خبر : مصادر رفيعة في تل ابيب: على رئيس الموساد تحمل مسؤولية الفشل في قضية المبحوح والسفن التركية واعتقال برودتسكي وتقديم استقالته

السبت 19 يونيو 2010 12:20 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مصادر رفيعة في تل ابيب: على رئيس الموساد تحمل مسؤولية الفشل في قضية المبحوح والسفن التركية واعتقال برودتسكي وتقديم استقالته



القدس المحتلة / نهاية الرجل الاسطورة، هكذا يُمكن وصف وضع رئيس الموساد الاسرائيلي (الاستخبارات الخارجية)، الجنرال في الاحتياط مئير داغان، فقضية اغتيال الشهيد محمود المبحوح وتورط الدولة العبرية دوليا بسبب العملية، قد يؤديان للاطاحة برئيس الموساد، هذا الرجل الذي اختارته القناة العاشرة التجارية في التلفزيون الاسرائيلي رجل العام.داغان، بحسب تقرير نشره الجمعة محلل الشؤون الاستراتيجية في صحيفة ’يديعوت احرونوت’، د. رونين بيرغمان، يمر في هذه الايام بظروف عصيبة للغاية. المبحوح، قال مصدر امني رفيع المستوى في تل ابيب للصحيفة، ما زال يُلاحقنا من قبره، مضيفا انّ قاسما مشتركا يجمع بين اغتيال المبحوح، وطرد الممثلين الاسرائيليين من عدد من الدول على خلفية الجوازات المزورة في عملية الاغتيال، مرورا بعدم جمع معلومات عن السفينة التركية (مرمرة) وانتهاء باعتقال رجل الموساد في بولندا، اروي برودوتسكي، هذا القاسم المشترك هو الغطرسة والاستعلائية التي تميّز جهاز الموساد تحت امرة داغان.الصحيفة اوردت ايضا تصريحات لشخصيات عالية المستوى في المنظومة الامنية في الدولة العبرية، فضلّت عدم الكشف عن اسمها، والتي قالت بشكل غير قابل للتأويل، في اسرائيل كما في اسرائيل، الفشل يتم، ولكن على داغان ان يتحمل المسؤولية ويُقدّم استقالته من منصبه، وللتدليل على ذلك، اكدت المصادر عينها، انّه في العام 1997 عندما فشل الموساد في عملية اغتيال رئيس الدائرة السياسية في حركة حماس، خالد مشعل، قدّم رئيس الموساد انذاك، داني ياتوم، استقالته من منصبه، وبالتالي على داغان، بحسب الشخصيات المذكورة، ان يحذو حذو ياتوم.مع ذلك، اكدت الصحيفة انّ داغان لا ينوي الاستقالة، ولكن اعتقال برودوتسكي هو القشة التي قصمت ظهر البعير، ورئيس الوزراء نتنياهو قرر عدم تمديد فترة رئيس الموساد الحالي والذي تنتهي ولايته اواخر العام الجاري، لافتًة الى انّه في الاسابيع القلية القادمة ستتخذ الحكومة الاسرائيلية قرارا حول الوريث.واوضح بيرغمان انّ الضرر الذي سببته محاولة اغتيال مشعل في عمّان بالاردن، لا يقترب بالمرة من الاضرار الاستراتيجية التي لحقت باسرائيل من قضية المبحوح، ولكن الفرق الوحيد، بحسبه، انّه في القضية الاولى استقال رئيس الموساد، امّا هذه المرة فلا يوجد امل بذلك، على حد تعبيره. وكشفت الصحيفة النقاب، نقلا عن مصادر امنية قولها انّ مشعل تعلم من محاولة الاغتيال وطلب من الحرس الثوري الايراني تشديد الحراسة عليه، ومنذ ذلك الحين فشلت جميع محاولات الموساد التي هدفت لاغتياله. وهكذا فانّ الدعوات لاقالة داغان لم تعد حكرا على اوروبيين شاهدوا مساس داغان وموساده بكرامتهم الوطنية، وانما تعدت ذلك لاسرائيليين باتوا يستشعرون الخطر من سلوكيات الموساد الحمقاء تحت قيادته. وساقت الصحيفة قائلةً انّه على الرغم من العمليات الفاشلة الاخيرة، فانّه ما من شك بانّ تبوا داغان المنصب في العام 2002 احدث تغييرات جوهرية