القدس المحتلة صرّح وزير التربية والتعليم الاسرائيلي جدعون ساعر انه سيلزم الطلاب العرب بتعلّم تاريخ المحرقة اليهودية، حيث سيقوم بادخال سؤال الزامي حول هذا الموضوع في امتحانات البجروت في موضوع التاريخ، وفي المقابل سيقوم بارسال وفود من مديري ومعلمي المدارس العربية الى معسكرات الابادة في ’اوشفتس’، كما سيعيّن موظفا جديدًا بهدف دمج تعليم المحرقة في مضامين المواضيع المختلفة مثل الادب والمدنيات.جاءت تصريحات الوزير ساعر استجابة لتقرير اصدره مراقب دولة اسرائيل ميخائيل لينندشتراوس مطلع الشهر الحالي (ايار 2010) اشار فيه الى ان تدريس المحرقة اليهودية ليس كافيا في المدارس العربية لعدم توفر ساعات تعليمية ولعدم وجود منهاج تعليمي واضح، ولعدم تأهيل معلمين للقيام بمهمة تعليم ’المحرقة’.كما ترتكز تصريحات الوزير واعضاء كنيست ومسؤولين في وزارة التربية والتعليم على دراسات وبحوث جرت في السنوات الاخيرة، وفي مقدمتها بحث اجراه سامي سموحة من جامعة حيفا في العام 2008 بيّن فيه ان 40 بالمئة من الطلاب العرب ينكرون حدوث المحرقة، وتقرير اصدره مركز البحوث والمعلومات في الكنيست بتاريخ 29.12.2010 يشير الى نواقص في تعليم المحرقة والنسبة المنخفضة لمشاركة طلاب عرب في زيارات معسكرات الابادة في بولندا وفي الفعاليات المنهجية ذات الصلة في المحرقة مثل زيارة متحف ’ياد فاشيم’.واعتبرت جمعية الثقافة العربية تصريحات الوزير جدعون ساعر بانها تنمّ عن جهل بالمناهج، وتهدف الى تشديد هيمنة الفكر الصهيوني على مناهج التعليم العربية، استمرارا لانكار حق الطلاب العرب في تعلّم تاريخهم الوطني والقومي وفرض الرواية التاريخية الصهيونية، التي تربط بين ’المحرقة’ واقامة ’دولة اليهود’، وتتنكّر لاثرها على الشعب الفلسطيني ونكبته وتهجيره، وتدّعي ان الفلسطينيين هم المسؤولون عما حصل لهم، وان اسرائيل لا صلة لها بالامر.وقال بيان صادر عن الجمعية ان الحقيقة هي ان الطالب العربي الفلسطيني في اسرائيل يتقدم في الصف الحادي عشر في وحدة تعليم الزامية لموضوع تاريخ الشعب الاسرائيلي في العصر الحديث، وفي هذه الوحدة التعليمية فصول عديدة تتطرق الى المحرقة اليهودية وتاريخ اليهود في اوروبا بالتفصيل، وكذلك يدرس الطالب العربي في الصف التاسع وضمن منهاج تدريس التاريخ المفروض من قبل وزارة التربية الاسرائيلية فصولا كثيرة تتعلق بحياة اليهود في المانيا وما تعرضوا له من ملاحقات ومضايقات من قبل النازية. بمعنى آخر فان الطالب العربي يتعلم على مدار سنتين موضوع المحرقة، ويتقدم لامتحانات البجروت في الوحدة الثانية في الموضوع ذاته.وتابع البيان: اننا واذ نطالب باستقلالية جهاز التعليم العربي وبحقنا في صياغة المناهج التربوية، وخصوصا في اللغة والاداب العربية والتاريخ والجغرافيا والمدنيات، نرفض مجدّدا فرض الرواية الصهيونية الرسمية وتجاهل الرواية التاريخية الفلسطينية، ونذكّر بان تعليم التاريخ هدفه الاساس هو بناء الذاكرة الجماعية القومية وصياغة الهوية بالاضافة الى التعرّف على تاريخ الشعوب الاخرى. وفي هذا السياق، فقد صرّح رئيس لجنة التعليم البرلمانية زبولون اورليف خلال جلسة حول تعليم المحرقة في المدارس العربية ان موضوع تعليم المحرقة هو اكثر المواضيع تأثيرا على تشكيل الهوية اليهودية والاسرائيلية للطالب في جهاز التعليم الاسرائيلي، اي انه الموضوع الاكثر مركزية واهمية ومعنى لصياغة هوية الطالب في اسرائيل. وعلى هذا الاساس تعتبر جمعية الثقافة العربية ان الدعوات المختلفة لفرض تعليم المحرقة بهدف التربية على ’القيم الانسانية’ تثير العديد من الاسئلة حول الاهداف الحقيقية لتعليم المحرقة.وقالت جمعية الثقافة العربية في بيانها انه حسب اعتقادنا يجدر بالتربية الانسانية ان توّجه لكل الطلاب من خلال تعليم حقوق الانسان كوثائق ومرجعيات عالمية، ومن خلال حصص التربية الاجتماعية ونقاش ما يحصل في عصرنا وعلى ارض الواقع من انتهاك لقيم الحرية والعدالة والكرامة بسبب الاحتلال والمجازر في فلسطين والعراق والمآسي والاستغلال والمجاعات في العالم الثالث والعنصرية ومعاداة العرب والمسلمين والمهاجرين في اوروبا وامريكا والدول الغربية.وخلص البيان الى القول انّ الجمعية تؤكّد ان موقفها من المحرقة واضح ولا غبار عليه، نحن نعتبرها مأساة انسانية كبيرة ونتضامن مع ضحاياها ومع كل ضحايا الحروب والمجازر والابادات الجماعية للشعوب والاقليات الدينية والاثنية والقومية، لكننا في الوقت نفسه نرفض الاستغلال السياسي المستمر لها ونرفض ان تقحم الرواية الصهيونية لهذه المأساة كجزء من تشويه الهوية الوطنية والاسرلة، ونطالب بتغيير جذري في مناهج التعليم العربية.