يسيرون من أجل جلعاد (أربعة ايام) هاكم أهم ما جاء في خطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس: مرت أربع سنوات على اختطاف جلعاد شليت وشعب اسرائيل موحد في رغبته في أن يراه عائدا سليما معافى الى عائلته، الى بيته والى بلاده. ليس بيننا من يريد دون عودته ومن لا يريدونها. لدينا جميعا تعتمل الرغبة الشديدة في أن نرى جلعاد يعود الى أبويه أفيفا ونوعام، لجده تسفي، لشقيقته هداس ولشقيقه يوئيل. ليس هناك من التقى ابناء عائلة شليت ولا يفكر بينه وبين نفسه في أن جلعاد قد يكون ابني أو أخي أو حفيدي. وعليه فان رد فعل العائلة طبيعي، وكذا الرغبة في مساعدتها، في اسنادها، في اطلاق الصوت – هذا ايضا طبيعي ومفهوم لنا جميعا ومفهوم لي أيضا. دولة اسرائيل كانت دوما مستعدة لان تدفع ثمنا باهظا لتحرير مخطوفيها. أنا أعرف هذا الثمن عن كثب. فقدت أخي يوني رحمه الله في عملية لتحرير مخطوفي طائرة اير فرانس في عنتيبة. أنا نفسي اصبت في عملية لتحرير مسافري طائرة سابانا في مطار بن غوريون. في هذه الحالات، وفي حالات اخرى، مثل محاولة انقاذ الجندي نحشون فاكسمان، رحمه الله، كانت احتمالية عملياتية، ودولة اسرائيل لم تتردد في ان تعرض للخطر افضل ابنائها كي تحرر اسراها ومخطوفيها. في ظروف اخرى قررت دولة اسرائيل عدة مرات تحرير مخربين وقتلة مقابل تحرير اسرائيليين. الصفقة الاكثر شهرة هي صفقة جبريل في العام 1985. في اطار هذه الصفقة تحرر 1.150 مخربا. نحو نصفهم عادوا للانشغال في الارهاب وعادوا ليقتلوا اسرائيليين بايديهم. فضلا عن ذلك، فان محرري صفقة جبريل كانوا النواة الصلبة لقيادة الانتفاضة الثانية التي في اطارها – في العمليات الانتحارية وفي الارهاب – اكثر من الف اسرائيلي فقدوا حياتهم. ولكن كانت هناك حالات اخرى. مثلا كانت صفقة تننباوم في كانون الثاني 2004. في اطار هذه الصفقة تحرر 400 مخرب. وها هو ما حصل: في 27 كانون الثاني 2004 تحرر نشيط حماس موسى هشلمون الذي كان جزءا من صفقة تننباوم. في 31 آب 2004، بعد نصف سنة فقط من تحريره، كان مشاركا في هجوم ارهابي في توقيت واحد على باصين في بئر السبع. في هذين الهجومين قتل 16 مواطنا اسرائيليا واصيب اكثر من 100. محررون آخرون في صفقة تننباوم أدوا الى مقتل شابتين وثلاثة رجال في نادي ستيج في تل أبيب في شباط 2005. فتاتان ابنتا 16 سنة، جندي في الخدمة النظامية وامرأتان في المجمع التجاري هشارون في نتانيا في حزيران 2005 وامرأة اخرى قتلت في عملية ارهابية في ديمونا في شباط 2008. بالاجمال قتل محررو صفقة تننباوم 27 اسرائيليا منذ تحريرهم في 2004. هذا يمكن ان نقوله اليوم في منظور السنوات الاخيرة. بعد مفاوضات عنيدة استجبت لاقتراح الوسيط الالماني لصفقة تعيد جلعاد شليت، ولكن الى جانب ذلك تحافظ على أمن مواطني اسرائيل. بودي أن أشرح ماذا تتضمن الصفقة وما لا تتضمنه: الحكومة