خبر : هيومن رايتس ووتش:يجب التحقيق في أعمال التدمير غير القانونية أثناء الحرب على غزة ونطالب برفع الحصار وتعويض الضحايا

الخميس 13 مايو 2010 03:26 م / بتوقيت القدس +2GMT
هيومن رايتس ووتش:يجب التحقيق في أعمال التدمير غير القانونية أثناء الحرب على غزة ونطالب برفع الحصار وتعويض الضحايا



غزة / سما / قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن على إسرائيل أن تحقق في أعمال التدمير غير القانونية للممتلكات المدنية أثناء الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة عام 2009، وأن ترفع الحصار الذي يحول دون إعادة بناء السكان لمنازلهم. وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بعد الحرب بنحو 16 شهراً، لم تقم إسرائيل بعد بمحاسبة عناصر الجيش التي دمرت بصفة غير قانونية مساحات واسعة من الأعيان المدنية في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرتها". وتابعت: "والحصار الإسرائيلي مستمر في منع سكان غزة من إعادة بناء منازلهم، مما يعني أن إسرائيل ما زالت تعاقب المدنيين في غزة بعد فترة طويلة من انتهاء القتال". وانتقدت ويتسون "كافة الانتهاكات التي ترتكب بحق المدنيين سواء أكانت عدواناً أو دفاعاً عن النفس"، مشيرة إلى أن المنظمة وثقت العديد من الانتهاكات بحق المدنيين خلال الحرب بما فيها استخدام الفسفور الأبيض. وقالت:"إن الخطوات التي اتخذتها إسرائيل للتحقيق في انتهاكات قوانين الحرب وتقديم الجناة للعدالة غير كافية"، مطالبة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بمراجعة تنفيذ الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وهيئات الأمم المتحدة لتوصيات تقرير غولدستون. كما طالبت بتوفير التعويض الفوري والملائم لضحايا انتهاكات قوانين الحرب من قبل "اسرائيل"، والعمل على تنفيذ توصيات تقرير غولدستون. وعرض الباحث في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة التي تتخذ نيويورك مقراً لها "بل فان اسفلد" خلال المؤتمر التقرير الذي أصدرته المنظمة حول "تدمير إسرائيل للممتلكات بشكل غير قانوني أثناء الحرب". وأشار إلى أن التقرير وثق 12 حادثة وقعت في مناطق عزبة عبد ربه وغربي بيت لاهيا شمال القطاع وحي الزيتون شرق غزة وبلدة خزاعة والفخاري شرق خانيونس.  وقال اسفلد :"إن قوات الاحتلال دمرت في تلك المناطق التي وثقها التقرير وبشكل كامل 189 بناية منها 11 مصنعاً وثمانية مخازن و170 بناية سكنية، مما خلف حوالي 971 مواطناً بلا مأوى، وذلك في خرق واضح لقوانين الحرب". وأضاف " هذه الانتهاكات وقعت في أوقات لم يكن فيها قتال مشتعل في تلك المناطق المستهدفة، حيث تعمدت قوات الجيش خرق الحظر بموجب القانون الإنساني الدولي على تدمير الأعيان المدنية". ولفت إلى أن "اسرائيل" دمرت هذه الممتلكات ليس لأن بها كمائن أو مقاومين أو لأي سبب عسكري ، بل لأجل عقاب الشعب الفلسطيني، عاداً ما حدث بمثابة جريمة حرب تستوجب العقاب ومحاكمة المسؤولين عنها. وبين أن قوات الاحتلال دمرت خلال الحرب وبشكل مجمل حوالي (3540) منزلاً و (268) مصنعاً ومخزناً، إضافة إلى المدارس والعربات وآبار مياه وبنية تحتية وأراضي زراعية واسعة.  وتابع اسفلد " رغم أن إسرائيل أجرت العديد من عمليات التحقيق العملياتي ونحو أربعين تحقيقاً جنائياً إلا أنها لم تقم بعد بالوفاء بالتزامها بموجب القانون الدولي بالتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب ومنها التدمير المفرط لمنازل المواطنين وممتلكاتهم".