اسطنبول/بيروت (رويترز) - سرد نشطاء نجوا من اقتحام سفينة مساعدات متجهة لغزة وافرج عنهم بعد ايام من الحبس بمعزل عن العالم الخارجي في سجن اسرائيلي تفاصيل ما وصف بأنه "مذبحة" حيث شاهدوا اشخاصا يصابون بالرصاص امام اعينهم وجهودا يائسة لانقاذ الجرحى. وعاد من كانوا على متن قافلة المساعدات الى ديارهم يوم الخميس بعد ان كانوا محتجزين في سجن اسرائيلي منذ الغارة وبات بمقدورهم على الاقل سرد رواياتهم للحادث الذي قتل فيه تسعة ناشطين برصاص جنود اسرائيليين على متن السفينة التركية مافي مرمرة. وتباينت الروايات بشدة حيث اتهم نشطاء الجنود الاسرائيليين بارتكاب جرائم حرب بينما التزمت اسرائيل بموقفها أنهم اطلقوا النار دفاعا عن النفس. وفي احد الاختلافات الاساسية نفي النشطاء اتهام اسرائيل لهم بانهم بادروا باطلاق الرصاص من اسلحة انتزعوها من الجنود الاسرائيليين خلال المصادمات. وتحدث الجميع عن مشهد من الارتباك والفوضى في الهجوم. وقالت لورا ستيوارت وهي ربة منزل ومسعفة بريطانية "اصيب الناس بالرصاص في أذرعهم وسيقانهم ورؤوسهم - في كل مكان. كان لدينا عدد كبير من الجرحي. كانت مذبحة." وروت تفاصيل محاولات محمومة لاسعاف الجرحى في غرف علاج مؤقتة على ظهر السفينة ومحاولات فاشلة لانقاذ مصابين فقدوا حياتهم. وقدم اندريه ابو خليل وهو مصور لبناني لتلفزيون الجزيرة رواية أيدت بعضا مما قاله الجانبان. وقال ابو خليل ان النشطاء اصابوا اربعة جنود اسرائيليين من الموجة الاولى التي اعتلت السفينة واحتجزوهم. وحاول الجنود في الموجة الثانية اقتحام السفينة بعدما اقتيد الجنود الاربعة من الموجة الاولى الى الطوابق السفلى. وقال "شكل 20 تركيا درعا بشرية لمنع الجنود الاسرائيليين من اعتلاء السفينة. كان بحوزتهم مقاليع ومواسير مياه وعصي. وكانوا يقرعون جانب السفينة بالمواسير لتحذير الاسرائيليين من الاقتراب." وبعد مواجهة استمرت عشر دقائق فتح الاسرائيليون النار. واضاف "اصيب رجل اصابة مباشرة في رأسه واصيب اخر في عنقه." وشاهد 40 جريحا على وجه الاجمال كان بعضهم مصابين في سيقانهم أو أعينهم أو بطونهم أو صدورهم. واستخدم احد الناشطين مكبرا للصوت ليخبر الاسرائيليين أن الجنود الاربعة المحتجزين بخير وسيطلق سراحهم اذا قدمت المعونة الطبية للناشطين الجرحى. ووافق الجنود الاسرائيليين بعد وساطة عضوة عربية بالكنيست الاسرائيلي "حنين زعبي ". وتم نقل الجرحى الى ظهر السفينة حيث تم نقلهم جوا. وتقول اسرائيل ان جنودها لم يطلقوا النار الا عندما استولى الناشطون على بعض اسلحتهم وبادروا باطلاق النار منها. وقال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي الكابتن ايري شاليكار "بمجرد ان رأى الجنود المدي والقضبان المعدنية والسلاسل والزجاجات المشطورة وتعرضوا لاطلاق النار ردوا باطلاق الرصاص وقتلوا تسعة منهم." ووصف الكندي فاروق بورني مراقبة رجل مسن ينزف حتى الموت فيما قال رئيس المؤسسة الخيرية التي نظمت قافلة المساعدات ان طبيبا اندونيسيا ضرب بالرصاص في بطنه كما ضرب مصور في جبهته. لكن بورني وبولنت يلدريم رئيس مؤسسة حقوق الانسان والحريات والاغاثة الانسانية قالا ان الناشطين على متن السفينة مافي مرمرة لم يفتحوا