غزة / سما / قال الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، إن مجمل حالات الاعتقال التي سُجِّلت منذ بداية النكبة 1948 لغاية اليوم، بلغ قرابة 800 ألف حالة اعتقال لفلسطينيين لدى الاحتلال الإسرائيلي، 70 ألف حالة منها لدى اندلاع انتفاضة الأقصى في 2000. وأضاف فروانة في تقرير صدر اليوم، لمناسبة الذكرى الـ62 للنكبة، أن قرابة 100 ألف حالة اعتقال سُجِّلت خلال الفترة الممتدة مابين سنتي 1948 - 1967، وقرابة 420 ألف حالة اعتقال منذ سنة 1967 وحتى الانتفاضة الشعبية السابقة 1987، ثمّ خلالها (كانون الأول/ديسمبر 1987 ولغاية منتصف 1994، سُجِّلت قرابة 210 ألف حالة اعتقال. وأوضح أنّ الاعتقالات تراجعت بعد توقيع اتفاق أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية منتصف أيار (مايو) 1994، حيث لم تُسجّل سوى عشرة آلاف حالة اعتقال منذ ذلك التاريخ ولغاية أيلول (سبتمبر) 2000، وهو موعد اندلاع انتفاضة الأقصى، ولكنّ معدل الاعتقالات عاد وارتفع بشكل كبير منذ ذلك الوقت، حتى وصل إجمالي عدد حالات الاعتقال خلال انتفاضة الأقصى (أيلول/ سبتمبر 2000 ولغاية منتصف أيار/ مايو 2010) إلى قرابة 70 ألف حالة اعتقال. واعتبر الباحث أن ّالفترة التي أعقبت النكبة سنة 1948 ولغاية سنة 1967 كانت الأسوأ والأكثر إجراماً حيث تميّزت بالاعتماد على ’التعذيب الجسدي بهدف إلحاق الأذى المباشر والمتعمد بصحة المعتقلين، والاعتماد على الطرد والتهجير والإبعاد الجماعي للأسرى والمعتقلين، والإعدام الجماعي لمجموعات كبيرة من المواطنين بعد اعتقالهم والسيطرة عليهم، وإعدام بعض المواطنين الناجين من المجازر والهاربين من مسارح المذابح، بعد توقيفهم واحتجازهم لدقائق أو ساعات’. كما تم آنذاك ’دفن أسرى ومواطنين جرحى وعزّل وهم أحياء في حفر صغيرة وكبيرة بعضها حفر خصيصاً لهذا الغرض’، إضافة إلى انتشار ظاهرة ’الإعدام الجماعي والمباشر للأسرى والمعتقلين على يد قوات الاحتلال.’ وأكد فروانة أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي ’اعتمدت سياسة قتل الأسرى الفلسطينيين والعرب منذ النكبة ولم تتخلَ عنها، بل هي مستمرة في انتهاجها حتى يومنا هذا، والفرق بأشكال الإعدام وطرقه وأساليبه’. فعقب النكبة اعتمدت تلك السلطات ’الإعدام الجماعي المباشر، وبعد سنة 1967 اعتمدت الإعدام الفردي المباشر وأعدمت العشرات من الأسرى بعد اعتقالهم وإلقاء القبض عليهم، وكذلك الإعدام الجماعي غير المباشر من خلال منظومة من الإجراءات والقوانين وقائمة من الانتهاكات تتبعها داخل سجونها ومعتقلاتها بهدف قتل الأسرى معنوياً ونفسياً وان أمكن جسدياً، أو توريثهم أمراضاً خطيرة ومزمنة تبقى تلازمهم لما بعد التحرر وتكون سبباً بوفاتهم.’ ومنذ العام 1967، بحسب فروانة، شملت أبرز الطرق والأساليب التي تنتهجها قوات الاحتلال في إعدام الأسرى بشكل فردي ’إطلاق النار مباشرة ومن مسافة قريبة جداً صوب المعتقل بعد استسلامه والسيطرة الكاملة عليه، بذريعة أنه حاول الاعتداء عليهم أو حاول الهروب وفي أحياناً كثيرة تم قتلهم وهم نيام، إضافة والضرب والتنكيل المباشر والاعتداء الجسدي على المعتقل وقبل نقله لمركز تحقيق حتى الموت’. كما تشمل هذه الوسائل ’الامتناع عن تقديم العلاج للأسير الجريح وعدم السماح لطواقم الإسعافات الفلسطينية أو الدولية من الوصول إليه وعلاجه، وتركه ينزف حتى الموت، واستخدام المعتقلين دروعاً بشرية مما عرّض حياتهم للخطر والموت، علاوة على التحقيق مع الأسرى الجرحى عقب أسرهم مباشرة أو في المشافي وتحت أنظار وبعلم الأطباء والضغط عليهم وتعذيبهم ومساومتهم، ومن ثم قتلهم عمداً انتقاماً منهم، أو أنهم توفوا متأثرين من ذلك’. ومن بين الأساليب التي اتبعتها سلطات الاحتلال في هذا الصدد ’اقتحام المشافي والمراكز الصحية، واختطاف الجرحى والمرضى من على الأسرة أو من داخل سيارات الإسعاف والتحقيق معم وتعذيبهم وقتلهم’، إضافة إلى نقل الأسير إلى مراكز التحقيق وممارسة الضغوط عليه وتعذيبه بهدف القتل ومن ثم الإدعاء بأنه انتحر أثناء التحقيق، أو أخذ الأسير إلى مكان بعيد وإطلاق النار عليه والإدعاء بأنه حاول الهروب من السجن أو من قوات الاحتلال أثناء الذهاب معهم لإرشادهم على مكان السلاح. واستحضر فروانة في تقريره بعض الشهادات والوثائق نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، كمجموعة صور نشرتها صحيفة يديعوت العبرية خلال العام الماضي والتي أظهرت قوات إسرائيلية تعدم أسيرا فلسطينياً مقيد اليدين رميا بالرصاص. وأشار إلى الفيلم الوثائقي الذي كشف كيفية إعدام جماعي لجنود مصريين بعد أسرهم والسيطرة عليهم وتجريدهم من سلاحهم، خلال حرب 1956 . وذكَّر فروانة بالصحفي الاسرائيلي ’أوري بلاو’ وتصريحاته لصحيفة كول هعير عام 2003 بقيام مركز الشاباك الإسرائيلي في منطقة نابلس بقتل اثنين من المطلوبين رغم أن المهمة التي أوكلت للجيش هي الاعتقال فقط. كما أشار فروانة إلى أن صحيفة هآرتس العبرية نشرت يوم 14 تشرين الثاني / نوفمبر 2006 قيام الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على جريحين في قرية اليامون قضاء جنين وهما سليم أبو الهيجا ومحمود أبو حسن حيث تم إعدامهما ( 9-11-2006 )وهما جريحين عديمي الحيلة كما قالت الصحيفة. ودعا فروانة إلى تركيز التوثيق والرصد على جرائم قتل الأسرى الجماعية والفردية منذ العام 1948 ولغاية اليوم، باعتبارها جرائم حرب وفقاً لكافة القوانين والمواثيق الدولية، والاستفادة من الفيلم الوثائقي والصور والتقارير التي نشرتها وبثتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، إضافة إلى الشهادات الفلسطينية، والاستناد إليها في ملاحقة مقترفي تلك الجرائم وصولاً إلى محاسبتهم ووضع حد لها.