من يعتقد أن تقليد فيصل القاسم في فضائية فلسطين سيكون مجدياً فهو مخطىء، فتلفزيون فلسطين لا يبث من منطقة حرة كما أن الأموال المخصصة لكوادره وبرامجه تستقطر من عروق ضحايا وشهداء الشعب الفلسطيني، ولا تستخرج من آبار النفط، ولا هي من عائدات استثمار تسييل الغاز، فتسييل مصطلحات الاتهام بلا سند، وتبخيرها على الهواء مباشرة لتسميم وعي الجمهور، واحراق أوراق حركة التحرر الوطنية الفلسطينية وانجازاتها أو التعمية عليها بسخام ودخان كلام مسمم للأجواء تحت عنوان حرية الحكي عالمكشوف!.لا يحق لأحد أن يضع أقفالاً على فم أحد، لكن بالوقت نفسه لا يحق لأحد أن يضع الكلام المرّ في أفواه الآخرين لينتقوه، ولا رمي أسماع الجمهور بكلام يخرق قانون الإصغاء والتفكير، فالإلتزام بهذا القانون هو روح الرسالة الإعلامية، فصخب الكلام وحدته وموجاته الشديدة العالية تحطم وعي المتلقي وفي أحسن الأحوال تمارس فعل الحت البطىء، فيأتي الفعل مخالفاً لرسالة الإعلام المعنية أصلاً ببناء وعيه وتكوينه منفتحاً لا منتفخاً، نريد وعياً محاطاً بطاقات – نوافذ – تتيح له اطلالة تشبع رغبة بصيرته التحليلة للعالم، لا شخصية منتفخة بفقاعات الكلام، فالكلام كله مباح لكن الصحيح ابن الحق المنطق مضمون الوصول، أما الخاطىء فإنه يرتد أو يضل، لحظتها لا يضمن أحد ألا يصاب المتلقي بنزيف حاد في دماغه، ومن يدري فقد تطير " عصافير عقله " !.إذا كان الحكي عالمكشوف من فضة، فإن صياغة التعبير من ذهب، فالمتلقي يسمع اللحن على الكلام قبل سماع الصدى، أما رنين النوايا فلغة الشجر لا يفقهها أبناء البشر، فنحن يهمنا الصادر المنطوق من المحكي، فلعبة " الخباية " وراء ستار النوايا لا تليق بالكبار.تلفزيون فلسطين ليس شاشة لشركة خاصة، ولا هو في منطقة الصليب الأحمر فحتى الوقوف في هذه المنطقة لا بد من توفر شروط، والحكي فيه عالمكشوف لا يعني رمي السهام الحارقة بكل اتجاه !! فمن الظلم مقارنة السلطة الوطنية الفلسطينية بسلطة انقلاب حتى ولو في اطار التحريض على استدراج الكلام، ولا يجوز مقارنة من اجتهد واخطأ بمن يبتدع ليجعل من الخطيئة اجتهاداً. بأي حق يقدم حكي عالمكشوف سلطة الإنقلاب والسلطة الوطنية على طبق الشرعية؟!! أم أن الحكي عالمكشوف يبيح ويعمم ويروج بأن جريمة سفك الدماء الفلسطينية على أيدي امراء الحرب والأنفاق من قيادات حماس تعادلها في ميزان الحكي عالمكشوف كفة أخطاء التجربة وفساد في إدارة هنا أو هناك أو سرقة من المال العام، فالفرق بين من سرق الوطن وقطع اشلاءه وبين من سرق مالاً من خزينته، كالفرق من يضربك بمطرقة هدم على دماغك ليوقظك من سباتك، من آخر يوخزك بشوكة تجعلك تنط كالعفريت من هول فعل الولدنة الذي اتى به !.إما أن " الحكي عالمكشوف " يلعب لعبة انتخابات قبل اطلاق شارتها، أو أن تقليد الإتجاه المعاكس ظهر على مسرح لا يتسع له فضاء فلسطين، فتلفزيون فلسطين هو تلفزيون الحركة الوطنية الفلسطينية التي مازالت حتى الساعة لم تحقق الاستقلال الناجز، هو التلفزيون الذي أسسته فتح ليكون صوت الشعب الفلسطيني وصوت سلطة حركته الوطنية وبرنامجه الوطني، لا صوتاً يردد وراء حماس بأنها " سلطة دايتون " ... شو هالحكي ؟!! فكتاب فتح والصحفيون المنتسبون لها ونوابها في التشريعي، ومناضليها كانوا أول من " حكى عالمكشوف " ضد تسيب وانفلات وأخطاء وفساد، فكانوا أول المستهدفين، كنا نعرف أنها أول تجربة للشعب الفلسطيني في السلطة والحكم، لم تكن تجربة فتح لوحدها وكنا نؤمن أننا يجب أن نتصدى لها بما لدينا من قوة وايمان والتزام، لكنا لم نفعل ذلك حتى يأتي أحد ويرمي حركتنا العظيمة " بكلام مكشوف" الأغراض والأبعاد !! ففتح قدمت للشعب الفلسطيني سلطة وطنية وانجازات تبنى على أساستها مقومات الدولة ومؤسساتها، لكن المدينة الفاضلة لم تخلق بعد، وهذا ما يجب أن يحكم الكلام و" الحكي عالمكشوف " .