أعد الجيش الاسرائيلي لاول مرة أمرا مهنيا مكتوبا يعرف كيف يفترض بقائد وحدة عسكرية أن يستخدم قوة عسكرية في اثناء قتال في منطقة يوجد فيها سكان مدنيون. وتدرج الوثيقة دروسا من حملة "رصاص مصبوب"، تقرير غولدستون وكذا تقارير اخرى لمنظمات حقوق الانسان عن نشاط الجيش الاسرائيلي في القتال في غزة. الوثيقة التي اعدتها دائرة النظرية القتالية ومفاهيم الذراع البري برئاسة العقيد مئير فنكل، وصدرت قبل نحو شهر هي محاولة اولى لبلورة نظرية مكتوبة عن الشكل الذي من المتوقع للقائد أن يتصرف به في اثناء القتال في منطقة مأهولة. وحسب ضابط كبير في الذراع البري، فان "معظم التعليمات في الوثيقة كانت موجودة في الماضي ولكن في أعقاب حملة "رصاص مصبوب" قررنا وجوب تأكيد الامور إذ اننا اليوم ننظر الى ذلك على نحو مختلف". وحسب الوثيقة، فان القادة يوجهون لبذل كل جهد لاخراج السكان المدنيين من المنطقة التي من المتوقع فيها قتال. ويشار الى أنه رغم محاولات حمل السكان على مغادرة مناطق القتال في حملة "رصاص مصبوب" من خلال التحذيرات بالمنشورات التي القي بها من الجو، بلاغات الى الهواتف الخلوية و"اقتحامات" لوسائل الاعلام الفلسطينية، في اماكن عديدة بقيت عائلات كاملة ومواطنون أفراد في مناطق دخلت اليها قوات الجيش الاسرائيلي. وكدرس من ذلك، يوجه القادة الى اطلاق عدة قذائف تحذير قبل دخولهم الى الاماكن التي يوجد تخوف من أن يتواجد فيها مدنيون، وكذا استخدام التفكير واستخدام وسائل قتالية أكثر دقة او ذات قوة متدنية نسبيا. المطالبة بتأكيد التعليمات بالنسبة للقتال في منطقة مأهولة، طرحت في اعقاب الحملة في غزة، حتى من مستويات القيادات الميدانية، ممن اطلعوا على المنشورات في وسائل الاعلام وتقارير منظمات حقوق الانسان. وفي الجيش الاسرائيلي بدأوا في تطبيق الدروس المستخلصة. وهكذا مثلا، فان الحديث داخل الجيش في اعقاب نشر تقرير غولدستون أدى الى توسيع دراسة القانون الدولي وقواعد الحرب في الدورات المتقدمة للضباط، وتقرر حضور المستشارين القانونيين للنيابة العامة العسكرية في قيادات الفرق المقاتلة، سواء في مراحل التخطيط ام في اثناء القتال. وبالتوازي، وسع الجيش الاسرائيلي على نحو كبير تدريبات الوحدات على القتال في المناطق المبنية.