في الموساد، وحوّله الى جهاز عملياتي مهم، مقارنةً مع ذي قبل، حيث ركّز اعماله في قضيتين مصيريتين بالنسبة للامن القومي في الدولة العبرية: البرنامج النووي الايراني ومحاربة الارهاب خارج اسرائيل. وزادت انّه بعد سنة ونصف السنة من خدمته، تحوّل الموساد الى جهاز هجومي خاضعا لنزوات داغان، علاوة على ذلك، تمكن رئيس الموساد من تعميق اواصر الصداقة والتعاون مع اجهزة استخبارات في العديد من دول العالم، وهذا برأي المحلل الاسرائيلي انجاز مهم. ولكن طلبات رئيس الموساد بزيادة دراماتيكية لعمليات الاغتيال خارج اسرائيل، بحسب المصادر الامنية، ادّى في ما ادّى، الى عزوف عناصر الموساد عن الحيطة والحذر خلال تنفيذ العمليات. ولفت المحلل الى انّ العمليات الجريئة التي نفذّها الموساد حوّلت رئيسه الى رجل العام في اسرائيل والى عزيز المنظومة الامنية، والمقرب جدا من نتنياهو، الامر الذي دفع الحكومة الاسرائيلية الى زيادة ميزانيته بمبالغ خيالية، ومن العمليات المشهورة: تصفية قادة في حزب الله، تنفيذ عمليات تخريب في البرنامج النووي الايراني، تفجيرات في مخازن اسلحة بلبنان، احباط محاولات من قبل حزب الله للانتقام من اسرائيل على اغتيالها القائد العسكري، عماد مغنية في دمشق، والكشف عن سفن اسلحة ايرانية كانت في طريقها الى لبنان. بالمقابل، وصل فشل الموساد ذروته في اضطرار اسرائيل للمرة الاولى لمواجهة ادراج ملفها النووي على جدول اعمال ليس فقط القمة النووية في واشنطن ولا المؤتمر الدولي لمراجعة معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية وانما ايضا مؤتمر الوكالة الدولية للطاقة النووية، كما قالت المصادر ذاتها.ولكن على الرغم من النجاحات التي سُجلّت للموساد، قال المحلل الاسرائيلي، انّ حالة الغطرسة والاستعلاء التي ميّزت الموساد، خلال تنفيذ عملية اغتيال المبحوح في دبي، طغت على المشهد، فالجهاز نظر نظرة احتقار للطرف الثاني ولم يتخيل انّ شرطة دبي ستكشف عن العملية بالصوت والصورة، واعترفت المصادر بانّ قائد شرطة دبي، ضاحي خلفان، والنشر الكبير عن القضية سببا للدولة العبرية ضررًا استراتيجيا كبيرا.علاوة على ذلك، لفتت المصادر الى اخفاق الموساد في جمع معلومات عن سفينة مرمرة التركية، على الرغم من انّه يملك القدرات لذلك، وبحسب مصدر رفيع المستوى في تل ابيب فانّ الموساد لم يُول اهمية لاسطول الحرية، وبالتالي لم يقُم بجمع المعلومات. وبحسب الصحيفة، فانّ الموساد وعلى الرغم من الفشل في عملية المبحوح، لم يفعل شيئا من اجل منع تداعيات القضية، وهو الامر الذي اوصل اسرائيل الى قضية برودوتسكي واعتقاله بموجب امر من الانتربول في بولندا. ونقلت الصحيفة عن مصادر المانية عالية المستوى قولها انّ برلين مصرة على تسلم برودوتسكي ومحاكمته، بتهم امنية خطيرة، متوقعةً نشوب ازمة دبلوماسية في العلاقات بين اسرائيل والمانيا على هذه الخلفية.واكد المحلل الاسرائيلي على انّ تراجع مكانة الدولة العبرية في العالم ما زال مستمرا، واكبر دليل على ذلك، انّه خلافا للماضي، عندما وقع الموساد في اخطاء، لم يتمكن هذه المرة، اي في قضية المبحوح، من ابقاء القضية طيّ الكتمان، بل انّ القائم على العملية لم يقُم، كما هو متبع في مثل هذه الحالات، باخفاء الاشخاص المتورطين عن المشهد، وهو الامر الذي ادّى الى اعتقال برودوتسكي في بولندا، على حد قوله.