بعد أن التقط بعض انفاسه في الشمال، سيعود رئيس الوزراء اليوم الى مشكلته الاكبر، تلك التي من شأنها أن تضعضع استقرار حكومته: تجميد البناء في المستوطنات. بنيامين نتنياهو أعلن في الاشهر التسعة الاخيرة بان التجميد سينتهي كما كان مخططا له في 26 ايلول، ولكن مقربيه ايضا يعترفون في الاونة الاخيرة بانه يتعين عليه أن يتصبب عرقا كي يجد حلا وسطا يرضي الامريكيين والفلسطينيين من جهة والمستوطنين ووزراء الليكود الاكثر يمينية من جهة اخرى. من المتوقع لنتنياهو أن يبدأ غدا جولة محادثات مع الوزراء للبحث معهم في مستقبل التجميد ومحاولة الوصول الى صيغة تكون مقبولة من معظم اعضاء الحكومة. ومع ذلك، فان مسؤولين في الليكود يقدرون بانه اذا لم يرضِ الجناح اليميني في الحكومة – فسيعلق الائتلاف في أزمة سياسية حادة. وسيضطر في الاسبوع القادم الى أن يطرح على هذه المعادلة على الطرف الاخر – حين يصل الى واشنطن لاستئناف المحادثات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين. رغم التصريحات التي تقضي بان المحادثات ستبدأ بدون شروط مسبقة، اوضحت الادارة الامريكية في الاونة الاخيرة بانها "على علم" بمطلب الفلسطينيين في أن يستمر التجميد بعد 26 ايلول ايضا. وقال الناطق بلسان وزارة الخارجية الامريكية فيليب كارولي ان "موضوع المستوطنات والتجميد سيطرح في المحادثات عندما يلتقي الزعيمان مع الوزيرة كلينتون في 2 ايلول". وامتنع الناطق عن الاعلان بصراحة بان الولايات المتحدة تطالب باستمرار التجميد، ولكنه اشار الى أنها "تتوقع من الطرفين ان يبذلا كل ما في وسعهما كي يخلقا اجواء تتيح للمحادثات الاستمرار بشكل بناء". موظف امريكي كبير في اسرائيل، بالمقابل، قال أمس امورا اكثر قطعا: "نحن نعتقد بان البناء في المستوطنات غير شرعي، ونتوقع من الطرفين الا ينفذا أي خطوة من شأنها أن تقوض المحادثات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين. الرئيس اوباما وضع مكانته على الكفة وكرس لهذا الموضوع لقاءات لا حصر لها، زمنا طويلا وجهدا كبيرا. هذا موضوع هام جدا بالنسبة له". غير أنه حيال الموقف الواضح الذي يعرضه الامريكيون، يقف رئيس الوزراء تحت ضغط كثيف بقدر لا يقدر عن ذلك في البلاد. ويحاول نتنياهو الان ايجاد حل وسط يقوم على اساس اقتراح الوزير دان مريدور وبموجبه يلغى التجميد في الكتل الاستيطانية ويستمر في البلدات المنعزلة التي لن تبقى بيد اسرائيل في اطار التسوية الدائمة. غير أن وزراء مثل موشيه بوغي يعلون وبيني بيغن يعارضون المبادرة بشدة. هذا وتجولت الوزيرة ليمور لفنات امس في مستوطنة أفرات واعربت عن تأييد قاطع لا لبس فيه لاستمرار البناء في المستوطنات. وقالت: "يجب الاستعداد لانهاء التجميد بحيث لا يكون ممكنا باي حال استمراره بعد 26 ايلول. لن نواصل التجميد عمليا ام بالموافقة الصامتة. محظور على الليكود والحكومة الاستسلام لمطالب الفلسطينيين بشروط مسبقة في المفاوضات". وادعى احد وزراء الليكود هذا الاسبوع في احاديث مغلقة بان قرار التجميد ثبت سابقة، وانه مع بداية المسيرة السياسية مع الفلسطينيين لا يمكن لاسرائيل أن تستأنف البناء في المستوطنات. وقال ان "احتمال أن يعودوا للبناء طفيف جدا. كان لبيني بيغن نظرية في أن التجميد سيثبت للعالم بان الفلسطينيين هم الرافضون، ولكنه لم يأخذ بالحسبان امكانية أن يعودوا الى طاولة المفاوضات". وحسب الوزير، سيحاول نتنياهو طرح خطة "تجميد خفيف" – ولكن بشكل عملي يدور الحديث هنا عن استمرار التجميد. "حتى لو اغلقوا شرفات او بنوا صف تعليم في ارئيل واضح أن هذا ليس جديا. لن يكون بناء جماهيري في المستوطنات". وسينسق نتنياهو الجهود حيال وزراء الليكود لاحباط بوادر "التمرد". قبل سفره الى واشنطن سيلتقي اغلب الظن رئيس مركز الليكود، موشيه كحلون، الذي يعتبر حليفا سياسيا، لتنسيق المواقف معه. من يخشى تغيير موقف نتنياهو ليسوا الوزراء وحدهم، بل ورؤساء مجلس "يشع" للمستوطنين ايضا. زعماء المستوطنين قرروا قصف وزراء الليكود بالبلاغات القصيرة للضغط عليهم قبيل اتخاذ قرار محتمل. رئيس مجلس "يشع" داني دايان، كتب أمس لوزراء الليكود: "يوجد ضغط امريكي كبير في هذه اللحظات تماما بحيث أنه حتى لو مدد الامر عمليا، فلن يقر بناء لا في ارئيل ولا في أفرات. يجدر تعزيز رئيس الوزراء". رؤساء السلطات المحلية في يهودا والسامرة بعثوا أمس برسالة الى رئيس الوزراء اقتبسوا فيها اقوالا قالها بعد اسبوعين من بداية التجميد: "حتى لو جاء ابو مازن بعد ثمانية اشهر وقال السلام الان، فاننا سنبدأ بالبناء مثلما كان من قبل". في الرسالة – التي توصف بانها رسالة تحذير، يطالبون بنزع الصلاحيات من وزير الدفاع ايهود باراك في اقرار عطاءات البناء اذا لم يوقع عليها. "كل تملص من اقرار عطاءات البناء منذ 26 ايلول، مثله كمثل استمرار التجميد بكل ما ينطوي عليه ذلك من معنى، على المستوى السياسي الخارجي، الجماهيري والسياسي الداخلي. هذا يوم الدين".