الحصار الإسرائيلي الشامل على قطاع غزة، وهو أحد أشكال العقاب الجماعي ضد المدنيين، والذي تم فرضه رداً على استيلاء حماس على السلطة في غزة في يونيو/حزيران 2007، منع السواد الأعظم من جهود إعادة البناء، بما في ذلك في المناطق التي وثقت فيها هيومن رايتس ووتش أعمال التدمير. وقد سمحت إسرائيل بواردات الأسمنت لعدة مشروعات إصلاح، لكن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أشار في أواخر مارس/آذار إلى أن هذه الكميات من الأسمنت ليست إلا "قطرة في دلو" مقارنة باحتياجات الإسكان في القطاع. ويصر المسؤولون الإسرائيليون على أن الحصار - الذي أدى بالفعل لتدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع حتى قبل عملية الرصاص المصبوب - سيبقى إلى أن تفرج حماس عن الجندي جلعاد شاليط، الجندي الإسرائيلي الذي تم أسره عام 2006، وحتى تنبذ حماس العنف وتفي بشروط سياسية أخرى. احتجاز حماس لشاليط بمعزل عن العالم الخارجي منذ فترة طويلة يخرق الحظر على المعاملة القاسية واللاإنسانية وقد يرقى لدرجة التعذيب. ويتم تهريب سلع كثيرة إلى غزة عبر الأنفاق على الحدود الجنوبية للقطاع مع مصر، والكثير من البنايات المُدمرة تم إصلاحها على الأقل جزئياً بطوب مصنوع من الأسمنت المُهرب مخلوطاً بالركام المُعاد تصنيعه. لكن مواد البناء هذه يُفترض فيها أنها ذات جودة ضعيفة ولا يمكن استخدامها في مشروعات إعادة البناء الموسعة. وفي المناطق داخل غزة التي وجدت فيها هيومن رايتس ووتش أن القوات الإسرائيلية دمرت المنازل الخاضعة لسيطرتها، لم تتم تقريباً أية جهود لإعادة بناء البنايات المدمرة، مما يشير إلى أن القليل المعروض من مواد البناء هذه يجعلها باهظة التكلفة على أغلب سكان غزة، وأكثر من ثلاثة أرباعهم يعانون من الفقر. وتتحمل مصر جزءاً من المسؤولية عن العقاب الجماعي المفروض على سكان غزة المدنيين، بسبب إغلاقها لحدود غزة الجنوبية. ولا تسمح السلطات المصرية - إلا في أوقات محدودة - بتمرير السلع والأفراد عبر المعبر الحدودي الذي تديره في رفح. وتحظر قوانين الحرب الهجمات على الأعيان المدنية، ومنها المنازل والمصانع المدنية، ما لم تتحول لتصبح هدفاً عسكرياً مشروعاً، مما يعني أنها تمد قوات الخصم بميزة عسكرية محددة في الظروف السائدة وقت القتال. ويتناول التقرير وقائع تدمير يظهر منها وجود انتهاكات للحظر الوارد في قوانين الحرب على التدمير التعسفي - وهو اصطلاح مستخدم لوصف التدمير الموسع للأعيان المدنية بشكل غير مبرر قانوناً من واقع الضرورة العسكرية. مثل أعمال التدمير هذه تعتبر خرقاً جسيماً لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، المنطبقة على غزة. الأفراد المسؤولون عن ارتكاب أعمال تدمير من هذا النوع أو الأمر بها، يجب أن يخضعوا للملاحقة القضائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ولم تضم هيومن رايتس ووتش إلى التقرير الوقائع التي لم يكن التدمير فيها موسعاً، أو حيث أشارت الأدلة إلى احتمال تدمير إسرائيل للممتلكات لأغراض عسكرية أو بناء على خطأ استخباراتي. ووثقت هيومن رايتس ووتش التدمير التام لـ 189 بناية، منها 11 مصنعاً، و8 مخازن و170 بناية سكنية - نحو 5 في المائة من إجمالي البنايات المُدمرة في غزة - مما خلّف 971 شخصاً على الأقل مشردين. وفي