أفكارٌ خلاقةٌ..تفاهماتٌ فلسطينية-فلسطينية.. لا مَسَّ بالورقةِ المصرية..ظَهرت أرضيةٌ جديدةٌ قَدْ تُؤدي للمصالحة الوطنية مُستندة لِمباركة مِصرية لما يقوم بهِ وفدٌ مِن بَعض الشخصياتِ المستقلة وبعلمٍ من الرئيس "أبو مازن" وقبولٍ مِن "حماس"..الهدفُ بَحثُ أفكارٍ لا تَفتح الورقة المصرية..لا بالإضافة ولا بالتعديل..جهودٌ مباركة نَدعمها ونُؤيد ما قاله بخصوصها الدكتور "مصطفى البرغوثي": " أي شَخص لديه فِكرة ما قد تُؤدي للمصالحة يَجبُ العملُ عليها وإستنفاذها"..لكن، بِصراحة، وبشجاعةٍ نقول: لقد تَمَّ البحثُ والخوضُ في كُلِ المجالات بما يَتعلقُ بالمصالحة..المشكلةُ لم تَكن أبداً بالأفكار الخَلّاقةِ وغيرِ الخَلّاقةِ وما بَعْدَ بَعْدَ الخَلّاقه..المشكلةُ التي كانت ولا تَزال ليسَ لها علاقةٌ لا بالجهودِ ولا بالأفكارِ ولا بالنياتِ ولا بالاستعدادِ للبحث..الرئيس "ابو مازن" دعا بِوضوح إلى "توقيع الورقة المصرية وقال هناك الكثير مما يجمعنا وهو أكثر مما يفرقنا" وقيادات "حماس" تقول "أن هناك فيتو أمريكي – إسرائيلي على المصالحة وفتح لا تَملك زمام مبادرة نفسها"..أكثر الواقعين كان السيد "ياسر عبد ربه" أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حيث أشارَ إلى أن ما تقوم به بعض الشخصيات "ليس سوى جهد شخصي ولكن بدون أمل وبدون توقعات"، في حين المُحَلّل السياسي "طلال عوكل" قال: " الذي يجري هو محاولة البعض للبحث عن دور له"..وبِصراحة أتفق مع السيد "عوكل" بهذا الخصوص، خاصة أن المصالحةَ لَنْ تأتي لا بزيارةِ القاهرة ولا دمشق ولا حتى غزة..فكل ذلك تم إستنفاذه..وناقشَ الجميعُ كُلَّ صغيرةٍ وكبيرةٍ..بل ناقشوا ما لَمْ يَخْطرَ حتى على بالِ الموجودينَ في غزة وأبعد من ذلك وبما يؤدي لإستمرار الإنقسام وليس الوحدة..فلا التفاهماتُ الداخليةُ وبضماناتٍ عربيةٍ او وطنيةٍ فلسطينيةٍ ستكون ملزمة ولا غيرها..حتى فيما أصبح يعرف بِ "الورقة المصرية" غَيرُ مُؤَكدْ أن يتم تنفيذها حتى في حالة لو لا سمح الله تم توقيعها "عفواً"..الواقع أكبر بكثير مِنْ حسن نيّة المِصريان السادةُ الأفاضل "منيب وهاني" ولا من الأفكارِ الخَلّاقة لدى الدكتور والطبيب "حنا والبرغوثي"..وما يَقومان به رغم أهميته هو تَعبيرٌ عن قُصور لدى الجميع يُعَبّر عنه بحركةٍ هُنا وكَلمةٍ هُناك وتَوجهٌ للمسارِ الخطأ..فلا يُمْكن فَرضْ المصالحة وحتى بالورقةِ المصرية أو بالتفاهماتِ المرجو الوصولَ لها إلا بِتَحركْ قادر على ذلك..ولا قادرٌ في ذلكَ إلا "قادِران" الارادةُ الالهية التي تَفرضُ نفسها بدون مُشاورةِ أحدٍ مِنَ الطَرفَينْ..وزمن المعجزات قد وَلّى، مع بقاءِ أملنا بالله الذي لا يَتَوَقَف فرَحمَته واسعه وهو على كُلِ شيءٍ قدير ولا يَأسَ ولا قُنوطَ من قُدرته، والثاني، الإرادةُ الشعبية، تَحرك شَعبي فِعلي وضاغط في كافةِ المُدن والقرى والمخيمات الفلسطينية..في الداخل والشتات ومناطق أل "48".. وبَدلَ الزيارات والاستقبالات والصور وإعطاء الامل في غير موقعه..فإنَّ بناءِ خيمةٍ وسطِ رام الله وغزة للإعتصام كبدايةٍ لهذا التحرك، يترأسه كُلَّ الغَيُورّين على وِحدةِ الشعبِ الفلسطيني تُقرّبَ الأملُ والامكانية..قيادَتا الجُغرافِيَتَينْ، بحاجةٍ لرأيٍ عامٍ ضاغط كما حدث في قضية "غولدستون"، وأكثر، لكي يَستطيعا تَجاوِز الضغوطاتِ الكبيرةِ التي يتعرضونَ لها..بدون ذلك، دَعونا لا نَكذِبْ على أنفسنا..