واشنطن، نيويورك، لندن - أ ف ب - رحّبت الحكومة الألمانية بحذر أمس بقرار الحكومة الإسرائيلية «المبدئي» القاضي بتأمين فتح جزئي لمعابر قطاع غزة من أجل إيصال البضائع والسلع الإنسانية والمدنية إلى السكان. وجاء هذا الترحيب بعد ترحيب مماثل من واشنطن والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي التي اعتبرت قرار التخفيف الاسرائيلي «خطوة في الاتجاه الصحيح». وقالت الناطقة بلسان الحكومة الألمانية سابينه هايمباخ لـ «الحياة» رداً على سؤال، إن المستشارة أنغيلا ميركل رحّبت بالقرار، لكنها تتمسّك مع شركائها الأوروبيين «بضرورة فتح كامل ودائم للمعابر، مع تحديد لائحة محدودة من السلع والبضائع الممنوعة». ولفتت إلى أن هذا الموضوع كان محور بحث في القمة الأوروبية التي عقدت أول من أمس في بروكسيل بعد إعلان المجلس الأمني للحكومة الإسرائيلية أنه سيتخذ في الأيام المقبلة خطوات لتنفيذ قرار الخفض الجزئي للحصار. وأكدت الناطقة لـ «الحياة» أيضاً أن البحث جار حالياً في بروكسيل لإرسال هيئة مراقبين دوليين إلى المعابر بعد إعراب إسرائيل عن عدم ممانعتها لذلك. وسبق ذلك إصدار وزير الخارجية الألمانية غيدو فيسرتفيلّه بياناً متحفظاً قال فيه إنه ينتظر تسهيلات ملموسة على المعابر. وأضاف: «إن هدفنا يبقى العمل بالتوافق مع قرارات مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي على إنهاء حصار قطاع غزة». ووصف قرار الحكومة الإسرائيلية بـ «الخطوة الأولى فقط» مشدداً على «أن الحاسم في الأمر هو حصول تحسن ملموس وسريع على المعابر مع غزة». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية أندرياس بيشكه إن حكومته تحض تل أبيب «على إتباع خطوتها الأولى بخطوات أخرى، الأمر الذي يفترض تنفيذ القرار المبدئي لتحسين وضع سكان القطاع ومعيشتهم». ولفت إلى أن الموقف الألماني جزء من الموقف الأوروبي والدولي، مشيراً إلى الاتصالات المكثفة التي أجراها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الاثنين الماضي خلال اجتماعهم في لوكسمبورغ. وأضاف أن فيسترفيلّه تحادث مع وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان في شأن ضرورة تخفيف الحصار المضروب على القطاع، وأن الموضوع باق على جدول أعمال وزراء الخارجية. وعن استعداد إسرائيل المبدئي أيضاً للسماح بمجيء هيئة مراقبين دوليين لمراقبة البضائع الداخلة إلى القطاع والخارجة منه، أكّد بيشكه «وجود طروح عدة لمسألة الرقابة على المعابر». وقال إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بحثوا الفكرة أيضاً في لوكسمبورغ واتفقوا على أنه «بموازاة فتح إسرائيل للمعابر، هناك استعداد لتقديم الدعم والمساعدة في هذا المجال». وتابع أن تفاصيل الفكرة والخطوات المحددة لها للتنفيذ تبحث من جانب لجنة خبراء سياسية وأمنية تعقد اجتماعاً في بروكسيل حالياً على مستوى سفراء. وذكّر بالمهمة الأوروبية السابقة لمراقبة معبر رفح، قائلاً إنها أحد التصورات المطروحة حالياً للعمل بها. وكان الناطق باسم البيت الابيض روبرت غيبس وصف مساء اول من امس القرار الاسرائيلي بأنه «خطوة في الاتجاه الصحيح»، وقال خلال مؤتمره الصحافي اليومي: «نرحب بالمبادئ التي اعلنتها الحكومة الاسرائيلية. انها خطوة في