طهران / وكالات / ابتهجت ايران بنصر دعائي نادر لها على الولايات المتحدة امس عندما عاد عالم الفيزياء الايراني المختفي منذ سنة تقريباً شهرام اميري للظهور فجأةً في قسم رعاية المصالح الايرانية في السفارة الباكستانية في واشنطن، مدعياً ان عملاء اميركيين قد اختطفوه اثناء ادائه العمرة في مكة المكرمة في حزيران (يونيو) 2009 وانه ينوي العودة الى ايران. وقد غادر اميري واشنطن فعلاً اليوم الاربعاء متوجهاً الى ايران. ومن المتوقع ان يصل الى طهران فجر الخميس عبر قطر، كما اكدت وزارة الخارجية الايرانية. وقال مسؤول أميركي الأربعاء إن الولايات المتحدة حصلت على معلومات مفيدة من أميري. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه: "حصلنا على معلومات مفيدة منه، وحصل الإيرانيون على أميري. اسألوا أنفسكم: من حصل على الفائدة الأكبر". وقال الاميركيون ان اميري كان في بلادهم بمحض ارادته ويغادرها بمحض ارادته ايضاً. الا ان واشنطن قالت مراراً منذ اختفاء اميري انها لا تعلم عنه أي شيء. وثارت تكهنات حول هذا التطور المفاجىء، اذ تكهن محللون بانه ربما عقدت صفقة بين طهران وواشنطن يعاد اميري بموجبها الى بلاده مقابل افراج طهران عن ثلاثة اميركيين تحتجزهم. وقالت محللة في شبكة "سي ان ان" التلفزيونية الاميركية ان من الممكن ان تكون الاستخبارات الايرانية قد هددت اميري بايذاء اقاربه اذا لم يعد الى ايران. وقبل مغادرة اميري واشنطن الاربعاء متوجهاً الى بلاده اعلن عدد من المسؤولين الاميركيين ابرزهم وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون انه كان موجوداً في الولايات المتحدة بمحض ارادته "على العكس من مواطنينا الثلاثة الذين ضلوا طريقهم ودخلوا ايران بطريق الخطأ" واعتقلوا. وبينما تبدو العلاقات الأميركية - الإيرانية متوترة بشكل خاص بعد قرار العقوبات الرابع من مجلس الأمن وقرار العقوبات أحادي الجانب الذي فرضته واشنطن مطلع الشهر الحالي، فإن إعلان واشنطن وطهران الثلاثاء أن أميري بصدد التوجه إلى إيران وعلم السلطات الأميركية مسبقا أنه كان يفترض أن يتوجه لطهران أول من أمس، يطرح تساؤلات جدية حول "حوار القنوات السرية" بين أميركا وإيران، وما إذا كان فرار أميري، أو إطلاق سراحه، والسماح له بالعودة لطهران مرتبطا بصفقة بين أميركا وإيران تسمح بعودة المعتقلين الأميركيين الثلاثة المحتجزين في طهران منذ نحو عام تقريبا. وكان لافتا بشكل خاص التضارب في روايات أميري نفسه الذي بث 3 أشرطة فيديو خلال الأسابيع الماضية. ففي أحد الأشرطة قال أميري إنه اختطف عنوة وأخذ لأميركا رغما عنه. وفي شريط آخر قال إنه يدرس في أميركا بمحض إرادته، وفي شريط ثالث قال إنه هرب من عناصر الاستخبارات الأميركية ويريد العودة لإيران وإنه مختبئ في مكان سري في فرجينيا. ونسبت صحيفة "ذي تايمز" اللندنية اليوم الاربعاء الى مسؤول باكستاني قوله لها ان اميري دخل مبنى السفارة الايرانية سابقاً في واشنط في الساعة السادسة والنصف من مساء الاثنين وقدم نفسه للموظفين هناك. وقال لهم ان انه تم توصيله الى هناك بسيارة ويريد منهم عمل ترتيبات لاعادته الى ايران. واضاف المسؤول الباكستاني: "انه في صحة جيدة". واعلن اميري في مقابلة مع قناة تلفزيونية ايرانية قبيل مغادرته الولايات المتحدة الى طهران اليوم انه سيكشف تفاصيل عن عملية "خطفه" من قبل عملاء استخبارات اميركيين. