غزة / كشفت مصادر فلسطينية في دمشق ان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى قدم الى قادة حركة حماس خلال زيارته لغزة مبادرة جديدة لتحقيق المصالحة الفلسطينية تتضمن ثلاث نقاط تشمل توقيع تفاهمات بين الفصائل الفلسطينية قبل توقيع الورقة المصرية، مع تشكيل حكومة تكنوقراط تشرف على الانتخابات وتنفيذ الاتفاق. وأكدت ان «حماس» متمسكة بتوقيع التفاهمات والورقة المصرية في آن لتكون «مرجعية موحدة للمصالحة»، مع حرص الحركة على الحفاظ على «الزخم السياسي» الناتج من جريمة اسرائيل ازاء «اسطول الحرية» لرفع الحصار عن قطاع غزة، بموجب اتصالات مع قوى دولية وأنقرة. وبحسب المعلومات المتوافرة لـصحيفة الحياة اللندنية ، فإن ترتيبات مدير مكتب الأمين العام للجامعة هشام يوسف لم تتضمن لقاء رئيس حكومة غزة اسماعيل هنية في المقر الرسمي لدى زيارته غزة، وأن الاقتراح كان ان يأتي هنية الى مقر اقامة موسى في الفندق، غير ان اتصالاً هاتفياً جرى بين الأخير ورئيس المكتب السياسي لـ «حماس» خالد مشعل خلال وجوده في الخرطوم، أسفر عن الاتفاق على حصول اللقاء في منزل هنية. وفي هذا اللقاء، اعاد موسى طرح موضوع المصالحة مقترحاً ثلاث نقاط: اولاً، حصول تفاهمات فلسطينية بين الفصائل وبين «حماس» و«فتح» وتوقيعه بحيث تكون مصر غير معنية بذلك. ثانياً، توقيع الورقة المصرية من دون تعديل من الفصائل. ثالثاً، تشكيل حكومة تكنوقراط تقوم بثلاثة امور تتعلق بإجراء الانتخابات والمهمات الأمنية في قطاع غزة والضفة الغربية وتنفيذ اتفاق المصالحة. وأشارت المصادر الى ان المبادرة تعتبر اقتراحات رئيس اللجنة الأهلية لرفع الحصار جمال الخضري جزءاً منها. وكان الخضري التقى الرئيس محمود عباس ومسؤولين مصريين قبل تقديم مقترحات بينها ان تقوم الفصائل بـ «حل الملاحظات على الورقة المصرية بالتوافق بعد توقيعها»، ثم تحقيق المصالحة بأربع مراحل: تفاهمات فلسطينية، وتوقيع الورقة المصرية، وتوافق على الملاحظات بين الفصائل، وتفاهمات على التنفيذ. ولم يتناول اقتراح موسى الجانب السياسي في المصالحة على اساس ان «المرجعية السياسية ليست الحكومة، بل برنامج منظمة التحرير الفلسطينية». وأشارت المصادر الى ان عباس والجانب المصري «قبلا هذه المقترحات مع انها غير موجودة في الورقة المصرية، على عكس ما كان يقال برفض اي تعديل على الورقة»، وأن مشعل تبلغ من موسى ان عباس سيرسل في الأيام المقبلة وفداً لـ «اطلاق حوار» على اساس ورقة موسى المتضمنة افكار الخضري. وربطت المصادر الفلسطينية بين هذا «الزخم» ازاء تحريك ملف المصالحة و«الزخم السياسي» الذي اطلقته جريمة اسرائيل ضد «اسطول الحرية» لبدء تحركات دولية وإقليمية وعربية لفك الحصار عن غزة بحيث يكون الهدف بربط ذلك بإنجاز مصالحة يكون هدفها اخراج «حماس» من الصورة او تحقيق العودة الى اتفاق المعابر لعام 2005 الذي يضم الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية ومصر من دون تمثيل لحكومة هنية. لكن مصادر «حماس» اكدت تمسك الحركة بتحقيق المصالحة ونبذ الخلاف والفرقة لتحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني، وأن يكون توقيع التفاهمات بين الفصائل والورقة المصرية في آن لتشكيل مرجعية للمصالحة والشراكة الحقيقية بين «حماس» و«فتح» في المجالات الأمنية والسياسية والإشراف على الانتخابات المقبلة. وفي ذات السياق كشفت مصادر فلسطينية لصحيفة الحياة اللندنية أنه يتم حالياً التداول في عدد من المقترحات والأفكار التي تشكل مخارج مقبولة تكفل الخروج من مأزق استعصاء المصالحة المستمر منذ شهور طويلة. وقال مصدر مقرب من حركة «حماس» إن الأفكار التي طرحها رئيس حكومة غزة في غزة اسماعيل هنية على الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أثناء زيارته غزة الأحد الماضي، خلقت حراكاً جيداً في ملف المصالحة. ورفضت المصادر إعطاء مزيد من التفاصيل عن هذه الأفكار والمقترحات، لكنها أشارت الى أن موسى يجري حالياً سلسلة من الاتصالات والمشاورات مع الرئيس محمود عباس ودول عربية تتعلق بسبل الخروج من المأزق ومدى قابلية هذه الأفكار للتطبيق على أرض الواقع، فيما قال مصدر آخر لـ «الحياة» إن من بين الأفكار التي يتم تداولها حالياً اقتراحاً بإيداع «وديعتين» واحدة من «حماس» وأخرى من حركة «فتح» لدى «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» باعتبارها طرفاً نزيهاً ومقبولاً