الاتجاه الصحيح»، مضيفاً: «سنواصل العمل في الايام المقبلة مع اصدقائنا الاسرائيليين من اجل تحسين الوضع الانساني في غزة والذي قال عنه الرئيس (باراك اوباما) انه وضع لا يحتمل». واعتبر الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون مساء اول من امس القرار الاسرائيلي «مشجعاً»، لكنه اعرب عن الأمل في تغيير جذري في موقف الدولة العبرية. وأفاد الناطق باسمه مارتن نسيركي في لقاء مع الصحافيين ان «الامين العام يعتبر ان مراجعة الحكومة الاسرائيلية سياستها حيال قطاع غزة امر مشجع، ويأمل ان يشكل قرار الحكومة الامنية الاسرائيلية خطوة حقيقية نحو تلبية حاجات غزة». الا انه اضاف ان الامم المتحدة «ما زالت تدعو الى تغيير اساسي في السياسة، كما دعت اليه اللجنة الرباعية كي تتمكن المساعدة الانسانية والسلع والاشخاص من سلوك نقاط عبور مفتوحة وإتاحة المجال لإعادة الإعمار». وتابع ان بان كلف منسق الامم المتحدة للشرق الاوسط روبرت سيري الاتصال فوراً مع السلطات الاسرائيلية «لجمع مزيد من المعلومات عن قرارها والإجراءات الضرورية التي ستواكب تنفيذه». وشدد على ان الامم المتحدة مستعدة لتكثيف جهودها للمساعدة على اعادة إعمار غزة اذا اقتضى الامر. وكان المبعوث الخاص للجنة الرباعية توني بلير اعتبر القرار الاسرائيلي «خطوة جيدة الى الأمام»، مطالباً بوجود دولي على المعابر. وصرح بعد لقاء مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في واشنطن اول من امس: «انها خطوة جيدة الى الأمام من اجل سكان غزة (...) علينا التأكد من اننا ندخل الى غزة منتجات يحتاج اليها الناس في حياتهم اليومية». وتابع: «المهم الآن (...) هو التوافق على التفاصيل وإطلاق الامور فعلاً». وكرر التأكيد ان تحسيناً «جذرياً» لظروف حياة الغزاويين، وإحراز تقدم في الضفة الغربية على مستوى الاقتصاد والحوكمة، وإجراء «مفاوضات سياسية قابلة للحياة وذات صدقية» هي النقاط الثلاث التي ستسمح بإنهاء النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي ارتكازاً الى حل الدولتين. من جهة اخرى، اعتبر بلير ان «فكرة وجود دولي (على المعابر) منطقية»، وقال في مقابلة مع المحاور تشارلي روز على تلفزيون بلومبرغ ان «الاتحاد الاوروبي كان له وجود في السابق على معبر رفح، ويمكن تكرار ذلك. كما يمكن اعطاء السلطة الفلسطينية دوراً (...). اعتقد ان اسرائيل منفتحة على هذين الطرحين». وفي لندن، اعتبر ناشطون مناصرون للفلسطينيين شاركوا في «اسطول الحرية» الدولي الانساني الذي حاول نقل مساعدات انسانية الى قطاع غزة، ان القرار الاسرائيلي بتخفيف الحصار عن غزة «غير كاف» وطالبوا برفعه بالكامل. والتقى العشرات من ممثلي المجموعات التي ساهمت في الاسطول في لندن اول من امس سكرتير الدولة في وزارة الخارجية البريطانية المكلف شؤون الشرق الاوسط أليستير بورت. وبعد اللقاء، صرح احد الناشطين، رئيس مجموعة «اصدقاء الاقصى» اسماعيل باتيل لوكالة «فرانس برس» بأن «التخفيف ليس مقبولاً لدينا لأن حصار غزة غير شرعي وينبغي انهاؤه مئة في المئة». وأضاف انه في حال لم يقم احد بشيء «اخشى ان نضطر الى اعادة الكرّة، وسأعيد الكرّة»، رافضاً اي تحقيق أحادي الجانب تجريه اسرائيل في الهجوم على الاسطول، ومطالباً بتحقيق دولي.