خبر : السلام ونظرية الدفعة القوية ..د.ناجى صادق شراب

الأربعاء 28 يوليو 2010 01:28 م / بتوقيت القدس +2GMT
السلام ونظرية الدفعة القوية ..د.ناجى صادق شراب



 لعل المعضلة ألأساسية التى تواجه عملية السلام والتحليق بها فى مسارها الطبيعى التركيز على القضايا ألأمنية ، وكان هذا واضحا فى خريطة الطريق وحتى أتفاقات السلام التى ربطت كل أتفاقية أوسلو بكلمة واحده ألأمن ألأسرائيلى الذى قد يجب كل شئ. ، والمعضلة الثانية والمرتبطة بالأولى وتشكل قلب الصراع مفهوم  أسرائيل كدولة وفلسطين كدولة ، والمحددات السياسية التى تحكم الدولة : ألأمن والأستقلال ، والتكامل ألأقليمى ، وقدرتها على أداء وظائفها فى مجال ألأقتصاد والرفاهية ألأجتماعية ، وهذه المحددات غير متوفرة للدولة الفلسطينية حتى فى حال قيامها ، وبالنسبة لأسرائيل تتجاوزكدولة  هذه المحددات كالتوسع وضم أراضى الغير وبناء ألأستيطان على ألأراضى المفروض أن تقوم عليها الدولة الفلسطينية . وهذه المعضلة لا تتيح على ألأطلاق توفير اطار مقبول للمرجعية التفاوضية . وهو ما يعنى أن حالة دولة قائمه تنسف أى أحتمال لقيام دولة محتمل قيامها . والسلام الحقيقى ينبغى أن تحدده ثلاثة ركائز هامه : أهداف حقيقية وواقعية لأى سلام ، والسؤال هنا وبكل وضوح ما الهدف من المفاوضات والسلام ؟ ولمحور الثانى أساليب وأدوات والتى بموجبها يمكن تحقيق أهداف السلام . واخيرا المدركات السياسية التى تحكم أطراف النزاع ، وألأطراف ألأخرى ذات الصلة . وبالنسبة للأهداف ينبغى أن يكون الهدف واضحا فى قيام دولة فلسطينية مستقله ومتكامله أقليميا وقادرة على أداء وظائفها من أمن وخدمات من خلال قدرتها على التحكم فى الموارد الأقتصادية والطبيعية والبشرية المتاحة  على أراضيها، وفى أطار ذلك التوافق على تسويات عادله ومتوازنه لكل القضايا ألأخرى فى أطار مكون الدولة ؟ أما ألأساليب وألأدوات ينبغى البحث عن أطار عام كمرجعية تفاوضية مقبوله ، وعدم الدوران حول خارطة الطريق كأطار وحيد للمفاوضات ، وهنا تتدخل الوسائل ألأقتصادية وتوفير قوة دفع حقيقية للدفع بالسلام ، وهو ما سنتحدث عنه لاحقا ، وأما المدركات هل تسمح بالقبول بألأهداف المعلنة للسلام ، وهنا أود أن أشير أن هناك تحولات أيجابية لكنها لم ترقى الى مستوى قدرة القيادة على اتخاذ القرار الذى يدفع بالعملية السلمية الى نقطة ألأنطلاق التى تضمن لها القدرة على توليد عناصر السلام الذاتية . فمن منظور أسرائيلى ينبغى أن يكون مدركا أن ألأحتلال لا يمكن أن يدوم ، وان أستمراره سيكون مكلفا ماديا وبشريا ، وان تدرك أيضا أنه فى ظل تطور العامل السكانى الفلسطينى وتزايد عدده فى داخل أسرائيل ، وفى أراضى السلطة الفلسطينية وفى الشتات يعنى أولا عدم قدرة أسرائيل على البقاء كدولة ـ وثانيا أن خيارات الترحيل والطرد لم تعد قابله للتطبيق ، وبالتالى الحل هو فى قيام الدولة الفلسطينية ، وألا الخيار فى النهاية هو خيار الدولة ثنائية القوميتين ، ولن تملك أسرائيل وقف هذا الخيار مهما تعاظمت قدرتها العسكرية ، ولن تستطيع بكل السبل التعامل مع العامل السكانى . ومن المنظور الفلسطينى