غزة / سلطان ناصر وياسمين العسولي / سما / سمراء داكنة وعمرها 28 عاماً هدم الاحتلال الإسرائيلي بيتها في قرية المغراقة وسط قطاع غزة ، فانتقلت مع أسرتها المكونة من (17) فرداً إلي الزوايدة ..(اعتماد مطاوع ) فتاة فلسطينية ينطبق عليها المثل الشعبي القائل (بنت بمائة رجل ) فقد قامت بعملٍ يصعب على الرجال القيام به . حكمت الظروف الاقتصادية التي تمر بها اعتماد بأن تحمل على كتفها أدوات الحفر ( الطورية والكريك ) وتنضم مع (12) امرأة فلسطينية يتراوح أعمرهن ما بين (30- 50) عاماً لتعمل ضمن مشروع حفر برك المياه للمزارعين الغزيين من أجل تحسين القطاع الزراعي وتحزين المياه الذي ينفذه اتحاد لجان العمل الزراعي بمدينة غزة . أسهل من ظروفنا تقول اعتماد :" منذ اللحظة الأولي لقبولي بالعمل أفكر وأتخيل شكلي وأنا أحمل (طورية وكريك) وأعمل تحت أشعة الشمس في الحفر ولكن عند وصولي إلي مكان العمل بدأت أعمل مع السيدات وسمعت قصصهم خلال تناول الطعام والشاي معهم في الاستراحات بين العمل علمت أن العمل أسهل من ظروفنا المعيشية الصعبة ". وتابعت :" مع مرور الوقت في العمل أصحبت علاقاتنا الاجتماعية قوية فأصبحنا نتجمع في مكان معين ونتحرك مع بعضنا الى موقع العمل وبدأت حالة الإصرار على إثبات أنفسنا في المجتمع بأننا قادرات على العمل الشاق والصعب من أجل تحسين وضع أسرنا ". وأضافت :" كان يعمل في نفس المشروع (رجال) في مكان أخر فكانت بداية فكرة التحدي لهم في إنجاز العمل قبلهم وتسليمه لإدارة المشروع ليتسلمه المزارع ليبدأ في تحسين وضعه . وأشارت الىأنها عندما عملت في المشروع كان الغرض تحسين وضعها المادي خاصة أنها معيلة لأسرة ولكن مع مرور الوقت شعرت كغيرها من السيدات أن القضية لها علاقة في نشأتهم كفلسطينيات قائلة :" لقد ذاد عشقنا لأرضنا من خلال العمل فيها فكان هذا العشق بمثابة الدافع لتحدي العدو الإسرائيلي الذي دمر بيتي ودمر أرضي فكنت أشعر بأن عملي وأجب وطني لإحياء ما دمره الاحتلال والتأكيد على تمسكنا بها". وتعتبر المرأة الفلسطينية شريكة في النضال الفلسطيني فقد عاشت هول النكبة وعمق المأساة، الأمر الذي عزز لديها الشعور بالانتماء للوطن كأي رجل ، مما دفع لتطور مستوى مشاركتها في العمل السياسي والكفاحي . لمسات نسائية وقالت اعتماد أن المهندس الذي تسلم منهم البرك الثلاث البالغ مساحة الواحدة منهما (9 متر في 6 متر بعمق مترين ) قال أن اللمسات النسائية ظاهرة في عملهن من خلال جمال البركة التي ظهرت وكأنها تم (كنسها بمكنسة ) مشيرة أنها لا تعرف ماذا سوف تفعل الان بعد انتهاء المرحلة الأولي من المشروع وانتهاء عقدها في العمل خاصة بعد تعودها على لقاء صديقاتها كل صباح . تحديٍ للواقع مدير اتحاد لجان العمل الزراعي محمد البكري قال :" كان من السهل علينا أستخدام الآلات الحفر فهذا يوفر الوقت والجهد ولكن هدفنا من المشروع هو توفير فرص عمل للنساء والرجال حتي نغير الوقع الاقتصادي الصعب للأسر الفلسطينية وتوفير موارد مياه لمساحات زراعية في مناطق أشبه بالنائية في ظل شح المياه وزيادة تقلصها في الأراضي