الطريق الاكثر شحنا في تاريخ النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، طريق 443 سيفتتح يوم الجمعة امام حركة الفلسطينيين حسب تعليمات محكمة العدل العليا. جولة مسبقة على الطريق، قبل بضعة ايام من افتتاحه، تكشف النقاب عن تشويش وقلق لدى كل الاطراف. المسافرون اليهود خائفون وبالاساس لا يفهمون حقا ماذا سيحصل؛ اما الفلسطينيون من القرى حول الطريق فلا يؤمنون على الاطلاق بان الطريق سيفتح حقا. في شهر كانون الاول 2009 طرحت المحكمة العليا على الدولة جدولا زمنيا متصلبا لخمسة اشهر يتعين عليها فيها ان تجد حلا لحركة الفلسطينيين على الطريق. في هذه الفترة الزمنية كلف قائد المنطقة الوسطى باعداد خطة تزيل قيد الحركة عن الفلسطينيين ولكن تسمح ايضا بالامن للمسافرين الاسرائيليين. على خلفية قرار محكمة العدل العليا ثارت جلبة حقيقية. سكان كتلة موديعين، جفعات زئيف والقدس تخوفوا. هذا الطريق، الذي يستخدم كشريان مواصلات مركزي الى القدس، شهد في الماضي عمليات اطلاق نار قاسية كلفت غير قليل من القتلى. وفجأة سكان موديعين والقدس ايضا وجدوا انفسهم مهددين بعمليات اطلاق النار على الطرقات. استي تتردد معظم السواقين الاسرائيليين الذين التقيناهم امس في طريق 443 غير مرتاحين. ذكريات عهد الانتفاضة تعود اليهم. وهكذا مثلا، استي باهر، التي اوقفناها في حاجز مكابيم. استي، من سكان موديعين، تسافر على الطريق في كل يوم متوجهة الى العمل في القدس، تروي بان بالضبط عندما التقيناها كانت تفكر كيف ستتصرف بعد اسبوع عندما يفتح الطريق امام حركة الفلسطينيين. وهي تقول انه "في فترة العمليات كنت اجري التفافة حتى اللطرون كي اسافر من طريق رقم 1. اما الان فلم اقرر بعد ما العمل. يبدو لي أني سانتظر في قراري الى ما بعد فتح الطريق". وتروي باهر بان فتح الطريق امام الفلسطينيين اصبح موضوع حديث مركزي بين سكان موديعين. "كل من يستخدم الطريق يتحدث في ذلك. الموضوع هو اساسا عدم المعرفة، لا يوجد أي نشر عما سيحصل ولا احد منا مطلع على شيء". قبل نحو شهر طرحت قيادة المنطقة الوسطى الخطة التي تم وضعها تمهيدا لفتح الطريق امام الفلسطينيين. وتدعي محافل عسكرية بان من ناحيتها بالتأكيد كانت هناك اولوية لاستمرار الوضع القائم ولكن ما ان قضت محكمة العدل العليا بوجوب فتح الطريق امام الفلسطينيين بذلت في قيادة المنطقة الوسطى جهود كبيرة لعمل ذلك كما ينبغي. الدراسة التي اعدتها القيادة الوسطى كما زعم تمت حين وقف أمام ناظريهم ضرورة الايفاء بقرار المحكمة ومن جهة اخرى توفير امن حقيقي للاسرائيليين المسافرين على الطريق. حسن لا يصدق حسن، فلسطيني ابن 60، يسحب مع صديق له اطار نافذة كبير قرب حاجز بيت سيرا. والنافذة هي لبيته في بيت سيرا وفي هذه اللحظة لا يمكنه أن يسافر على طريق 443، ولهذا فقد وجد احدا ما يأتي بالنافذة حتى مكعبات الاسمنت التي تسد المعبر بين القرية والطريق، وهناك، بعد الحاجز الاسمنتي سيحملها على سيارته الخاصة. حسن لا يصدق بان الطريق سيفتح حقا. وحتى عندما نريه العمل الذي يقومون به الى جانبنا بنشاط لبناء معبر يرفض ان يقتنع. وهو يقول: "كله كذب. اما متأكد انتهم سيجدون شيئا ليقولوا لنا انهم لن يفتحوه في النهاية". رغم الجهود الكثيرة التي يبذلها الجيش للايفاء بقرار محكمة العدل العليا، فان ابو نمر ايضا، مقيم اخر من بيت سيرا لا يصدق بان الطريق سيفتح حقا، ولكن يحتمل أن يكون عدم التصديق لديه ينبع من مصلحة اقتصادية. ابو نمر هو صاحب سيارة تجارية كبيرة تم تحويلها الى نوع من الكشك. في السنوات الاخيرة يرتزق نمر بالذات جيدا لان الطريق مغلق امام حركة الفلسطينيين. زبائنه هم العمال الفلسطينيون الذين يجتازون الحاجز سيرا على الاقدام والى الطريق يمرون عليه ويشترون شرابا خفيفا بثلاثة شواكل. "لا اصدق ان يسمحوا لهم بالمرور هنا بشكل دائم بالسيارات. بالتأكيد كل يومين سيغلقون ليقولوا انه لا يمكن العبور اليوم"، قال ابو نمر. العمال الى جانبنا منشغلون بصب جدار اسمنتي يقود السيارات التي تنتظر نحو الحاجز وابو نمر يشتم المعبر الذي سيسلب منه رزقه ويقول: "انظر ما هذا. صنعوا لهم هنا معبرا مثل الخراف". ابتداء من يوم الجمعة القريب سيسمح للفلسطينيين بالصعود الى الطريق من نقطتين: واحدة في بيت سيرا واخرى في بيت عور الفوقا. كل واحدة من نقاط العبور الى الطريق سيستخدمها الفلسطينيون في طريق العودة ايضا. في هاتين النقطتين سيرابط جنود سيقومون على حد وصف مصدر عسكري كبير "بفحص السيارات حتى مستوى السكين"، وبعد ذلك يسمح لها بالعبور الى الطريق. اضافة الى ذلك خصصت نقطتان منهما يسمح بالنزول من الطريق ولا يرابط فيهما جنود لان الطريق من اتجاه واحد، مع كاميرات تراقب ما يجري من فوق. لنداو يتظاهر ولكن هذه المساعي، كما يبدو، لا ترضي الاسرائيليين من سكان المنطقة ممن يرفضون قبول الترتيب. منظمة "شورات هدين" بلورت مجموعة نحو الف عائلة يهودية تسكن في مقربة من الطريق رفعوا مؤخرا التماسا الى محكمة العدل العليا مطالبين بالغاء القرار السابق. احد من رواد الكفاح هو شموئيل لنداو من سكان جفعات زئيف فقد ابنه رونين، في عملية اطلاق نار على الطريق في العام 2001. الحلول الامنية الجديدة لا ترضي لنداو: "في العملية التي قتل فيها ابني ايضا خدع المخربون حواجز الجيش. وهم ينجحون في ادخال اشياء الى داخل السجن، رغم كل التفتيشات، فهل هنا لن ينجحوا في ذلك في منطقة بهذا الحجم؟". نوفيت خائفة مع نهاية جولتنا التقينا نوفيت بروشي من سكان مستوطنة معاليه في منطقة موديعين. وهي تقول: "اشعر بذات الخوف اياه من قديم الزمان. أمر على الطريق والاشغال هنا تذكرني بالاحاسيس التي كانت لي في زمن العمليات. أنا حقا انظر في ما الذي سأفعله وافكر جديا بالكف عن السفر في الطريق.