لدى الحركتين. وأضاف أن الوديعتين ستتضمنان تعهدات كل طرف تجاه الطرف الآخر بتنفيذ ما عليه من التزامات، خصوصاً تعهد «فتح» والرئيس عباس بأخذ ملاحظات «حماس» عند تنفيذ بنود الورقة المصرية للمصالحة. وكانت «فتح» وقعت الورقة في 15 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، فيما رفضت «حماس» توقيعها قبل الأخذ بملاحظاتها عليها، الأمر الذي ترفضه مصر قطعياً. وأشار المصدر الى احتمال أن تودع الوديعتان لدى الجامعة العربية، خصوصاً أن الجامعة لديها القدرة على الضغط لتنفذها، وهي القدرة التي تفتقدها «الشعبية». وفي حال وافقت الحركتان المتصارعتان ومصر على هذا المخرج، فإن احتمال توقيع الورقة المصرية يصبح أقوى من أي وقت مضى. يأتي ذلك في وقت قال مصدر مصري لصحيفة مصرية إن «الورقة المصرية ليست قرآناً»، في أول تلميح الى احتمال تعديلها بعدما رفضت القاهرة هذا الطلب «الحمساوي» حتى الآن. وفد اللجنة الى دمشق؟ وفي القاهرة، قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الناطقة باسم لجنة المصالحة حنان عشراوي لـ «الحياة» ان وفد اللجنة عقد ثلاثة اجتماعات لتوضيح التفويض والمهام ووضع خطة عمل. ولفتت إلى أنه حتى هذه اللحظة، وعلى رغم الرد الايجابي الذي تلقاه الوفد من «حماس»، «إلا أنه لم يتم اتخاذ قرار بالسفر سواء إلى غزة أو دمشق»، وقالت: «ننتظر أن نجتمع مع الرئيس عباس فور وصوله الى رام الله لنضعه في الصورة، خصوصاً في شأن النواحي الاجرائية والترتيبات وكيفية التعامل مع القضايا العالقة». في غضون ذلك، كشف عضو في وفد لجنة المصالحة لـ «الحياة» أن الوفد سيتوجه قريباً إلى دمشق للقاء رئيس المكتب السياسي خالد مشعل وقادة «حماس» هناك، لكنهم في انتظار اجتماع الوفد مع الرئيس عباس لتحديد موعد هذه الزيارة، مشيراً إلى أن الوفد اجتمع مع قيادات «حماس» في الضفة الغربية التي أكدت ثقتها في الوفد ودعمت جهوده. وعن زيارة الوفد المرتقبة لدمشق، قال عضو المكتب السياسي لـ «حماس» محمد نصر: «سنستمع للتصور الذي سيطرحه والأفكار التي يحملها، فالزيارة ستتناول تفاهمات فلسطينية – فلسطينية، وسيكون هناك حوار ونقاش (...) وسنسمع منه أولاً». وعما إذا كانت الحركة ستبذل موقفها من الورقة المصرية في حال حمل المصري ضمانات مقنعة تعالج ملاحظات «حماس» عليها، قال نصر: «الأمر يحتاج إلى بحث، وسنرى كيف سنتعامل معه، وسنحاول ايجاد مقاربة»، لافتاً إلى أن «هناك تصورات ومبادرات عدة طرحت، سواء مع أطراف عربية أو آخرين، آخرها مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل تناولت مخارج عدة لمعالجة هذه الملاحظات، وذهبنا خلال هذه المساعي إلى أبعد ما يمكن إكراماً لمصر وللشعب الفلسطيني ومن أجل إنهاء الانقسام، لكن مصر رفضت فتح الورقة». وأضاف: «هذا منطق غير مقبول». القاهرة ترفض اقتراحاً تركياً لتفعيل المصالحة الى ذلك، جددت القاهرة رفضها اي دور تركي يتدخل في صلب مفاوضات المصالحة الفلسطينية، وعلمت «الحياة» من مصادر تركية أن القاهرة رفضت اقتراحاً تركياً غير رسمي لعقد اجتماع يضم الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى ومدير الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو وممثلين عن حركة «حماس» و «فتح» في مصر أو تركيا من أجل الضغط على الطرفين الفلسطينيين، خصوصاً «حماس» لتوقيع اتفاقية المصالحة الفلسطينية. وجاء الرد المصري على لسان وزير الخارجية أحمد أبو الغيط الذي اعتبر ان الدور التركي ينحصر في إقناع «حماس» بقبول وثيقة المصالحة المصرية، مع الاشارة الى أن «فتح» وقعت عليها فعلاً، وأنه لا مجال الآن للعودة الى فصول المفاوضات من جديد. وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان طالب الاسبوع الماضي الجهات المعنية بالمصالحة بالتحرك لإتمامها أو افساح المجال لتركيا للتدخل، مؤكداً أن انقرة تستطيع الخروج بحل وسط واتفاق مصالحة اذا ما اجتمعت مع الحركتين. وتسعى أنقرة الى تحريك ملف المصالحة من أجل فتح طريق للجهود الاميركية والاوروبية الداعية الى رفع الحصار الاسرائيلي المفروض على غزة، الامر الذي سيوفر خاتمة سياسية معقولة ومقبولة لأزمة اعتداء اسرائيل على قافلة سفن الحرية ومقتل 9 ناشطين اتراك، كما أن المصالحة ستضغط بشكل أكبر على الجانب الاسرائيلي اثناء مفاوضات السلام غير المباشرة التي امهلتها الجامعة العربية أربعة اشهر من أجل تحقيق تقدم ملموس.