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمانباراست: "بفضل الجهود التي بذلتها الجمهورية الاسلامية وتعاون سفارة باكستان في واشنطن، غادر شهرام اميري قبل دقائق (حوالي ولم يوضح مهمانباراست في تصريحاته التي بثتها وكالة الانباء الطلابية، البلد الذي سيمر فيه اميري. واكد الناطق الايراني ان ايران ستواصل "جهودها على الصعيد القانوني والدبلوماسي" ضد الحكومة الاميركية "لمسؤوليتها في خطف اميري". واجرت القناة الايرانية "برس تي في" مقابلة مع اميري قبيل مغادرته الاراضي الاميركية. وقال اميري ان "قصة خطفي مليئة بالتفاصيل (...) عندما اصبح في بلدي العزيز يمكنني ان اتحدث الى الصحافة بهدوء ورواية المحن (التي واجهتها) في الاشهر الـ14 الاخيرة". وتابع انه سيوضح هذه القضية التي تبقى "لغزا لكثيرين". واضاف: "عندما اصل الى ايران ساوضح ادعاءات وسائل الاعلام الاجنبية والحكومة الاميركية التي تناولت سمعتي". وتؤكد السلطات الايرانية واميري نفسه ان عناصر اميركيين قاموا "بخطفه" عندما كان في زيارة في السعودية لاداء العمرة. لكن الحكومة الاميركية تقول انه كان في الولايات المتحدة "بمحض ارادته (...) منذ بعض الوقت". وفقد اميري في السعودية في حزيران (يونيو) 2009 بينما كان يؤدي مناسك العمرة. وتؤكد طهران ان الولايات المتحدة قامت بخطفه بـ"مساعدة الاستخبارات السعودية". وفي اواخر آذار (مارس)، افادت شبكة التلفزيون الاميركية "ايه بي سي" ان اميري منشق ويتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي أي). وبحسب وسائل الاعلام الايرانية فان شهرام اميري هو "باحث في النظائر المشعة الطبية في جامعة مالك الاشتر" التابعة للحرس الثوري. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي اليوم الاربعاء ان الولايات المتحدة اجرت اتصالات مع عالم الفيزياء النووية الايراني خلال وجوده في الولايات المتحدة. وكان كراولي قال الثلاثاء إن أميري أقام في الولايات المتحدة "لبعض الوقت" وأبلغ الولايات المتحدة برغبته في مغادرة البلاد، موضحا للصحافيين "لا أستطيع أن أقول لكم" ما إذا كان أميري سلم معلومات بشأن البرنامج النووي الإيراني. وفي حين تؤكد إيران أن مواطنها تعرض لـ"ضغوط نفسية"، أكد الناطق الأميركي عدم وجود "أي معلومات تشير إلى أنه تعرض لمعاملة سيئة أثناء وجوده في الولايات المتحدة". اما وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون فقالت إن أميري "حر في أن يغادر"، موضحة: "هذه قرارات يمكنه وحده اتخاذها"، وذلك دون مزيد من الإيضاحات وما إذا كانت تشير ضمنا إلى أنه توجه إلى أميركا بمحض إرادته ثم طلب العودة. ودعت كلينتون طهران إلى إطلاق سراح الأميركيين المعتقلين لديها أيضا، وأشارت إلى عميل المباحث الفيدرالية الأميركية روبرت ليفنسون الذي اختفى من جزيرة "كيش" الإيرانية منذ 2007 وما زال مصيره مجهولا. واعتبرت إيران القضية أمس "انتصارا للأجهزة الأمنية في الجمهورية الإيرانية"، وقالت وكالة "فارس" المقربة من الحرس الثوري في تقريرها: "إثر عملية خطف شهرام أميري من قبل المؤسسات الأمنية الأميركية ونقله إلى أميركا بدأت التحركات الاستخبارية للجمهورية الإسلامية لإجبار أميركا على التراجع عن ما قامت به ومن ثم تقوم بتسليمه إلى مكتب رعاية المصالح الإيرانية في أميركا"، بدون أن توضح بدقة ما هي التحركات الإيرانية لإجبار أميركا على التراجع عن احتجاز أميري. وتابعت "فارس": "يعد ما قامت به الأجهزة الاستخبارية التابعة لإيران إحباطا للأجهزة الاستخبارية الأميركية المعادية لإيران بعد ما حققته أجهزة الأمن الإيرانية في الكشف عن ملابسات اختطاف شهرام أميري من خلال الوثائق التي قدمت إلى الأمم المتحدة والضغط على الرأي العام العالمي". وأضافت "قد عمل أميري على تسجيل نداء مصور له تم إيصاله إلى القوات الأمنية بطرق خاصة أعلن فيه أنه قد تعرض للخطف في يونيو (حزيران) من عام 2009. وبعد نقله لفترة وجيزة إلى مكان مجهول تم تسفيره على طائرة أميركية إلى الولايات المتحدة". وذكرت "فارس" أن الهدف من عملية الاختطاف "هو ممارسة الضغوط على الجمهورية الإسلامية في مجال البرنامج النووي واتهامها بعدم سلميته من خلال تزوير وثائق واهية"، موضحة أن أميري قال إنه خضع لأشد أنواع التعذيب من قبل أجهزة الاستخبارات الأميركية لسوق اتهامات غير حقيقية إلى إيران، لكن طهران قامت بتقديم وثائق إلى مكتب رعاية المصالح الأميركية تثبت اختطافه من قبل أميركا.