وَدعونا نُفكر بكيفيةِ التَنسيق بين الواقعينِ الموجودينِ في المنطقتينِ الجُغرافِيَتَينِ المُحاصَرتَينِ الّلتين لا تَملكانِ مِنْ نَفسيهما غَيرَ مُناوَراتِهما المَكشوفه.السيد "أبو العبد هنية" لخّصَ مَطالِبَهُ مِنَ المصالحه حين قال:" نُريدُ مُصالحةً تؤدي لشراكةٍ سِياسيةٍ وأمنيةٍ بِما فيها المَرّجِعيات"..هذا يُوَضِّح بِشكل قاطع المَطلوب..فلا وحدةٍ وطنيةٍ بدون شراكة..شيءٌ مُؤكد..وَهيَ تَكون بالسياسةِ والامنِ وبالقياداتِ إن كان لِ "منظمة التحرير" او لِ "السلطة الوطنية"..المسألةُ هنا أصبحتْ أكثرُ مِنْ واضحة..فَما يُعَطّل المصالحةُ هو الإتفاقُ على برنامجٍ سياسيٍ قادرٍ أنْ يُشَكّل على أساسهِ شَراكةٍ بمطالبِ السيد "هنية"..وهذا يُعتَبر ألف باء العمل السياسي..السؤالُ المُهم: ما هُو هذا البَرنامج؟ وما هِيَ الوَسائلُ التي سَتُسْتَخدَم لِتحقيقه؟..سؤالانِ مركزيانِ الإجابةُ عَليهما سَتؤدي فوراً الغرض وسَتَأتي بالمصالحه.. والواضح أنَّ السِرَّ الدَولِي والإقليمي يَنْبُعُ مِنْ مَفهومِ الدَولتينِ وتَطبيقِِ الإتفاقياتِ المُوَقَعه بِشكلٍ مُتبادل..فإذا وَافقت "حماس" على ذلك فكلِ الأُمور الأخرى تُعتَبَر بِغيرِ ذي أهمية.. أما أن نَبقى نُردِّدَ كلماتٍ وجملٍ تُطربُ الآذانُ وتُعطي الأملُ فهذا ما يُؤدي لوقوعِنا في المصائبِ كما حَدثَ لنا ولا يَزال، فَ "ثِمةُ مصيبتانِ في الحياة..الاولى أنْ لا تَحصلَ على ما تُريد..والثانية أنْ تَحصلَ عليه" كما قال الاديب الإيرلندي "أوسكار وايلد"..فَنحنُ نُريدُ مُصالحةٌ تَستَمر وتَبقى وتَعيش ولا نُريد مصالحةٌ يَقفُ فيها الشركاءُ عِندَ كُلِّ حَرفْ وكُلِّ كَلمة..ومُصيبةُ عَدمَ حُصولِنا على المصالحةِ لا تَعني بالضرورةِ الحصولَ على مصالحةٍ ناقصةٍ لا تُؤتي ثِمارَها داخلياً بِمفهومِ الشراكةِ الفعليةِ ولَيسَ بِمفهومِ تَقسيمِ الكعكة..وخارجياً في مواجهةِ العالمِ والاقليمِ بموقفٍ سياسيٍ يُعَبَّر عَنهُ بوسائلٍ مَقبولةٍ ومشروعة.بالتأكيد، كما قالَ السَيد مُنيب المصري "المصالحةُ ليست خيارٌ..بل حتمية"، ولكنَّ الحتميةَ لا تَأتي بِدونِ تَوجه حَقيقي للذي شاركَ في إنتخابات عام 2006 بَعد أن رَفضها عام 1996، تَوجه نَحوَ الواقعية حتى بمفهومِ دِول الطوق "الممانعة" المتحالفَ مَعها، تَوجه يَضمنُ نَوعٌ مِنَ الإنسجامِ الداخلي ويَتوافقُ بِشكلٍ نِسبي مَعْ الرُؤيا الدولية، شَرط أنْ يَتعاطى الطرفُ الآخرَ مِنَ المعادلةِ مع الشراكةِ كإستراتيجيا وليسَ كَتَكتيك لِجلبِ الطرفِ الآخر..وخيارُ الدَولتينِ ورغمَ أنه أصبحَ في مَهبِّ الريحِ بِسببِ سِياساتِ الحكوماتِ الاسرائيليةِ المتعاقبة، لا يزالُ هُوَ العنوان..وخيارُ المقاومةُ السلميةُ والشعبيةُ هو المُحَبَّبْ والمُقَرَّبْ مِنْ قُلوبِ الرأي العام العالمي في هذه المرحلة..فلكلِ زمنٍ زمان..ولكلِ زمانٍ رؤيا..ولكلِ رؤيا وسائلها مَعْ الإحتفاظِ بِزمانِنا وفقاً لِحقوقِنا وبِما لا يَتعارض مع الشرائعِ الدوليةِ المتعارفِ عليها، وختاماً أقول كما قال الشاعر المصري محمد سيد ندا "أعلمُ أنَّ الغيمَ هو العقلُ...وأنَّ الفِعلَ هو الظِّلُ... وأنَّ البدرَ إذا إنعَكَسَتْ صورَتَهُ في الماءِ... فَليسَ الماءُ البدرَ...وليس البدرُ الماءَ...وأعلمُ أنَّ السرَ هوَ الاسمُ ...والاسمُ هوَ السرُ.. وليسَ الاسمُ هوَ الصفةَ...ولَيستْ صِفةُ الاسمُ هيَ المَوصوف...وأنَّ العارفَ ليسَ هوَ المعروف...وليسَ المعروفُ هوَ الموصوف...وأنَّ الاسرارَ خفاء"..وَهُنا كُلِّ شَيئٍ مَعروفٍ ومَوصوفٍ والأسرارُ لم تَعدْ أسرارا.Firas94@yahoo.com