غزة "ألو، مرحبا نحن مركز دراسات عربي نجري استطلاعا للرأي في بعض القضايا التي تهم بلدكم ونتمنى التعاون معنا والإجابة على التساؤلات المطروحة"، رد عليه المواطن أحمد: "تفضل بالسؤال"، فبادره المتصل متسائلا: "ماذا لو وقف بجانب بيتك عدد من المقاومين هل ستطردهم أم ستحميهم؟".أدرك أحمد أن السؤال المطروح غير بريء ورد عليه بكلمات معدودة: "إلعب غيرها أكيد إنت مخابرات إسرائيلية".وقد تكررت مؤخرا محاولات أجهزة الأمن الإسرائيلية الاتصال على المواطنين الغزيين مباشرة لجمع معلومات عن الجندي المأسور لدى المقاومة الفلسطينية غلعاد شاليت، أو محاولة تجنيد مواطنين لصفوفهم.وتلقى مؤخرا عدد من المواطنين في قطاع غزة اتصالات من المخابرات الإسرائيلية على هواتفهم الأرضية والنقالة بأرقام دولية وأرقام غريبة تحت مزاعم "مراكز دراسات دولية أو فلسطينية في الخارج" تهدف إلى استطلاع آرائهم في قضايا أمنية حساسة تمس الأمن الفلسطيني الداخلي. أين الصواريخ؟وقال موقع "المجد" المهتم بالقضايا الأمنية: "إن الشاباك سأل المواطنين عن الصواريخ والمقاومة وأماكن رباط المجاهدين الفلسطينيين" مستدلا بأحد هذه الاتصالات التي تلقاها مواطن من فتاة ادعت أنها من مؤسسة تعمل في أراضي 48 وتريد منه تعبئة الاستبيان عبر الهاتف".ودعت وزارة الداخلية المواطنين إلى عدم التعاطي مع الاتصالات التي يتلقونها من المخابرات الإسرائيلية محذرة من أهداف تلك الاتصالات "الخبيثة" الرامية إلى الحصول على المعلومات إضافة إلى اصطيادهم ومحاولة إسقاط عدد منهم في "شباك العمالة".وكان عدد من أفراد المقاومة في قطاع غزة تلقوا اتصالات مماثلة من "الشاباك" الإسرائيلي مدعيا أنهم يعرفون كل شيء عن المقاومين.وذكر الموقع أن إجراء هذه الاتصالات بالدرجة الأولى يعد من مهام جهاز "الشاباك" بالتعاون مع بعض الجهات الأخرى مثل الوحدة (504) التي تعمل على الحدود المجاورة وتستهدف السكان الحدوديين.ولتفادي مخاطر هذه الاتصالات وغيرها من أساليب المخابرات الإسرائيلية حذرت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" مقاتليها من مخاطر هواتف الاتصالات النقالة واصفة إياه بـ"الجاسوس الصغير" معتبرة أنه قد يتسبب بتعرض عدد من المقاتلين لعمليات اغتيال أو الإيقاع بهم في شباك الأسر والمطاردة.ونبهت "كتائب القسام" في تصريح لها من مغبة استخدام الهواتف النقالة في الاتصال بين مقاتليها. محاولات مستميتةلكن انكشاف أمر هذه الاتصالات التي باءت بالفشل لم تمنع المخابرات الإسرائيلية من تكرار محاولاتها المستميتة للكشف عن مكان أسر الجندي شاليت مستخدمة في سبيل ذلك كافة السبل من بينها تقديم الإغراءات المالية للمواطنين.وباسم "جمعية ولد للحرية" الإسرائيلية وزع "الشاباك" إعلانا عبر الشبكة العنكبوتية "الإنترنت" باللغات العربية والإنجليزية والفارسية يحمل عنوان "عشرة ملايين دولار" مقابل الإدلاء بمعلومات عن جنود إسرائيليين مخطوفين ومأسورين من بينهم: الطيار رون آراد وغلعاد شاليت ومجدي حلبي ويهودا كاتس.ويظهر على واجهة الموقع الإلكتروني المخصص لهذا الغرض مساحات بيضاء لتعبئة البيانات الأساسية للمتصل تضم الاسم ورقم الهاتف والعنوان، بجانبها رسالة مفادها "أنت وسرك في أمان، تتخذ جمعية - ولد للحرية- كل الإجراءات الاحتياطية اللازمة لضمان أمنكم الشخصي والحفاظ على السرية التامة".غير أن الأمر الذي أبدى انزعاج الفلسطينيين هو ظهور هذا الإعلان على صفحة وكالة "رويترز" البريطانية للأنباء في وقت كانت فيه الوكالة الدولية رفضت بشدة نشر إعلان خلال العدوان على غزة يدعو إلى التبرع للسكان المتضررين.وتتواصل "معركة الأدمغة" بين الفلسطينيين و سلطات الاحتلال في محاولة كل طرف للنيل من الآخر غير أن أصحاب الحق غالبا ما ينتصرون. عن القدس