غزة / سما / أكد مشاركون في مؤتمر حول حوار الحضارات عقد في مدينة غزة، اليوم، على ضرورة إنجاز المصالحة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام الذي يعصف بالمجتمع في أسرع وقت ممكن، تحقيقاً للمصلحة الوطنية العليا. وأوصى المؤتمر، الذي نظمه مركز آدم لحوار الحضارات، تحت عنوان: ’نحو تعزيز ثقافة الحوار’، بالعمل على نشر ثقافة الحوار بكافة السبل الممكنة لضمان وصولها بشكل سليم لدى الجيل الناشئ لحماية مستقبلنا الفلسطيني من الانجرار وراء المهاترات الحزبية الضيقة والتعصب للرأي والتطرف في الأحكام. وشدد المؤتمرون على تربية الشباب على مبدأ قبول الرأي الآخر ما دام يصب في المصلحة العامة وعدم التشدد في إطلاق الأحكام على من يخالف الرأي، منوهين إلى أن ديننا الإسلامي الحنيف نادى باعتماد سياسة الحوار واعتبره منهجاً ثابتاً للتعامل مع كافة أبنائه فيما بينهم من ناحية، ومع بني البشر من ناحية أخرى. ودعوا إلى تعزيز ثقافة الحوار داخل المؤسسات سواء بين أبناء الفصائل المختلفة أو مؤسسات المجتمع المدني وكافة المؤسسات الشعبية والرسمية. كما دعوا إلى تعزيز دور وسائل الإعلام المختلفة في نشر ثقافة الحوار ومحارب التعصب والتطرف عبر تخصيص برامج خاصة تحقق هذا الهداف، إضافة إلى ضرورة الاستمرار في عقد مؤتمرات دورية لتعزيز ونشر ثقافة الحوار بين كافة شرائح مجتمعنا باعتبارها القاعدة الصلبة التي تحمي بنية مجتمعنا الداخلية. من جهته، أكد المهندس عماد الفالوجي، رئيس مركز آدم لحوار الحضارات، في كلمته خلال المؤتمر، أن فلسطين كانت وما زالت مهداً للديانات السماوية الرئيسة في العالم، وكانت على مدار التاريخ ممراً استراتيجياً وهاماً وشهدت أرضها المقدسة أحداثاً مفصلية كان لها الأثر المميز في التاريخ الإنساني واحتضانها للكثير من المظاهرات والتراث الحضاري والتاريخي للحضارات الإنسانية المختلفة، بما يؤهلها لأن تلعب جسرا للترابط بين الحضارات والشعوب المختلفة. بدوره، قال الدكتور الشيخ يوسف جمعة سلامة، النائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، وزير الأوقاف والشؤون الدينية الأسبق، إن الإسلام أسس منهاجاً متكاملاً للتعامل بين الشعوب والحضارات، مؤكداً أن الحوار بالنسبة للمسلمين فريضة واجبة وضرورة شرعية، فرسالة الإسلام ودعوته عالمية لا تختص بجنس أو لون أو عرق ولا بلد بعينه. ونوه الشيخ سلامة، إلى أن الحوار قيمة حضارية وإنسانية من الضروري أن يؤمن بها ويمارسها الفرد والمجتمع على حد سواء لتحقيق الاستفادة من إيجابيات الحوار المتعددة، وتزداد أهمية الحوار عندما تواجه الأمة ظروفاً معينة وأحوالاً خاصة تمس وحدتها وكيانها وتماسكها. بينما أكد الداعية الإسلامي الشيخ عبد العزيز عودة، أن الحوار مرتبط مع الحرية ولكن مع غيابها يغيب الحوار، موضحاً أن الإسلام يجيز الحوار، وأن الإسلام لم ينتشر بالعصي، لقوله تعالى ’لست عليهم بمسيطر’. وأشار إلى أن هناك عاهات فرضت نفسها، وعلى رأسها الاستبداد في العائلة وفي المؤسسة وفي الحكومة وهذا يمنع الحوار أن يأخذ مجراه. ودعا عودة، السياسيين والمثقفين إلى محاربة الاستبداد والحزبية، منوهاً إلى أن تسييس الجوامع بالمعنى الحزبي القائم حالياً في مجتمعنا يعتبر أقبح بدعة. من ناحيته، شدد أشرف جمعة القيادي في حركة فتح، على ضرورة الوحدة الوطنية بين أبناء شعبنا، منوهاً إلى أن المصالحة الوطنية لا يمكن أن تتم إلا بثورة شعبية ’ثورة السوسن’ من أبناء شعبنا، وإذا لم يكون ذلك فلن تكون مصالحة لعشرات السنين. وقال جمعة ’علينا أن نتنازل، وألا نتمترس خلف التحفظات والملاحظات’، مؤكداً أن المصالحة والحوار خيار استراتيجي لحركة فتح رغم كل العقبات. وبين الداعية الإسلامي سيد بركة، رئيس منتدى الأمة، أن جوهر الصراع بيننا وبين إسرائيل هو أخلاقي، قائلاً: ’نحن بحاجة إلى أن نؤمن بأنفسنا وباحترامنا لأنفسنا، كما نحن بحاجة إلى الإقرار بأن الحوار عنوان النضج والرشد والمصداقية، وأن العنف الداخلي عنوان التخلف والتيه والضياع، وأن الحوار هو الوسيلة الوحيدة لمعالجة قضايانا’.