في معسكر اليمين تنطلق مؤخرا اصوات تدعو الى ضم يهودا والسامرة لدولة اسرائيل، في ظل اعطاء مواطنة اسرائيلية للسكان الفلسطينيين. الدعوة الى الضم بحد ذاتها ليست جديدة. هذا طلب قديم للمستوطنين المتدينين. الوثيقة الاساس لمجلس "يشع" سبق أن دعت الى ضم المنطقة. وماذا بالنسبة لسكانها؟ دعت الوثيقة الى "تحديد المكانة القانونية للسكان اليهود الذين يقيمون اقامة دائمة في يهودا والسامرة وغزة، كمقيمين يخضعون للقانون، للقضاء وللادارة الاسرائيلية". وماذا عن العرب؟ ليس واضحا. ولكن يستنتج من ذلك أن: المواطنة لليهود فقط.عندما كان الاحتلال فتيا، حاولوا حتى الدفع الى الامام بقانون كهذا في الكنيست، ولكن توفر له حفنة مؤيدين فقط (بينهم نائب شاب يدعى ايهود اولمرت). لكل باقي النواب كان واضح بان مثل هذا الضم سيحول اسرائيل من ديمقراطية الى ابرتهايد رسمي. ولما كان هذا ليس حقا خيارا، فقد نشأ نوع مع من التشويش الاساسي في المعسكر الذي سمى نفسه "وطنيا". فقد أيد الاستيطان ولكن لم يكن لديه جواب على سؤال هام للغاية يثيره الاستيطان: ما العمل مع سكان المناطق العرب. ليفي اشكول قال ذات مرة ان احتلال حرب الايام الستة هو مثل العرس الرائع. المشكلة الوحيدة، قال، اننا لا نريد العروس. حكومتا غولدا ورابين، اللتان جاءتا في اعقابه واصلتا التلعثم، ومر زمن آخر الى أن استيقظ معسكر اليسار وبدأ يعارض الاستيطان. ليس هكذا معسكر اليمين. الليكود واصل تأييد الاستيطان والتباهي بمكسب الارض، ولكنه واصل الصمت، مثل الوثيقة الاساس لمجلس "يشع"، بالنسبة للعروس. وعليه فلم يكن واضحا ما الذي يريده اليمين الاسرائيلي حقا: من جهة يستوطن، بمعنى يريد ان يحول سيطرة اسرائيل في المناطق الى سيطرة دائمة، ومن جهة اخرى غير مستعد لان يتنازل عن الديمقراطية، وعليه فانه لن يضم المناطق عمليا، كي لا يعطي العروس حق المواطنة.الى أن جاء موشيه ارنس، تسيبي حوتبيلي، اوري اليتسور، روبين ريفلين وحفنة آخرين فقرروا الحديث باستقامة: لا يمكن أخذ هدية أهل العروس دون العروس. الاستنتاج: يجب عناق العروس. الضم والمنح لحق المواطنة الكامل. هكذا يتم الحفاظ على الديمقراطية وعلى وحدة البلاد على حد سواء. على انه تبقى مشكلة صغيرة واحدة: اسرائيل ستصبح دولة ثنائية القومية. ينبغي لنا ان نهنئهم باستقامتهم. اذ انهم قالوا الحقيقة التي يحاول اليمين نفيها منذ زمن بعيد: الاستيطان يؤدي بنا الى دولة ثنائية القومية. واليمين الاسرائيلي هو ليس بالضبط المعسكر الوطني، بل المعسكر ثنائي القومية. وحتى لو لم تكن هذه نيته، فهذه ستكون نتيجة سياسته. وعليه فليس مفاجئا ان تجرف استقامة ارنس ورفاقه بالضبط اليمين ولذات السبب الذي يمنع اليسار المتطرف، الذي يطالب بدولة واحدة لكل مواطنيها بين النهر والبحر، من ان يجرف اليسار الصهيوني. إذ ان كل حل لدولة واحدة سيكون ثنائي القومية، وفي نهايته ستكون فيها اغلبية عربية. لقد سعت الصهيونية الى خلق وضع لا يكون اليهود فيه اقلية في دولة واحدة في العالم. اما الضم، حتى وان كان فقط ليهودا والسامرة، فسيجعل اليهود في نهاية المطاف اقلية في اسرائيل ايضا. هذا سيكون، اذا ما استعرنا صياغة الاصوليين، منفى في بلاد اسرائيل. نهاية الصهيونية. كل محاولة لتحويل سيطرتنا في المناطق الى سيطرة دائمة يؤدي بنا الى هناك. وعليه، فان الاستيطان هو الخطر الاكبر على المشروع الصهيوني. وعلى كل ما تبقى من مشاكل يمكننا ان نتغلب. ولكن اذا لم ننقذ انفسنا من المناطق فانها ستغرقنا في ثنائية القومية.