النار قط من الاسلحة التي انتزعوها من اسرائيليين انزلوا على السفينة من طائرات هليكوبتر. وقال بورني لرويترز "كانوا يحاولون الهبوط على متن السفينة. لذلك بالطبع وقع اشتباك متلاحم واثناء تلك العملية تمكن الاشخاص الذين كانوا على ظهر السفينة من نزع سلاح بعض الجنود لانهم لم يكن بحوزتهم اسلحة." وأضاف "لذلك هم في الاساس أخذوا البنادق منهم وأخذوا الطلقات والقوها بعيدا." وعندما سئل ان كان أي شخص استخدم اسلحة ضد افراد الكوماندوس الاسرائيليين قال "كلا .. على الاطلاق." ونفى يلدريم ايضا الرواية الاسرائيلية للاحداث بشأن استخدام مسدسات من جانب ناشطين على متن السفن التي استهدفت كسر الحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة. وقال يلدريم "نعم.. أخذنا أسلحتهم. كان سيعتبر دفاعا عن النفس حتى لو أطلقنا الرصاص من بنادقهم" وأضاف أن البعض صاح فيهم حتى لا يستخدموا الاسلحة. وأردف "قلنا لاصدقائنا على ظهر السفينة.. أننا سنموت ونصبح شهداء لكن لا تدعونا نظهر أبدا... بأننا من استخدم السلاح. "وبهذا القرار قبل أصدقاؤنا الموت وألقينا جميع الاسلحة التي انتزعناها منهم في البحر". وقال بورني مدير المبادرة التعليمية القطرية ان الكوماندوس انتظروا أكثر من ساعة قبل ان يعالجوا الجرحى رغم ان الناشطين اعدوا علامة مؤقتة كتب عليها "انقذوا ارواحنا .. الرجاء تقديم مساعدة طبية." وقال الكندي البالغ من العمر 37 عاما انه شاهد رجلا مسنا يطلق عليه الرصاص وبدا من الجرح انه أصيب بطلقة حية. وقال بورني "لقد مات امامنا ولم يكن بامكاننا معرفة أين ضرب ولذلك فتحنا سترة النجاة التي كان يرتديها وامكننا ان نرى بوضوح انه ضرب في الصدر وانه ينزف بغزارة." وقال يلدريم في مطار اسطنبول بعد عودته من اسرائيل حيث قال انه اعتقل وتم استجوابه على مدى ثلاثة ايام ان بعض الناشطين المفقودين لا يعرف مصيرهم. وأضاف "تم تسليمنا جثث تسعة اشخاص لكن لدينا قائمة أطول بالاشخاص المفقودين." وقال يلديريم ان الرصاص أطلق على طبيب اندونيسي بينما كان يسعف جنديا اسرائيليا مصابا. واستطرد "بينما كان الاشتباك يجري على سطح السفينة كنا نقدم الرعاية للاسرائيليين في الطابق السفلي وبينما كنا نعطيهم المياه أبلغنا بان اصدقاءنا ماتوا هناك. "قلنا للطبيب الاندونيسي أن يأخذ الجندي الى مؤخرة (السفينة) أخذ مريضه وبينما كان يتوجه لمؤخرة السفنية أطلقوا عليه خمس رصاصات في بطنه." ووصف أيضا كيف أطلق الجنود الرصاص على جبهة مصور من مسافة قريبة لكن لم يكن واضحا ان كان شاهد ذلك بنفسه. وأضاف أن النيران أطلقت على نشط ثالث خلال استسلامه "خلعت قميصي ولوحت به كراية بيضاء لكنهم واصلوا القتل." وقال ان "صديقا لنا رأى جثتين في دورة مياه." وكان أحد القتيلين شاب في التاسعة عشر من عمره يدعي فرقان دوجان وهو مواطن تركي يحمل الجنسية الامريكية. وذكرت وكالة الاناضول الرسمية للانباء أنه أصيب باربع رصاصات في الرأس وواحدة في الصدر. وقالت الوكالة انه جرى أيضا التعرف على جثة بطل التايكوندو الوطني جيتين توبك أوغلو. وقال يلدريم ان المؤسسة الخيرية التي يتبعها ستواصل تنظيم قوافل مساعدات الى ان تضطر اسرائيل الى انهاء حصار 1.5 مليون فلسطيني في غزة