غزة / سما / يؤكد المختصون في المجال الزراعي أن الورود التي يتبادلها عشاق أوروبا في أعياد رأس السنة، وفالنتاين، وثمار الفراولة التي يزداد الطلب عليها في المدن الأوروبية، وهي تزرع في قطاع غزة الساحلي تستهلك كميات ضخمة من المياه العذبة يصعب تعويضها في ظل العجز المائي.عدد من الصحافيين اطلعوا خلال جولة نظمتها وزارة الزراعة في غزة على جملة من الأرقام والتقارير في المجال الزراعي تبين مدى خطورتها حين تم ربطها بواقع الصراع السياسي مع إسرائيل، الذي تعتبر المياه من أهم ملفاته العالقة.فمثلاً حين يعرف أن إسرائيل التي سمحت مؤخراً بعد تدخل من دولة أوروبية بتصدير الزهور والفراولة من غزة لأوروبا، دون غيرها من المزروعات، رغم الحصار المحكم المفروض على السكان منذ ثلاثة أعوام، لا تزرع هي بالأصل هذين الصنفين اللذين يلاقيان رواجاً وإقبالاً في الأسواق العالمية، فإن هذا يثير علامات استفهام.في بداية الجولة التي شملت عددا من الأماكن الزراعية الخاضعة لإشراف وزارة الزراعة والتي كانت في السابق مكاناً للمستوطنات الإسرائيلية، تحدث المهندس الزراعي نزار الوحيدي، أحد مسؤولي الوزارة عن بعض الأرقام والإحصائيات، فكانت الدهشة واضحة حين قال أن زهرة القرنفل الواحدة تحتاج قبل أن تصدر لأوروبا إلى نحو 13 لترا من المياه العذبة، وأن كيلوغراما واحدا من محصول الفراولة يحتاج إلى كميات ضخمة من المياه العذبة أيضاً تكون أكثر من احتياجات الفرد الواحد الشهرية للمياه.والأخطر في الموضوع هو أن إسرائيل التي استغنت عن زراعة هذه الأصناف بسبب استهلاكها المائي، تعد هي الوسيط الرئيس الذي يجني العائد المالي الأكبر في صفقة البيع، فزهرة القرنفل التي تباع لعشاق أوروبا في مواسم الأعياد بدولارات كثيرة، لا يجني من ثمنها مزارع غزة سوى سبع سنتات، وعلى هذا المقياس يتم التعامل مع الفراولة.ومن خلال شرح واقع المياه في غزة يذكر المهندس الوحيدي أن مخزون المياه في غزة يعاني من عجز كبير، وأن الاستهلاك الزراعي للمياه أدى إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية ورفع نسبة الملوحة في الآبار العذبة، جراء استمرار زراعة بعض المحاصيل الزراعية.وتفيد الأرقام أن قطاع غزة يعاني من عجز مائي سنوي يصل إلى 70 مليون متر مكعب، وأن هطول الأمطار للموسم الجاري سجل 18 ألف لتر مكعب، من أصل 40 ألف لتر مكعب.وتبين خلال الجولة أن من بين المخاطر المحدقة بزراعة غزة وجود ’الكسارة’ التي تستخدم في إعادة تحطيم بقايا المنازل المدمرة من حرب إسرائيل الأخيرة، في أكثر مناطق غزة خصوبة وهي منطقة ’مواصي خانيونس’.حيث يرى المختصون أن المواد التي احتوتها أسلحة إسرائيل من يورانيوم، وفسفور أبيض ودايم، لتدمير هذه المباني خلال الحرب، ستساهم في إحداث خلل في التربة الزراعية، وهو أمر لا تنكره وزارة الزراعة، التي تقول إن إدارة هذه ’الكسارة’ تخضع لإشراف مؤسسة ’undp’ ويذكر مسؤول في وزارة الزراعة أن إسرائيل تعمدت تجريف 22 ألف دونم زراعي خلال حرب ’الرصاص المصبوب’ على غزة قبل 14 شهراً، مؤكداً أن كميات كبيرة من الأراضي المجروفة كانت مزروعة بنوع من أشجار الزيتون المعمرة كانت تبعد كثيراً عن أماكن التماس والعمليات، مرجعاً السبب إلى ما اسماه ’حرب التجويع’ ضد الغزيين. لكن وسط المأساة التي يعانيها القطاع الزراعي، تجلت عدة مشاريع مشجعة كان أبرزها استخدام المواد العضوية في الزراعة بدلاً من السماد الكيماوي، إلى جانب الاهتمام بزراعة الفواكه التي يستوردها القطاع من إسرائيل، والنخيل والزيتون والنباتات العطرية.فقد لوحظ أن هناك اهتماما بدا واضحاً من وزارة الزارعة في مجال زراعة المحاصيل والفواكه والخضروات بمواد عضوية، يتم إنتاجها محلياً في أحد مراكزها الزراعية، وتباع هذه الأسمدة بثمن رمزي للمزارعين الذين أصبح عدد منهم يبتعدون عن استخدام الكيماويات في تغذية المحاصيل.ويقول في هذا المجال المهندس الوحيدي إن الخطوط العريضة لسياسات الوزارة تقوم على أساس إتباع سياسة إحلال الواردات بدلاً من تعزيز الصادرات على حساب مورد المياه، ومنع استيراد منتجات يمكن إنتاجها محلياً، وهو أمر ظهر من زراعة مساحات واسعة من الأراضي بالفواكة والنخيل. القدس العربي