ينبغى أن يكون مدركا أيضا أن أسرائيل لا يمكن ان تزول كدولة ألا فى ظا حسابات غير أنسانية وان الخيارات العسكرية كما لأسرائيل لن تجدى فى صراع كالصراع العربى الأسرئيلى فى حسمه لصالح أى من الطرفين ، ولذلك البديل هو فى أعادة تقييم  وسائل أدارة الصراع وان التركيز على ألأدوات والوسائل السلمية قد يكون أكثر تأثيرا على أسرائيل ، وأيضا ان حالة ألأحباط واليأس والمعاناة التى يحياها الشعب الفلسطينى لا يمكن ان تستمر ألى ما لا نهاية ، ولا يعقل أن يكتب على الشعب الفلسطينية ان يعيش طوال حياته فى معاناة وحصار مستمرة وأن لا يعامل كأنسان له حقوق وله آدميته كما لغيره ، وقد حان أن يعامل الفلسطينى بآدمية وهذا أقصر الطرق للسلام . ومن منظور الدول وألأطراف ألأخرى عربيا ودوليا ينبغى أن تدرك أنه لا يمكن أستمرار هذا النزاع الذى يستنزف أمكانات وقدرات العديد من الدول فى حروب خاسره كان يمكن أن تخصص للمشاريع التنموية والكفيلة بمحاصرة العنف والفقر والتشدد . وأن تدرك ايضا أنها مطالبة وخصوصا الولايات المتحده ألأمريكية ان تلعب دورا أكثر فعالية وحسما ومبادرة لحل الصراع وانه ليس من  حقطرفى النزاع أن يأخذا المنطقة والعالم معهما الى صراع دموى دون حل . وعلى الرغم من قناعة الأطراف كلها بأهمية التفاوض والسلام ، ألا أن العملية قد أفتقرت الى قوة الدفع بلغة وأدبيات التنمية ألأقتصادية ، وكما جاء فى نظرية مراحل النمو التي تشبه الطائرة الجاثمة على ألأرض ,تحتاج الي قوة دفع كبيرة للدفع بالطائرة للتحليق ثم تتوفر لها قوة ألأنطلاق وألأستمرار حتى تصل ألى نهايتها بطريقة هادئه سلمية تضمن ألأمان والحياة لجميع ركابها ، وألآ النتيجة وبلغة شمشون هدم القلعة على رأس الجميع . حالة ألسلام حتى ألن أشبه بالطائرة التى تتحرك وهى جاثمة على ألأرض دون القدرة على التحليق ن وهذا ما نقصده بقوة الدفع : توفر قيادة سياسية شجاعة وقادرة على أتخاذ القرار السياسى بانهاء الصراع وتحقيق السلام بعيدا عن المحاذير والقيود ألأيدولوجية المتعنتة والمتصلبة ، وتوفير القاعدة المجتمعية التى تلمس أن هناك فعلا سلاما على ألأرض فى صورة مشاريع وأجراءات يلمسها المواطن العادى فى حياته وحياة أبنائه ، وهذا يتطلب توفير الدعم ألأقتصادى الكبير ، وخطوات سياسية وأمنية ملموسة وأهمها أنهاء ألأحتلال ن وثالثا توفير أرادة دولية قادرة على توفير الضمانات لإنجاح أى أتفاق سلام ، وضمانات متبادله لأمن وتكامل أى دولة وبقائها واستمرارها . هذه ألأجراءات كفيلة بتوفير قوة الدفع الذاتية للعملية السلمية وبعدها يمكن للشعب الفلسطينى وألأسرائيلى أن يضمنا توفير الدعم والنجاح لأى سلام ركيزته الحقيقية وضمانه هو السلام الذى يتخذ قراره قياده سياسية شجاعة ، ويجنى ثماره الشعب نفسه .وهذه  القياده موجوده فلسطينيا وعربيا ومتوفره فى الرئيس اوباما وفى العديد من القيادات فى أوربا وغيرها ويبقى أن تتوفر هذه القيادة أسرائيليا, أنها لحظة صنع السلام بعد أكثر من ستين عاما من الحروب ،  والا ستدخل المنطقة كلها فى صراع وحروب قد تدوم لأكثر من قرن آخر .أكاديمى وكاتب عربى nshurrab@hotmail.com