السابقة وافقت على صيغة تحرير 450 مخربا الى حماس. هذه الصفقة لم تستكمل لانه لم يكن اتفاق على الاسماء. اضافة الى ذلك وافقت الحكومة السابقة على تحرير 550 سجينا امنيا كبادرة طيبة للسلطة الفلسطينية برعاية مصرية. والان وقفت امام امكانية رفض الصفقة تماما الامر الذي كان سيضع علامة استفهام على تحرير جلعاد في المدى المنظور، او القيام بمحاولة لاستكمالها بطريقة لا تمس بامن مواطنينا، فاخترت هذا الطريق ولهذا فقد قررت قبول الاقتراح الجديد للوسيط الالماني. وليكن واضحا: هذا اقتراح صعب. فهو يتضمن تحرير 450 مخربا كل اسمائهم وفرتها حماس. وقد اعطانا قائمة أكبر، ونحن اخترنا منها الاسماء لاستكمال الـ 450. بالاجمال يوجد في اقتراح الوسيط الالماني الذي وافقنا عليه تحريرا لالف مخرب. هذا هو الثمن الذي أنا مستعد لان ادفعه كي اجلب جلعاد الى الديار. قلت نعم للصفقة، وهي جاهزة للتحقق فورا ولكن توجد ايضا اثمان ليست مستعدا لان ادفعها وهي لا تندرج في الاقتراح المطروح. انا مصمم على مبدأين اساسيين: المبدأ الاول هو ان مخربين خطرين لن يعودوا الى مناطق يهودا والسامرة – من هناك يمكنهم أن يواصلوا المس بمواطني اسرائيل. مخربون تصفهم محافل الامن بالخطرين – مثل بعض ممن تحرروا في صفقة تننباوم – يمكنهم أن يتحرروا الى غزة او الى تونس او الى أي مكان آخر، ولكن لا يمكنهم ان يدخلوا يهودا والسامرة، إذ من هناك يمكنهم أن يصلوا الى كل مدننا، يمكنهم ان يصلوا الى كل مكان. يمكنهم – عبر الثغرات والفجوات التي في الجدار – الوصول الى كفار سابا، حيفا، تل أبيب والقدس والى كل مكان. وهذا بالضبط هو السبب الذي من أجله تصر حماس على أن يتمكنوا من العودة الى يهودا والسامرة. لست مستعدا للعودة الى سياسة في اختبار الزمن أدت الى مقتل عشرات كثيرين من الاسرائيليين. المبدأ الثاني هو الامتناع عن تحرير كبار القتلة، وذلك لان هؤلاء بخروجه من السجن سيعززون جدا قيادة حماس ويقدمون الهاما كبيرا لموجات ارهابية جديدة. يدور الحديث عن كبار قتلة خططوا للعمليات الاقسى والاكثر اثارة للصدمة قتل فيها عدد كبير جدا من المواطنين الابرياء والمطمئنين في دولة اسرائيل. بقلب متألم وانطلاقا من الحفاظ على هذين المبدأين وافقت على اقتراح الوسيط الالماني. حتى هذه اللحظة لم يصل رد من حماس على اقتراح الوسيط. في الايام الاخيرة بعض من الناطقين بلسان حماس حتى أنهم يصعدون المطالب. اعتقد أن حماس مخطئة. ولكن القرار في يدها. الدعوة لدفع كل ثمن هي صرخة القلب الطبيعية للاب، للام، للجد، للاخت، للاخ. كأخ، كأب، وكأبن أفهم هذه الصرخة من اعمال قلبي. ولكن امام ناظري، وأمام ناظر كل رئيس وزراء في اسرائيل يجب أن يقف امن عموم مواطني الدولة. دولة اسرائيل مستعدة لان تدفع ثمنا باهظا لقاء تحرير جلعاد شليت. ولكنها لا يمكنها أن تقول بكل ثمن. هذه هي الحقيقة وانا اقوالها هنا.