اريحا (الضفة الغربية) 19 ابريل نيسان (رويترز) - ما زالت عملية السلام المتوقفة في الشرق الأوسط بانتظار من يحرك مياهها الراكدة لكن ليس لدى اي طرف استعداد للمجازفة نتيجة لحالة من التشكك السائد. ويقول الفلسطينيون إن اسرائيل غير مهتمة بإبرام معاهدة للسلام لكن اسرائيل تقول إن الحقيقة عكس ذلك. ويعتبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما التوصل لاتفاق قريب "من مصلحة الأمن القومي" في الوقت الذي تقاتل فيه الولايات المتحدة المتشددين الإسلاميين في الخارج وقد تقترح اتفاقا غير قابل للتعديل والجدل "يقبل او يرفض" كله. في الوقت الحالي يريد أوباما من اسرائيل حليفة الولايات المتحدة كسر جمود مستمر منذ 15 شهرا من خلال تقديم تنازلات للفلسطينيين تتصل بالمستوطنات اليهودية ومستقبل القدس كعاصمة يتشارك فيها الجانبان. ويقول زعماء اسرائيليون إنه يلقي عليهم باللائمة ظلما في إحباط توقعات سلام "" ساذجة. وينفون ايضا اي صلة بين هذا الصراع و "الجهاد" الإسلامي الذي يتسم بالعنف. ويقول نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني ايالون إن نهج أوباما لا يسهم الا بتشجيع الفلسطينيين بمواصلة الجلوس في مقاعد المتفرجين حتى "يقدم لهم اسرائيل على طبق من فضة". لكن وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك حذر الائتلاف الحاكم في اسرائيل من الا ينسى حجم المساعدة الأمريكية التي يتلقاها. وقال إن عليه أن يظهر لأوباما أن اسرائيل تريد حقا اتفاقا للسلام. في الوقت نفسه يقول نبيل ابو ردينة المساعد البارز للرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الفلسطينيين يشعرون بالرضا لحديث أوباما "بوضوح عن أن إقامة دولة فلسطينية هو في مصلحة الولايات المتحدة." وأضاف "عملية السلام تواجه مأزقا حقيقيا". ويقر أوباما بأنه لا يستطيع فرض حل ما لم تقم الأطراف المعنية "بالخروج من أنماط العداء القديمة." لكن اسرائيل وأنصارها في الولايات المتحدة يخشون أن يكون الرئيس الأمريكي يفكر بالفعل في "فرض" حل. ويدرس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسميا مقترحات أوباما الأخيرة بشأن تحركات يتوقع حدوثها هذا الشهر لاستئناف محادثات السلام المتوقفة. لكن مصادر سياسية قريبة من رئيس الوزراء تقول إن من غير المرجح تقديم تنازلات كبيرة. وترى اسرائيل ان المشكلة تكمن في فريق البيت الأبيض وتلجأ للعناصر القوية المؤيدة لها في الكونجرس عملا بمبدأ الصديق وقت الضيق للسيطرة على إدارة أوباما. وحين وصف أوباما الصراع بأنه "عقبة كبرى" في طريق المصالح الأمريكية قالت رابطة مكافحة التشهير انه "يفكر بشكل خطير" وانضم المؤتمر اليهودي العالمي مؤيدا. وحثه الجانبان على الا يلقي باللائمة على اسرائيل في الانتكاسات الأمريكية بأماكن أخرى. وفي يد الزعماء الثلاثة أوباما وعباس ونتنياهو أوراقا للعب تنطوي على مخاطر كبيرة. وقامر عباس لكنه خسر في اكتوبر تشرين الأول الماضي حين رضخ لطلب أوباما بإرجاء تقرير للأمم المتحدة يزعم ارتكاب اسرائيل جرائم حرب في غزة. وهبطت شعبيته وفي غزة وصف "بالخائن". وهو في الوقت الحالي ينأى بنفسه عن الأضواء. بينما يعتمد نتنياهو في استمرار ائتلافه الحاكم على أحزاب يمينية ودينية تعارض تقديم اي تنازل يتعلق بالمستوطنات ومستعدة لإسقاط الحكومة لتحول دون هذا. وسيجازف أوباما بالاغلبية التي يتمتع بها حزبه الديمقراطي في الكونجرس في انتخابات نوفمبر