لا يتجاوز التراث ايضا عن مؤتمر القمة العربي الذي يتوقع ان يعقد في ليبيا نهاية الشهر. ما زال لم يحدد جدول عمل، وبدأ وزراء الخارجية العرب في هذه الايام فقط يصوغون مقترحات القرار التي يفترض أن تتخذ بعد ذلك بالتصريح النهائي، لكن الخلافات اصبحت مسموعة وبضجيج عظيم. سيكون "تهويد القدس" في مركز المباحثات، وستكمل التنديدات المتوقعة باسرائيل تلك التي تلقتها من واشنطن ومن الاتحاد الاوروبي. بيد انه قد أفرد هذه المرة للجامعة العربية دور مهم على وجه خاص. فهذه المنظمة التي لم تنجح في أن تحل ولو نزاعا واحدا في الشرق الاوسط، تلقت هذا الشهر حبة بطاطا ساخنة في صورة "الحق" في منح محمود عباس رخصة اجراء محادثات غير مباشرة مع اسرائيل. وبهذا تخلى عباس من حق القرار وحده الذي كان له في اجراء المحادثات مع اسرائيل لصالح منتدى عربي كان الى الان سخرية وهزأة في افواه الفلسطينيين ومواطنين عرب في الشرق الاوسط. كان هدف خطوة عباس هذه منحه السلم الضروري كي يستطيع النزول عن الشجرة التي تسلقها عندما اشترط مواصلة المحادثات بتجميد تام للبناء في المستوطنات. "هذا التنازل يمنح القادة العرب حق النقض للتفاوض، القادة الذين قد تجعل تقديراتهم الشخصية المفاوضة مع اسرائيل رهينة"، يقول عنصر مقرب من عباس في السلطة الفلسطينية. "نشأ بيننا خلاف أن استجيبوا لهذا الحل أم نقرر بأنفسنا أنستمر أم لا. كان الضغط الامريكي كبيرا وكان نقل "السلطة" للجامعة العربية حل مصالحة لم نوافق عليه جميعا. أشفق أن نحتاج منذ الان الى تحويل كل قرار يتصل باستمرار المسيرة الى الجامعة العربية. ما كان هذا ليحدث عند ياسر عرفات. فقد عمل طول حياته من أجل استقلال القرار الفلسطيني". سورية هي الراضية عن الازمة الجديدة بين اسرائيل والفلسطينيين، وهي التي عارضت قرار لجنة المتابعة في الجامعة على منح الفلسطينيين رخصة اجراء مفاوضة غير مباشرة. بين وزير الخارجية السوري، وليد المعلم موقف بلده بأنه ليس من شأن الدول العربية منح رخص كهذه وأن الحديث عن شأن فلسطيني خالص. يستطيع الاسد الان ان يقول لنظرائه "قد قلت لكم". لقد استخف نتنياهو لا بعباس فقط بل بأعضاء الجامعة العربية الذين سيضطرون الى أن يقرروا ايضا أيتركون على المائدة المبادرة العربية التي ستحتفل بمرور ثماني سنين على عدم تطبيقها. لكن في حين يطري وزراء خارجية الجامعة العربية "الموقف السوري الصحيح لانه كان واضحا منذ البدء ان اسرائيل غير معنية بمفاوضة جدية"، كما قال الامين العام للجامعة عمرو موسى، فان عباسا يحتاج الى سلم آخر. نشأ بينه وبين حاكم ليبيا معمر القذافي الذي سيستضيف القمة خلاف شخصي. عندما زار عباس ليبيا في شهر شباط، بدعوة صريحة من القذافي الذي اتصل برئيس السلطة عندما زار اليابان، لم يجهد القذافي نفسه قط في لقائه فضلا عن عدم استقباله في المطار. التقى عباس في الحقيقة مسؤولين ليبيين كبارا لكنه استشاط غضبا لمعاملة القذافي اياه. "سيقاطع القمة الى أن يتصل به القذافي ويعتذر شخصيا"، أبلغ عباس مقربيه. اقترح القذافي أن يرسل الى عباس ابنه سيف الدين لكن عباسا رفض الاقتراح. ليس واضحا بالضبط ما الذي خطر للقذافي، لكن التفسيرات من مصادر فلسطينية تقول انه اقترح دعوة خالد مشعل ايضا الى مؤتمر القمة وأن يجعل عباسا ومشعلا يوقعان بذلك اتفاق المصالحة الذي صاغته مصر. ورفض عباس. تمسك بموقفه من أنه لن توجد لقاءات بينه وبين قادة حماس قبل ان يوقعوا على اتفاق المصالحة. يريد عباس ايضا اجراء مراسم التوقيع اذا حدثت، على أرض مصر لا في أي مكان آخر. والى ذلك الحين ايضا لا كلام بينه وبين القذافي. في نهاية الاسبوع الماضي حاول رئيس تونس زين العابدين ابن علي ان يصالح بين عباس والقذافي لكن تبين أن لعباس أيضا حسابا مع تونس. فهي ترفض أن تسلم السلطة الفلسطينية أرشيف ياسر عرفات الموجود في العاصمة تونس. اذا قرر عباس عدم حضوره القمة في ليبيا فسيستطيع استغلال وقت فراغه لقضاء وقت مع رئيس لبنان ميشيل سليمان الذي لا يتوقع ان يحضر القمة ايضا. فلبنان لها خلاف قضائي قديم مع ليبيا على خلفية اختفاء الزعيم الشيعي المهم موسى الصدر الذي اختفى مع مرافقيه في ليبيا في سنة 1978. تطلب لبنان الى ليبيا أن تبين كيف اختفى الصدر أو أن تقدم براهين على أنه لم يختف في أرضها. تنكر ليبيا كل صلة باختفاء رجل الدين العظيم التأثير لكن لبنان عامة وحزب الله خاصة لا يقنعهما الانكار. بين سليمان أنه لن يشارك في القمة. لن يشارك رئيس مصر ايضا كما يبدو في القمة لكن لاسباب طبية. بقي فقط أن نرى أي مفاجأة سيعد القذافي لنفسه. فقد أصبحت آلاعيبه في القمة جزءا من البرامج الفنية لكل قمة عربية تقريبا. يستطيع القذافي ابن الـ 68 ان يسمح لنفسه بآلاعيب من هذا النوع. فهو يحمل الان لقب اطول مدة ولاية في العالم بعد فيدل كاسترو وكيم ايل سونغ في كوريا الشمالية. 41 سنة ولاية منذ سن الـ 27 تمنحه عدة حقوق مع كل ذلك.