسيطرة فلسطينيا ، وإن كنا قد وصلنا الى المرحلة الرابعة التى قد اشرنا ووقفنا عندها ، وهى المرحلة ألأخطر ، حيث ينظر الينا الأخرون بقلق وخوف شديد من تصرف ما . بهذه الصورة يتعامل معنا العالم ، وتتعامل معنا أسرائيل ، الفلسطينيون غير ناضجين سياسيا ، ولا يؤتمن أن يمنحوا دولة كامله ، وإلا قد تعود عليهم بالضرر وعلى غيرهم بالكوارث ، ألم يمنح الفلسطينيون سلطة وحكم من باب التجريب والمراقبة ، وماذا فعلوا بها ، أقتتلوا من اجل الحفاظ كل منهم على الحكم والجاه والنفوذ والسيطرة ، أو لم يشكلوا ميليشيات عسكرية ، ويحالون أن يقتنوا السلاح مثل الطفل الذى يقتنى العابه وفي ماذا يستخدمها اليس فى القتل والتدمير ، فما بالنا لو منحوا هذه الدولة بدون رقابة ، وبدون قيود تحد من حركتهم ، وبدون رعاية وتواجد مستمر حتى نضمن ان هذه الدولة الجديده ، والتى تشبهها أسرائيل والغرب باللعبة النارية فى يد الطفل ، أو كالمسدس اللعبة بدون رصاص ، لأنه لو منح هذا المسدس فقد يقتل نفسه ويقتل الآخرين . حتى المفاوضات فطالما أن الطفل لا يعرف مصلحة نفسه فما عليه ألا أن ينفذ تعليمات أبويه من أرشادات ونصائح ، وهكذا المفاوضات ، الفلسطينيون يفتقدون القدرة على المبادرة الذاتية ، وكيف لطفل ان يقدم حلولا لقضايا ومشاكل عويصه ، وهكذا تقدم له الحلول الجاهزة ، وهنا نسمع بدولة فلسطينية بمواصفات امنية أسرائيلية ، المهم أن يكون للفلسطينيين دولة ، لكن ليس من سلطتهم التحكم فى أستمرارها وبقائها فهذا يتوقف على الدعم والمعونة التى ستتلقاها الدولة حتى تعيش ، ومن يمكلك الرضاعة والتغذية يملك القدرة على منح الحياة . المطلوب أن يبقى الفلسطينيون فى المرحلة الرابعة من طفولتهم يتحركون فى الرقعة المخصصة لهم فقط ، وضمن حواجز وحدود آمنه وإلا قد يسيئون للدولة التى فى أيديهم ، ولذلك ليس من حقهم حمل سلاح ، او أمتلاك مواردهم الذاتية والتصرف فيها بمفردهم ، فطالما الأنسان طفل فهو فى حاجة دائما لرعاية ورقابة مستمره من غيره. هذه هى الحياة التى ما زلنا نعيش فى اكنافها ، ويبدو أننا أستسهلنا هذه الحياة ، لأنها تأتى لنا بالمساعدات والحليب والماء والأوكسجين ، والمال ، والأهم بالألعاب التى نقضى فيها وقتنا ، وألألعاب هنا كثيرة ومتنوعةأهمها لعبة الحكم والسلطة ، ودمى الحكم كثيرة فى العالم والتى بيد ألأطفال، والمصانع الصينية تجيد أنتاج هذه الألعاب ، وحتى لو كسرت يمكن تعويضنا بغيرها . وما زلنا نرضع من غيرثدى ألأم الفلسطينية وبحليب مستورد من كل بقاع الأرض ، وطالما نتغذى على حليب غير وطنى ونقى وخالص من الشوائب فسنظل نعيش فى مرحلة الطفولة الرابعة ، وفى حدود دادا خطىالعتبة دادا التى تريحنا وتريح غيرنا . اكاديمى وكاتب عربى drnagish@gmail.com