خبر : قراءة في : تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية في فلسطين للعام 2009/2010م .. بقلم: عماد عفانه

الأربعاء 26 مايو 2010 11:23 ص / بتوقيت القدس +2GMT
قراءة في : تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية في فلسطين للعام 2009/2010م .. بقلم: عماد عفانه



كثيرون منا يكنون احتراما كبيرا للتقارير الدولية بحق القضايا الإنسانية في العالم، وذلك لما تتحلى به هذه التقارير من الموضوعية التي تحرص على الابتعاد عن التجاذبات والأبعاد السياسية لهذه القضايا التي تحاول هذه المنظمات الدولية حصرها في جانبها الإنساني والحقوقي المحض. ولكن يبدوا أن الذين عرضوا تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية في فلسطين للعام 2009/2010م في الدوحة هذا الأسبوع حاولوا وبشكل مكشوف وغير موفق الخروج عن هذا الطابع، عبر تلبيس نتائج تقريرهم لباس سياسي بل أكثر من توجه سياسي معين. فعارضوا التقرير خلصوا إلى أكذوبة طالما اجتهدت الصهيونية ودول والاعتلال العربي تسويقها على شعوبهم، ألا وهي عدم جدوى المقاومة في الحرية والتحرير، وأن المقاومة ستبقى عقبة كأداء في طريق التنمية الإنسانية. لطالما سمعنا عن جهود اللوبيات الصهيونية التي تتخفى في زوايا المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، وعن جهود المحافل الماسونية في تجنيد شخصيات وازنة ذات مناصب مؤثرة في صياغة وإخراج القرارات الدولية والإقليمية لصالح تسويق مفاهيم صهيونية كتشجيع التطبيع بلباس نثر بذور السلام، وكنبذ العنف-  المقاومة- لمحاربة أسباب الجوع ومعرقلات التنمية. لكنني ولأول مرة اشهد وأسمع هؤلاء وهم يروجون لهذه المفاهيم والمعاني والثقافة الصهيونية الإنبطاحية عبر تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية في فلسطين، والتي أتحفت المشاهدين بحكم واستنتاج رائع وهو أن ’المقاومة لن تحرر فلسطين، وأن الشعب الفلسطيني فقد الأمل في التحرير وأن علينا أن نركز على التنمية الإنسانية أو الأمن الإنساني كالأمن الاقتصادي، الغذائي، والصحي، والبيئي، والسياسي، والشخصي، والمجتمعي" ولتذكير القائمين على تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية في فلسطين للعام 2009/2010م الذين ربما نسوا الوضع الذي الاقتصادي والإنساني الذي كان سائدا في الأراضي المحتلة قبيل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية 1987م، نقول أن الأمن الاقتصادي، الغذائي، والصحي، والبيئي، والسياسي، والشخصي، والمجتمعي الفلسطينيين في ذلك الوقت كان أفضل منه في كثير من الدول ذات المستقلة وذات السيادة. إلا أنهم كانوا محرومين حينها من الأمن الوطني والأمن الانتمائي والولائي للوطن الفلسطيني الذي كانوا يرونه صباح مساء من شرقه حتى غربه مستباحا من شرذمة من البشر الذين تقاطروا عليه من شتات الأرض يحملون كل ألوان الأرض ويتحدثون بكل ألسنة الأرض ويستأثرون بكل خيارات ومقدرات الأرض، ويحولون سكان الأرض الأصليين لعبيد عصريين بأسماء براقة كأجراء وعمال بعوائد مادية عالية. فيا مقدمو تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية في فلسطين، عندما انتفض شعبنا لم يكن ينقصه الغذاء ولا المال، بل كان ينقصه الكرامة الوطنية، وكان ينقصه حقه المسلوب والمستباح لصالح عصابات لا اصل لها ولا تاريخ. فقضية شعبنا ومشكلته الأساسية ليست قضية إنسانية، ليست قضية غداء ولا ماء، قضيتنا يا سادة قضية سياسية، قضية وطن سليب يعمل أهله على استرجاعه من أيدي غاصبيه، وسيبقون يعملون لاستعادة هذا الحق حتى لو جوعوا أو حوصروا أو حتى قتلوا ومثل بأشلائهم أو تاجر العدو بها. قضيتنا أيتها الأمم المتحدة قضية أمة فقدت عزتها وكرامتها عندما فقدت فلسطين،  ونهبت ثروات الأمة عندما استبيحت فلسطين من شذاذ الآفاق، وتفتت الأمة وقسمت على حكام نصبهم الأعداء ليتسلطوا على رقاب الأمة ويؤمنوا البقاء للعدو على أرض فلسطين. أمتنا وعلى رأسها فلسطين بلاد غنية ليس بالنفط والثروات الطبيعية والصناعية فحسب، بل غنية بشعبها الحر الأبي الكريم المصر على نيل حريته وعلى تحرير أرضه المغتصبة، أمتنا وشعبنا الفلسطيني لا ينقصه لا الأمن الاقتصادي، الغذائي، والصحي، والبيئي، والسياسي، والشخصي، والمجتمعي، بل ينقصه أن يتحلى ممثلو الأمم المتحدة بقليل من النزاهة وبكثير من الموضوعية وأن يسموا الأشياء بمسمياتها وأن لا يحاولوا إعطاء القبح اسما جميلا، وأن لا يروا الأمور بنظارة الصهيونية والماسونية مهما كانت طاغية. ويكفي الأمم المتحدة عارا أنها خلقت وقائع على الأرض وغلفتها بشعارات تطفح عبودية من قبيل " النفط مقابل الغداء" حيث نهب النفط والمال وذهب ضحية ذلك ملايين الأطفال العراقيين. وفي فلسطين تطبق الأمم المتحدة برنامج "العمل مقابل الغداء". وقد اقتبست مقاطعة فتح في رام الله هذا المنهج فطبقت برنامج على العاملين لديها "العمالة للاحتلال مقابل الراتب"، وقالت لحماس "القبول بشروط الرباعية والاعتراف "بإسرائيل" مقابل رفع الحصار وعدم الموت مرضا وجوعا وقصفا بالمدافع والطائرات وخنقا بالغاز في الأنفاق". لكننا أحرار وسنبقى كذلك... وسيبقى شعارنا يطفح بالعزة والكرامة وبل وبالعراقة، فقديما قالوا في الأمثال الخالدة :  تموت الحرة ولا تأكل بثدييها، ......فهل أنتم في الأمم المتحدة تعقلون.