خبر : فيلم 'الجميع بخير.. Everybody is fine': الدفء لا ينتقل عبر أسلاك الهاتف.. حتى لو كنت قد طليتها بنفسك

الأربعاء 21 أبريل 2010 12:31 ص / بتوقيت القدس +2GMT
فيلم 'الجميع بخير.. Everybody is fine': الدفء لا ينتقل عبر أسلاك الهاتف.. حتى لو كنت قد طليتها بنفسك



 رفقي عساف   فيلم دافئ وحميم، هكذا هو فيلم ’ الجميع بخير’، للمخرج كيرك جونز، الذي قدم لنا من خلاله وجبة بصرية وإنسانية دسمة جداً، مبنية على فيلم إيطالي يحمل نفس الاسم، بالإيطالية ’ Stanno tui bene’، من إنتاج عام 1990، للرائع جوسيبي تورناتوري، صاحب تحفة ’ سينما باراديسو’. وفي هذا الفيلم استطاع جونز، أن يصنع فيلما جميلاً، مفعما بروح دافئة، عن ’ فرانك’ الأب المصاب بمرض القلب، الذي لعب دوره روبرت دي نيرو، والذي يقرر الانطلاق في رحلة بين الولايات، للقاء أبنائه الذين اعتذروا جميعاً عن قضاء العطلة معه كما كان مفترضاً.العلاقات الإنسانية هي بطل هذا الفيلم الخالي من الصراع تقريباً، اللهم إلا فيما ندر، وهو خط نفاد الدواء من ’ فرانك’ في ظروف قسرية، لن أخوض كثيرا في حدوتة الفيلم، بقدر ما سأعرج على كم المشاعر الإنسانية التي ينقلها إلينا، وكيفية معالجة المخرج للقصة من خلال تركيزه على مهنة الأب الأصلية، ألا وهي طلاء أسلاك الهاتف بالمادة العازلة التي تحميها، وما يمكن أن ترمز إليه هذه الأسلاك في علاقة عائلة يسكن جميع أفرادها في ولايات مختلفة ومتباعدة.يجوب الأب الولايات، ليطمئن على أن كلا من أولاده شق طريقه الذي تمناه له، ويعيش سعيداً كما أراد له، فيزور ديفيد دون أن يجده في شقته، ليتضح الكثير فيما بعد، ويعرج على إيمي، سيدة الأعمال الناجحة في مجال الدعاية والإعلان، ثم روبرت، المؤلف الموسيقي، وكلها أمنيات طفولتهم، وفي النهاية روزي، الراقصة الشهيرة في لاس فيغاس، ليكتشف الكثير من الحكايا والخفايا، في رحلة ممتعة وشفافة للغاية.الأداء التمثيلي في الفيلم جاء هادئاً جداً، تماما كإيقاع الفيلم نفسه، ونجح المخرج جونز في إدارة ممثليه، وبالطبع ساعده في ذلك الخامة المدهشة لأداء روبرت دي نيرو في الدور الرئيسي في الفيلم.الإخراج جاء جميلاً، ولا أستطيع أن أعرف كم من الفضل يمكنني أن أعزوه للمخرج كوني لم أشاهد النسخة الإيطالية الأصلية من الفيلم فلا أستطيع أن أحكم بمدى استفادة جونز من تورناتوري في هذا الجانب، ولكن مهنة الأب في الفيلم الأصلي هي كتابة شهادات الميلاد، وبالتالي فإن مهنة الأب في الفيلم في طلاء الأسلاك، والتي ارتكز عليها الإخراج كثيراً، قد قام جونز بتغييرها، مما يجعله يستحق الثناء إخراجياً بلا شك.النقطة الجميلة في الفيلم برأيي هي التصوير، الذي أداره مدير التصوير غير المعروف الإنكليزي الأصل ’ هنري براهام’، والذي كان مفاجأة الفيلم السارة وأضفى على الفيلم روحاً أوروبية جميلة وجماليات بصرية راقية، وأمتعني بحق كأنني أشاهد مجموعة من الصور الفوتوغرافية الساحرة، يضاف إليه العمل المبدع للمونتاج الذي اضطلع به ’ أندرو موندشين’ الذي قام بمونتاج العديد من الأفلام، من أشهرها ’ الحاسة السادسة’ و’ شوكولا’، وأعتقد بأنه قام في هذا الفيلم بعمل متميز جداً، فهي إحدى المرات القليلة التي أتنبه فيها لقطعات مونتاجية تختصر الكثير وتعبر عن الكثير.السيناريو الذي كتبه المخرج نفسه، بالطبع بناء على السيناريو الأصلي للفيلم الإيطالي الذي تشارك في كتابته تورناتوري مع كل من ’ ماسيمو دي ريتا’ و’ تونينو جويرا’ جاء سلساً ومعبراً، وجاء تغيير مهنة الأب جميلاً ومناسباً لأمركة الفيلم.في ’ الجميع بخير’، يبرز أثر الحضور الإنساني بأهميته القصوى، ويقول لنا جونز ومن قبله تورناتوري، بأن المسافات تحرق القلوب، وبأن دفء الحضور ليس كمثله أي دفء في هذا العالم، وأن التعبير عن الحب هو أسمى وأرقى ما يمكن أن تقضي جزءاً من وقتك الثمين في فعله، دون إهدار لحظة واحدة سانحة.شاعر ومخرج أردني/ فلسطيني