تخوض اسرائيل هذه الايام حرب أعصاب مع اعضاء المحور الراديكالي في الشرق الاوسط – ايران، سوريا، حزب الله وحماس. ويبدو أن هذه هي خلفية موجة المنشورات الاخيرة حول القدرة المحسنة لاعضاء المحور في مجال نار الصواريخ والمقذوفات الصاروخية، وبالمقابل – بالنسبة لامكانية الرد الاسرائيلي. الخطر الفوري لحرب اقليمية وان كان قل بقدر ما، برأي رجال الاستخبارات، الا ان هذا يعني ايضا ان الحرب الباردة تجري في سلسلة طويلة من القنوات الاخرى: التسلح، الخطط العملياتية، جمع المعلومات الاستخبارية، الردع وبالطبع الحرب النفسية من خلال وسائل الاعلام. ينبغي للمرء ان يكون ساذجا كي يصدق بانه لا توجد أي صلة بين ما نشر في "التايمز" اللندنية يوم الجمعة الماضي بشأن قاعدة الصواريخ التي يستخدمها حزب الله في الاراضي السورية وبين تحذيرات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في الغداة على مسمع من مسؤولين اوروبيين حول ذات الموضوع بالضبط (نتنياهو قال الامور في يوم الخميس، ولكنها لم تنشر الا يوم السبت). كما أن ما كشف النقاب عنه آفي شراف أمس في "هآرتس"، حول قواعد الصواريخ في سوريا، استنادا الى تحليل لمعلومات علنية جمعت من خلال برنامج "غوغل ارث" يرتبط بذات المسألة. اسرائيل قلقة جدا من توثيق العلاقة العملياتية بين سوريا وحزب الله ومن تزويد الصواريخ المتطورة للبنان. ولما كانت سوريا تواصل نفي كل الاتهامات ضدها، فان احدى الوسائل لاثبات ذلك هي العمل من خلال وسائل الاعلام. أيادٍ خفية تحرص على نقل صور القمر الصناعي حديث العهد الى الصحف ذات السجل المصداق في الغرب. المتابعة – أي التطرق لما يأتي لاحقا – يجريها السياسيون: الاسرائيليون، مثل نتنياهو في السبت، والاجانب – موجة التصريحات القلقة من مسؤولين امريكيين كبار وآخرين في الشهرين الاخيرين بالنسبة لتسلح حزب الله. قرار 1701 لمجلس الامن، الذي ساعد على ترسيخ الهدوء في الحدود الشمالية منذ آب 2006، فشل فشلا ذريعا في كل ما يتعلق بتهريب السلاح من ايران وسوريا الى لبنان. الخلافات في الامور المتعلقة بالحقائق، التفسيرات المتضاربة والتهديدات المتبادلة من المتوقع ان تستمر على مدى الصيف القريب القادم، حتى لو لم تندلع مواجهة عنيفة بين الطرفين. في هذه الاثناء، سوريا وحزب الله يكسبان من صرف البحث العالمي الى آفاق اخرى مثل اسطول المساعدة الى غزة، حتى لو لم يكن لهم صلة مباشرة بمنظمي المبادرة. وبالتوازي، يتواصل كل الوقت التنقيط الدائم الى وسائل الاعلام بانباء حول ايران وتقدم برنامجها النووي. هنا، تستخدم الصحف الغربية منذ سنين كقناة لنشر مادة استخبارية من قبل اجهزة الاستخبارات للدول التي تكافح ضد القنبلة الايرانية. قبل اسبوعين، وقعت انعطافة معينة في معركة العقول التي تديرها ايران مع الامريكيين على مبادرة الحل الوسط الذي بلورته طهران مع زعيمي البرازيل وتركيا. وحتى لو لم تكن القوى العظمى تشتري في هذه الاثناء الاقتراح، من الصعب الاعلان عن نجاح ما لها في صد الايرانيين. وأمس افادت "الصاندي تايمز" البريطانية بان اسرائيل ستدفع للمرابطة في الخليج بثلاث غواصات مسلحة بصواريخ نووية. كما أنه في السنة الاخيرة وثقت حركة غواصات اسرائيلية في قناة السويس، ولكن من هنا وحتى التواجد الدائم في الخليج لا تزال المسافة (وليس فقط الجغرافية) بعيدة. ومع ذلك، اذا كان الجمع بين اسرائيل، ايران والنووي لا يزال يبيع صحف في الخارج، فيمكن الامل بان يساعد ايضا في بعض الردع.