أجيال من جنود الجيش الاسرائيلي تعلموا في الحواجز، في الدوريات، في الاعتقالات وفي التفتيشات لمنازل الفلسطينيين قاموسا ضيقا من التعابير بالعربية. ومن خلال هذه التعابير عرفوا كيف يأمروا المواطنين في المناطق للتوقف، فتح باب السيارة او البيت، عرض هوية ومواصلة الطريق. لمعظم الجنود كانت هذه هي الكلمات الوحيدة بالعربية الدارجة التي يعرفونها، اما بالنسبة للفلسطينيين – فهذه هي اصوات الاحتلال. هكذا، حتى الشهر الماضي، حين قررت سرية من رجال المدرعات في الاحتياط محاولة تلطيف النبرة ومنح الاحتلال لهجة اديبة. جنود السرية "ك" من كتيبة 7001 ارسلوا في تموز الى نشاط عملياتي في غور الاردن. واتفق رجال الاحتياط فيما بينهم على انه في مهمتهم المركزية – حراسة حاجز بقعوت في الجفتلك، حيث يعمل كل يوم المئات بل واحيانا الالاف من المواطنين، فانهم سيغيرون القاموس. وكان المبادر هو أحد الجنود القدامى في السرية، اليعاز كوهين، شاعر وعامل اجتماعي يسكن في مستوطنة كفار عصيون. ويقول كوهين: "اردت أن ارى اذا كان ممكنا داخل الجيش رؤية الاخر الفلسطيني كانسان – وليس فقط كتهديد محتمل يمتشق عليك فجأة سكينا أو عبوة جانبية. في واقع الحال، هذا يتعارض مع كل مفهوم تربينا عليه في الجيش". كرجل كلام، اختار كوهين استخدام اللغة. الى جانب جنود آخرين في السرية بنى منظومة بديلة من التعابير، بعضها من كراس تنشره الشرطة العسكرية بين جنودها المرابطين على الحواجز، اخرى على اساس المعرفة الشخصية والتشاور مع فلسطينيين مروا على الحاجز. "كبداية، بدلا من قول "قف" قلنا "صباح الخير"، يقول كوهين، وقد غير هذا رد فعلهم على نحو فوري. وبدلا من قول "جيب الهوية"، قلنا "من فضلكم" مع التشديد على نبرة الطلب. ولكن الامر لا يتعلق بالكلمات وحدها، فقد قررنا بيننا بان ننظر الى كل شخص في عينيه ولا نوجه فوهة بندقية تجاه أحد انطلاقا من الافتراض بان الغالبية المطلقة من الناس معنيين بالهدوء وبالوصول الى عملهم اليومي". كل فريق جاء الى الحاجز لاول مرة اجتاز ارشادا خاصا – كيفية الحديث مع الفلسطينيين بطريقة مختلفة. اضافة الى ذلك اعدت لائحة تعابير كتبت على يافطة وعلقت في نقطة الفحص. في الاسابيع الثلاثة التي بقيت فيها السرية في المكان انضم الى المبادرة ايضا جنود الشرطة العسكرية النظاميين وكذلك الجنود النظاميين من مديرية التنسيق والارتباط. "كانت هذه مبادرة ايجابية جدا أثرت ايضا على الاجواء في الحاجز ايجابيا"، يقول قائد السرية، الرائد ايرز براط، "لم يكن لنا في اثناء هذه الفترة أي احتكاك شديد او اخلال بالنظام، او سلوك يقارب الشقاق. ويوجد هناك احتكاك جد كبير".الرائد براط، لا يخشى من أن تأتي المعاملة المختلفة على حساب اليقظة العملياتية للجنود. "عندما يتحدث الجنود بأدب، دون المس باليقظة وبالجاهزية، فان هذا يساعد فقط"، يقول. "هؤلاء هم جنود احتياط مهنيين قاموا في الماضي بالخدمة في يهودا والسامرة وفي الحواجز". رغم أن جنود السرية يخدمون في المناطق لسنوات طويلة، لم يفكر أي منهم قبل ذلك باتخاذ لهجة محترمة ومؤدبة تجاه السكان. "انا اقف منذ ثماني سنوات في الحواجز، منذ أن انضممت الى الجيش النظامي، ولم يخطر ابدا على بالي هذه الفكرة في أنه يمكن الحديث بطريقة مختلفة"، يقول درور درعي، جندي في السرية يسكن في تل أبيب. "ولكن سرعان ما ارتبطت بالفكرة بسبب قربي في الفترة الاخيرة من الثقافة العربية، وذلك لاني اعزف العود ايضا". الان، في اعقاب نجاح المبادرة، يحاول رجال السرية ان يثيروا اهتمام جهات اخرى في الجيش كي تثبت الفكرة تعابير مؤدبة للجنود في الضفة ويتم تبنيها كأحد متطلبات دورات الارشاد.