ما أهم الدولارات أم القدس؟ يتعلق ذلك بمن تسألون، وليس الأمر هذه المرة في سياق الشبهات الجنائية في ايهود اولمرت. لم يكن جواب دافيد بن غوريون الواضح الذي علم كيف يجيب من غير أن يسأل، ليفرح الصياحين من الليكود. قبيل يوم الاستقلال أذيع سجل جلسة الحكومة الأولى بعد 11 يوما من اعلان اقامة الدولة. قال بن غوريون لوزرائه الذين كان عددهم أقل من نصب عدد وزراء بنيامين نتنياهو: "اذا كان لنا امكان شراء وسائل جوية ومعدات ثقيلة، بعد أن تعترف بنا حكومات أخر، فستثار على نحو شديد جدا مسألة الدولارات. اذا كانت مسألة القدس خطيرة جدا واستقر الرأي على أن تعالج غولدا ميرسون القدس – فقد خلصت الى استنتاج ان مسألة الدولارات ملحة جدا، فلتشخص من الفور الى امريكا. لقد عملت عملا ناجحا جدا، ولم يحرز أحد ما أحرزته... بنادق، ورشاشات وآلات ثقيلة أحدثت ثورة في الزمن الأخير. ستقول لهم إننا مهاجمون ونحتاج الى وسائل جوية ودبابات. أنا على ثقة من أنها ستحصل في خلال اسبوع على 10 الى 15 مليون دولار ضرورية لنا". إن جملة "لم يحرز أحد ما أحرزته" ربما تكون مصدر المقالة الشعبية لغولدا مئير "الرجل الوحيد في الحكومة". مهما يكن الأمر، حذر بن غوريون بعد ذلك من أن الوضع في الجبهات شديد؛ والانجازات المحلية في القدس لن تجدي على الجهد الحربي العام اذا أعوز الجيش سلاح دفاع وحسم يتعلق بالمال الذي هو اسم مرادف للتأييد الخارجي. مع الاحترام كله للفصاحة المقولة عن قلب الأمة، لن يبقى هذا القلب اذا انهار الجسم. إن نتنياهو يدفع حكمة بن غوريون الصحيحة ايضا. فحكومته تتملص من جميع القرارات الحاسمة الصعبة. إن محادثات التقارب التي تمضي اليها، من غير أن تبت أمر الجوهر، تعبر في واقع الأمر عن ابتعاد عن الدعامة الامريكية. يغيب عن خط نتنياهو أيضا المنطق لا الحكمة السياسية فقط. ولما كان من المقبول عنده، متابعة للادارة الامريكية، مبدأ تبادل الاراضي عند الاتفاق مع الفلسطينيين، فان هذا يعني أنه قد تخلى من مناطق داخل دولة اسرائيل السيادية. بغير استفتاء للشعب، وبغير كثرة في الكنيست، وبغير بيان أساسي لجدوى تبادل قطعة أرض من النقب بمستوطنة في السامرة. يفترض نتنياهو، أن المواطنين بخلاف المستوطنين في الوضع العكسي لن يتظاهروا على تنازل كهذا. سيؤيدون أن يهبوا لنتنياهو أن يهب. لا توجد في اسرائيل فكرة مركزية مستعدة أن تطلب الى قادتها سلاما بغير الكتل الاستيطانية. ايهود باراك وحزب العمل شريكان للحكومة التي يتولى فيها نتنياهو السلطة تحت أفيغدور ليبرمان. هذا فراغ يستدعي شوقا لأحزاب جديدة أو لأناس يثبتون أنفسهم في قمة الأحزاب القائمة. لا يلوح احتياطي، ما عدا خصما واحدا أقامه نتنياهو وباراك لأنفسهما هو غابي اشكنازي. يستطيع رئيس الاركان الذي أضرت به علاقتهما أن يختار موعد اعتزاله. اذا قصر لنفسه أربعة أشهر وسرح في تشرين الاول، فستنتهي سنو تبريده الثلاث عشيرة الانتخابات المقبلة. الى ذلك الحين سيطبع بطاقات زيارة على هيئة تنفيذ صامت في مقابلة تبجح مراوح في مكانه، وفي المضمون: تسوية مع سورية عوض الجولان، ومصالحة سخية في المناطق وتطبيق القانون هناك في هذه الاثناء، وخدمة (وطنية – مدنية) لكل اسرائيلي. لاشكنازي نقائص ستبرز بهوايته السياسية. إن صعوبة وجدان أسماء أخرى تعبر عن ضآلة الاحتياطي لكن كل شيء نسبي: فالثلاثة نتنياهو – باراك – ليبرمان لا يطاقون.