تشرين الثاني القادم اذا خاطر باتخاذ موقف متشدد لم يسبق له مثيل مع زعماء اسرائيل. وقال مصدر سياسي اسرائيلي إن استراتيجية نتنياهو في الوقت الحالي هي "كسب الوقت" حتى يحين موعد انتخابات الكونجرس في نوفمبر. في الوقت نفسه فإنه سيواصل التحذير من أن التهديد النووي الذي تمثله ايران مشكلة اكثر إلحاحا بكثير بالنسبة للجميع بغض النظر عن احتلال الضفة الغربية او مستقبل القدس. وفي حين يرفض عباس اي عودة للمقاومة المسلحة فإنه لن يستأنف محادثات السلام المعلقة منذ 15 شهرا ما لم توقف اسرائيل كل أنشطة البناء الاستيطاني وتوضح تفاصيل الدولة الفلسطينية التي هي مستعدة لان تصبح جارتها. وقال رئيس وزرائه سلام فياض إن الفلسطينيين لن يقبلوا بدولة ناقصة وصفها بدولة "ميكي ماوس" في إشارة الى شخصية الرسوم المتحركة الشهيرة. وهو يسعى لتنفيذ خطة لإقامة دولة بحلول منتصف العام القادم وربما يدعو الى اعتراف غربي باستقلالها. وكان وزير الخارجية الإسرائيلي افيجدور ليبرمان حذر من أن اسرائيل سترد على ذلك بضم أراضي الضفة الغربية. وفي حين لا يزال طريق العودة الى المحادثات مغلقا فإنه ليس مؤكدا ان الحل "المفروض" هو الطريق الى الأمام. وأشار أوباما الأسبوع الماضي الى أن اسرائيل والفلسطينيين والدول العربية قد يقولون "نحن غير مستعدين لحل هذه المسائل مهما بلغ حجم الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة." ورفض متشدد اسرائيلي طلب عدم نشر اسمه ما يقوله الليبراليون الذين وصفهم بالسذج الذين لا يستطيعون أن يروا أن إنهاء الاحتلال لن يرضي الفلسطينيين لكنه سيعتبر انتصارا واعدا على اسرائيل. من ناحية أخرى يعترف ايالون وهو سفير سابق في واشنطن بأن أي "تسوية سيكون لها أثر مفيد للغاية على الاستقرار بالمنطقة" لكن هذا يستلزم تعاون الجانبين. وأضاف ان على الفلسطينيين أن يرغبوا في المصالحة والتعايش السلمي والسلام "لمدة 500 عام خمسة وليس." وقال إن الدعم الغربي لدولة فياض التي يمكن أن تعلن من جانب واحد سيكون "وصفة لفشل حقيقي". وكان نتنياهو أمر برفع الحواجز لتحسين اقتصاد الضفة الغربية بصورة يستشعرها المواطن العادي. وفي البداية رحبت اسرائيل بسعي فياض لدولةعصرية كسياسة مكملة. والآن يعتبر هذا كحصان طروادة للوصول الى استقلال أحادي الجانب. ويعتزم فياض إنشاء مطار دولي في وادي الأردن حيث تدر السياحة لزيارة الأرض المقدسة مكاسب. لكن اسرائيل تنوي الحفاظ على تواجدها الأمني القوي بما في ذلك السيطرة على الجو ولن تبدأ اي جرافات العمل دون موافقتها. ولم تحقق مقامرة اسرائيل عام 2005 على الانسحاب من قطاع غزة ما كان يؤمل منها حين سيطرت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على القطاع. وقادت اسرائيل حربا ضد حزب الله المدعوم من ايران في لبنان في صيف عام 2006 وضد حركة حماس التي تدعمها ايران ايضا في أوائل 2009. وعلى الرغم من كل هذا لا يبدو اي طرف من الأطراف التي تؤكد استعدادها لتحقيق السلام مستعد لتصديق ما تقوله الأطراف الأخرى وربما تلوح في الأفق مواجهة مع أوباما. لكن الصورة ليست كلها قاتمة. وفي الشهر الحالي افتتح طريق سريع اسفلتي جديد من أربع حارات ليحل محل الطريق القديم الذي كان مليئا بالحفر في اريحا حيث أزيلت نقطة تفتيش اسرائيلية. ووضعت لافتة كتب عليها "هذا المشروع هدية من الشعب الأمريكي للشعب الفلسطيني". وافتتح الطريق في ذكرى مرور عشرة آلاف عام على انشاء مدينة أريحا