حادثة اطلاق النار الخطيرة التي نشبت أول أمس بين اسرائيل ولبنان هي مثابة عود ثقاب من شأنه ان يشعل النار. وقتل في الحادث المقدم دوف هراري واصيب بجراح خطيرة النقيب عيزرا لقية، وفي الجانب اللبناني كان هناك ثلاثة قتلى. هذه النتيجة قاسية بحد ذاتها. ولكن كان للحادثة امكانية مهددة بتدهور واسع النطاق بل وحرب. لا خلاف – حسب بيان الامم المتحدة ايضا – في ان اسرائيل عملت في اراضيها. واذا كان للبنان تحفظات على شكل ترسيم الحدود، او ضد نشاط الجيش الاسرائيلي فيها، كان يمكنه ان يتوجه الى محافل التنسيق في الامم المتحدة. وليس مثل نشاطات اخرى في الجيش الاسرائيلي في نطاق لبنان، يبدو ان هذه المرة لا يدور الحديث عن خرق لقرار 1701، كما يدعي لبنان، الذي هو نفسه لا يحرص عليه وغير قادر على ما يبدو على تطبيق كل بنوده. في نفس الوقت، الحكومة والجيش الاسرائيلي يعدان منذ عدة اشهر الرأي العام في اسرائيل لاحتمال حرب في الشمال. وهم ايضا على علم بالتوتر السياسي الهائل الذي يعصف بلبنان، بالصراع الذي يديره حزب الله ضد اتهامه باغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري قبل اكثر من خمس سنوات، والجهد الدبلوماسي الهائل للسعودية لتهدئة الوضع في لبنان. هذا العلم كان ينبغي له أن يؤدي بالحكومة وبالجيش الى الفحص بعناية اشد توقيت قطع الاشجار قرب خط الحدود. "الكشف"، مثلما يسمون هذه العملية، قد تكون عملا ضروريا يسمح لقوات الجيش الاسرائيلي بمراقبة افضل لما يجري في نطاق لبنان، ولكن عندما يكون ممكنا لمثل هذه العملية ان تؤدي الى حرب – فيجدر النظر في جدواها. ينبغي الامل في ألا تستخلص الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني استنتاجات مغلوطة من الحدث، او من اقوال التشجيع والثناء الذي اغدقها زعيم حزب الله حسن نصرالله. ومع ذلك من واجب الحكومة العمل على توثيق انظمة التنسيق مع الحكومة اللبنانية والامم المتحدة وبالاساس الفهم بان الحدود الاسرائيلية – اللبنانية لا تشبه أي حدود اخرى. هذه حدود لا تغفر للاخطاء او للتفكير المتسرع. ولهذا السبب من واجب الحكومة والجيش ان يفهما بان ليس كل توقيت مناسب لابداء السيادة الاسرائيلية حتى آخر ملم، وبالتأكيد ليس في لحظة التوتر الشديد على جانبي الحدود. ضبط النفس والانتظار في هذا الاوان ليس تعبيرا عن الضعف بل عن الحكمة والحساسية السياسية.