الحالات التي تم التحقيق فيها في عزبة عبد ربه والزيتون وخزاعة، قامت إسرائيل بتدمير كل المنازل والمصانع والبساتين تقريباً في مناطق بعينها، في إشارة إلى خطة واضحة للتدمير الممنهج لهذه المواقع. المؤسسات الصناعية المدمرة شملت منشآت لتعبئة العصائر والبسكويت، وطاحون، وسبعة مصانع خرسانة أسمنتية. لم تتوصل هيومن رايتس ووتش لمعرفة إن كانت هذه الوقائع هي جزء من نمط أوسع أم لا، لكن على إسرائيل أن تحقق باستفاضة في هذه الوقائع - على أن يشمل التحقيق النظر في عدم قانونية أية قرارات سياسية متصلة بالوقائع - وأن تعاقب بالدرجة الكافية من يتبين تحركه بشكل غير قانوني. وقالت سارة ليا ويتسن: "يظهر من الأدلة أن القوات الإسرائيلية في هذه الحالات دمرت بلا مبررات المنازل وسبل كسب الرزق"، وأضافت: "إذا لم تحقق الحكومة الإسرائيلية وتعاقب المسؤولين عما حدث، فهي بهذا تعلن موافقتها على المعاناة التي تعرض لها هؤلاء المدنيون". وقال محامو الجيش الإسرائيلي لـ هيومن رايتس ووتش إن الجيش يحقق في الكثير من وقائع تدمير الممتلكات الموثقة في هذا التقرير. لكنها ليست تحقيقات جنائية تجريها الشرطة العسكرية، بل تحقيقات عملياتية لا تشمل الاتصال بالشهود الفلسطينيين. ومن التحقيقات المائة والخمسين التي تم فتحها إلى الآن في عملية الرصاص المصبوب، فهناك 36 تحقيقاً جنائياً والبقية تحقيقات عملياتية. واثنتان من التحقيقات الجنائية تشمل مزاعم بالإضرار ببنايات تخص أفراد. العقوبة الوحيدة المفروضة على التدمير غير القانوني أثناء عملية الرصاص المصبوب والتي تم الإبلاغ عنها كانت إجراءات تأديبية لم تُحدد تم اتخاذها على الفور من قبل قائد ميداني بحق جندي، لأن الجندي قام بـ "إزالة مزروعات" في غزة. ولم يوفر جيش الدفاع الإسرائيلي أية تفاصيل أخرى بشأن الحادث أو الإجراء التأديبي المتخذ. وإجمالاً، حتى الآن حكمت إسرائيل جنائياً على جندي واحد فقط وقامت بتأديب أربعة جنود وقادة آخرين على انتهاكات وقعت أثناء عملية غزة. يُذكر أن إسرائيل لم تقم بإجراء تحقيقات مستفيضة أو نزيهة فيما إذا كانت القرارات السياسية التي اتخذها كبار صناع القرار من رجال السياسة والعسكريين - ومنها القرارات السابقة على العملية - قد أدت إلى خروقات لقوانين الحرب، مثل التدمير غير القانوني للبنية التحتية المدنية. وطالب التقرير الحكومة الأمريكية بتجميد إرسال الجرافات من طراز كاتر بيلر( د – 9) لـ"إسرائيل" بموجب برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية انتظاراً لإتمام التحقيق الرسمي في استخدام جيشها لهذه الجرافات في تدمير المنازل بغزة خلال الحرب. وأوصى الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة مراجعة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون استجابة لقرار الجمعية العامة الواجب تقديمه في 26 يوليو المقبل. وقال :" في حال استمرار إخفاق الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في إجراء تحقيقات نزيهة ومقاضاة المسؤولين عن انتهاكات قوانين الحرب الجسيمة يجب إحالة الوضع إلى مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية ". ودعا بان كي مون إلى رصد التحقيقات التي يجريها الطرفين وإبلاغ الجمعية العامة في ظرف خمسة أشهر بتطورات الأوضاع، بما في ذلك تقييم إذا كانت الخطوات المتخذة تفي بالمعايير الدولية الخاصة بالفورية والاستفاضة والنزاهة.