الفلسطينية نتيجة سرقتها من قبل إسرائيل ". وأكد البكري أن الحصار يوقف ضد مشاريع التنمية التي تستهدف القضاء على ظاهرة بقاء المجتمع الفلسطيني مجتمعاً استهلاكيا يعتمد على المساعدات الإنسانية ، مشيراً الى أن الإمكانيات البدائية البسيطة التي تعمل في المشروع سوف تكون هي الأداة المستخدمة لتنفيذ كافة البرامج والمشاريع لتوفر فرص عمل لكافة الفئات وخاصة فئة النساء لأنهن أكثر الطبقات التي تعاني من الظلم والانتهاكات . وتابع :"يساعد المشروع على توفير المياه للمزارع في ظل حالة شحها وملوحتها الفائقة التي تؤثر بشكل سلبي على كميات الإنتاج الزراعي ما يؤدي إلى زيادة تخلي المزارعين عن أراضيهم وعدم العمل فيها وهذا ما تسعي إسرائيل إليه من خلال سياستها في التعامل مع المزارعين ". وبين البكري أن البرك تزيد الإنتاج الزراعي والربح للمزارع في ظل الحصار الخانق التي تفرضه إسرائيل منذ سيطرة حماس على غزة في حزيران2007 ، مؤكداً أن المشروع يمكن أن يحقق إمكانية الاكتفاء الذاتي لبعض المنتجات والمحاصيل الزراعية التي تعتمد على المياه العذبة التي تجمعها البرك من مياه الأمطار . وأشار البكري أن المياه العذبة التي تجمع في البرك تساهم في غسل التربة وتخفيف نسبة الملوحة فيها مما يؤدى إلي تنوع المزروعات فيها . إثبات الذات وبدورها قالت حنان أبو مغصيب مسئولة لجنة وادي السلقا الزراعية النسائية في اتحاد لجان العمل الزراعي أن فكرة المشروع جاءت من أجل إثبات الذات لدى النساء بأنهن قادرات على المشاركة المجتمعية وإثبات أنفسهن وسط المجتمع الذي ينتهك حقوقهن ". وأكدت أبو مغصيب أن الإقبال من قبل السيدات المشاركات في تنفيذ مشروع"إنشاء برك لتجميع المياه"لاقي صدى ايجابيا لدى السيدات (الريفيات) في منطقة وادي السلقا جنوب شرق القطاع مشيرة إلي ان من بين المشاركات خريجات من الجامعات الفلسطينية جئن للعمل تحت حر الشمس من أجل الحصول على فرصة عمل وإعانة أسرهن الفقيرة . وأضافت أن هذا العمل الشاق لم يأت عشوائيا وإنما جاء ضمن خطة عمل منظم وقائم على مبادئ وأهداف من أهمها أن المرأة هي فلسطينية ترى أنها صاحبة أرض وقضية وهي ترى مشاركتها ضمن هذا المشروع استمرارا وتواصلا مع العمل المقاوم ، فهي تتمسك بأرضها وتعشقها ولهذا ترى في عملها الشاق في عملية الحفر هذه متعه رغم قسوتها وخاصة أنها جاءت في ظل موجة الحر التي تشهدها المنطقة . وفيما يتعلق في اختيار منطقة التنفيذ قالت أبو مغصيب :" تم اختيار منطقة تنفيذ المشروع وفقا لظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية صعبه فرضت على المنطقة فكانت أولي المناطق وادي السلقا لكي نخفف من معاناة الأهالي هناك وخاصة فئة النساء نظرا للظروف الخاصة التي تعاني منها السيدات . ونوهت أبو مغصيب إلى أن اختيار منطقة تنفيذ المشروع تخضع لفحص من قبل مهندسين متخصصين حول مدى صلاحية الأرض للتنفيذ وعند موافقة المهندس المختص يبدأ العمل في المشروع مشيرة إلى إن المزارع الذي يقع عليه الاختيار يجب أن يتوفر لديه دفيئة زراعية ومساحة أرض كافية كي يستفيد من المشروع .