خبر : الجنس ..خدمات استهلاكية «اجتماعية» في السوق الروسية

الأربعاء 04 أغسطس 2010 01:28 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الجنس ..خدمات استهلاكية «اجتماعية» في السوق الروسية



موسكو وكالات تحول الجنس، في روسيا، عملاً ومصدر دخل إضافي شأن غيره من الأعمال ومصادر الدخل. ويخلص استطلاع الى أن 61 في المئة من النساء يرين عبثاً ألا تؤدي علاقات الى منفعة مادية. فأولاد مجتمع الاستهلاك السائد يدوسون قيم والديهم الأخلاقية من غير تردد. ولا ريب في أن أسباب هذا «الانحطاط» اقتصادية. وفي أثناء الأعوام الـ15 الأخيرة، تجردت العلاقات النفعية، والبغاء جزء منها، من الاعتبارات الأخلاقية، فيما تعاظمت الحاجة الى المال، سلعاً أو خدمات. وأتاحت القروض المصرفية، وزيادات الأجور، وارتفاع قيمة العقارات، شراء شطر كبير من السلع المعروضة، وانفجار الأزمة قلص عرض القروض، وأصاب الأجور. فالتجأ الناس، أو بعضهم، الى استثمار «رأسمالهم الشخصي»، وعوائد فتوتهم وجمالهم. والى اليوم لم ينجز في روسيا إلا مسح اقتصادي واحد لسوق الجنس، قام به مارك ليفين وإيلينا بوكاتوفيتش. ويقدر الباحثان أن عائد البغاء النسائي بروسيا، في العام 2000، وهو يطاول 267 ألفاً من العاملات الى 400 ألف، بلغ 618 مليون دولار. وإذا قدر أن نمو القطاع السنوي هو نفسه نمو الاقتصاد العام، بلغ عائد القطاع اليوم، غداة عقد من السنين، فوق 900 مليون دولار. والرقم ليس ضخماً. ولكن الحساب يقتصر على من يحترفن العمل هذا. وتدل الملاحظة على أن معظم العلاقات لقاء أجر عابرة، وليس عائدها في معظم الأحوال نقدياً. وهي قد تحصل لقاء عرض عمل، أو سيارة، أو سداد دَيْن، أو ألبسة فاخرة، أو لقاء عطلة مجانية. ويتيح البغاء، على ما يرى مارك ليفين، إنفاقاً مبذراً يُجمع الى مستوى تأهيل ضعيف، وتحول دون احترافه عواقبه الجزائية، وخشية المرض، والتحفظ الأخلاقي، أي الإدانة الاجتماعية وخسارة الاعتداد بالنفس. ولعل العامل هذا هو أقوى كابح بين الكوابح كلها، وتقويه ملابسات مزاولة العمل أو تخفف منه. فمزاولته في الطريق العام لا ترتب ما يرتبه العمل في إطار وكالة تتولى ترتيب اللقاءات الخاصة بذريعة «المرافقة». فالإدانة لا تتطاول أبداً الى هذا الصنف من العلاقات. ويلاحظ أستاذ الاجتماعيات، سيرغاي غولود، أن مكانة البغاء لم تنفك تعلو منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي. وبعض الاستطلاعات رفعها الى مرتبة الحلم التي تمتعت بها حرفة رجل الفضاء، والسبب في الأمر غير خفي وهو العوائد الكبيرة التي تجنى منها. والحق أن الأزمة الاقتصادية الكبيرة فاقمت البطالة، وعظَّمت ثمن عرض الخدمات الجنسية. وينبه مارك ليفين الى أن الحال الاقتصادية ليست السبب الوحيد في تعظيم ثمن هذا. فمنذ أواخر الثمانينات الماضية، تراخى قمع البغاء، وعُدِّلت التشريعات، وانهارت الحواجز الأخلاقية. ويلاحظ بعض الاختصاصيين أن البغاء كان في مثابة طوق نجاة، في ذلك الوقت، ومورداً يتيح البقاء على قيد الحياة في خضم فوضى اقتصادية عارمة. والحال اليوم ليست الحال البارحة، فتجارة الجنس صارت معتادة، ولا يحتاج الناس الى أزمة خطيرة تحملهم على ذرع الرصيف أو تقسرهم عليه. والداعي الى هذا ليس البؤس بل تردي المداخيل أو حتى تباطؤ النمو الاقتصادي، وإرادة تفادي تقييد الاستهلاك. ويصح هذا أولاً في الشباب. فثمة عدد راجح ممن يتعاطون البغاء هم (أو هن) من التلاميذ والطلاب والعمال الشبان، ويتوسلون به الى تمويل لهوهم وتسليتهم، والى شراء الكحول والمخدرات، على ما يرى مارك ليفين. فالخدمات الجنسية لقاء أجر هي مصدر مداخيل منتشر في أوساط الشباب. ويماشي دارسو الاجتماعيات ما انتهى إليه الباحثون الاقتصاديون. فيلاحظ سيرغاي غولود أن سن مزاولة البغاء انخفضت على نحو ظاهر وجاد. وهي كانت سابقاً فوق الـ18 عاماً، فصارت 15 عاماً أو14. وحضنت الأعوام الست الماضية، وهي أعوام ازدهار استهلاكي، الانخفاض هذا. وفي أثنائها تعلم الروس إلقاء نظرة مستــــهلكين على عدد كبير من الأشياء، منها جسدهم. وإذا جاز «إعماله» في تحصيل ســـلع مادية استهلاكية، فلماذا حرمان النفس؟ ويعمّ الموقف الاستهلاكي «الزبائن» كذلك. وهم، بدورهم، لا يرون الحب المأجور عيباً يخجل الواحد منه أو يستحي به. وفي بعض الأوساط تُعلن المومسات على الملأ، ويلوح بهن جزءاً من الاستهلاك الفاخر المتوقع. ويرى مارك ليفين أن مثلث «الـــسونا والشرب والبنات» أمسى ركن «ثقافة الأعمال» السائدة في بعض أوساط رجال الأعمال الروس. * صحافي، عن «أوغونيوك» الروسية،إعداد وضاح شرارة