قلقيلية / سما / وقفت الطفلة سما، ترفع يديها للسماء بالدعاء لوالدتها التي كانت تشاهدها بصمت، ولم يبدُ عليها التردد، رغم كثافة الحضور، وخاطبت والدتها عبر لوحة فلكلورية جميلة، رسمت الابتسامة على وجوه الحاضرين جميعا. امتزجت براءة سما وزميلاتها من طالبات الصف الثالث الأساسي بمدرسة بنات حبلة بمحافظة قلقيلية، بإصرارهن على خطف إعجاب أمهاتهن اللواتي يراقبنهن، فيرفعن أيديهن إلى السماء تارة، ويخفضنها على قلوبهن تارة أخرى، ليطلبن دوما لوالداتهن وذويهن طول البقاء. طالبات مدرسة بنات حبلة، البلدة الوادعة الواقعة في الخاصرة الجنوبية لمدينة قلقيلية، رسمن اليوم، البسمة على وجه بلدتهن التي أنهكها جدار الضم العنصري، خلال احتفال بيوم المرأة العالمي، نظمته المدرسة، بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. وفي الوقت الذي أنهت فيه سما وزميلاتها فقرة الدعاء، خرجت الطالبة جولان، تقود زميلاتها لأداء فقرة دبكة شعبية، على أنغام أغنية ’علّي الكوفية’، وهن يلوحِن بكوفيات فلسطينية، ويرتدين شعار ’الهلال الأحمر’، لتلتقي الإنسانية مع التراث، وتشعل حماس الحضور. فقرات ترفيهية وتربوية أخرى، تخللها الحفل الذي حضره نحو 200 امرأة وطفل وطفلة، إضافة إلى مسؤولي مؤسسات المجتمع المحلي، عملت خلالها الطالبات على تقديم ما يسر أمهاتهن ومعلماتهن، وما ينال إعجابهن، تعبيرا عن حبهن لهن في يومهن. ووزعت طالبات المدرسة الورود، التي قدمتها جمعية الهلال الأحمر على أمهاتهن ومعلماتهن، وكُرّمت المعلمات والأمهات المميزات، خلال الحفل الذي أقيم بالتعاون مع المجتمع المحلي، وبدعم ومشاركة من فريق مشروع الدعم النفسي الاجتماعي، الذي تنفذه جمعية الهلال الأحمر، بالتعاون مع وزارة التربية. وعلى مدار ثلاث سنوات، عمل سامر وإيمان ومارغريت الراعي، وزملاؤهم من الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين في مركز الصحة النفسية التابع للجمعية في قلقيلية، مع طالبات ومعلمات وأولياء أمور، مدرسة بنات حبله الثانوية. وخلال السنوات الثلاث، عمل الاختصاصيون مع طالبات ومعلمات وأولياء أمور الطلبة في الصفين الخامس والسادس في المدرسة، عبر ورش عمل وأنشطة ودورات مختلفة، لتعزيز الثقة، والتسامح، واللعب الأمن. ويقول جلال عودة، منسق فريق الصحة النفسية التابع للجمعية في قلقيلية ’إنه بالإضافة إلى ورش العمل والأنشطة المختلفة للمعلمين وللطلبة وذويهم، إلا أنه تم خلال البرنامج وعلى مدار السنوات الثلاث، تشكيل لجان مجتمعية لدعم الطلبة والمعلمات والمدرسة، وجرى دعم المدرسة ماديا لتحسين ظروف الحياة المدرسية فيها’. وأضاف أن البرنامج يركز على دعم المدارس، وتعزيز الجانب النفسي الاجتماعي للطلبة فيها، وبخاصة في المناطق التي تضررت بفعل جدار الفصل العنصري، وينفذ حاليا في 53 مدرسة في قلقيلية و 5 مدراس أخرى في طولكرم. ولم يترك جلال ورفاقه المدارس التي ينتهي البرنامج فيها، بل يتابعون أعمال الإشراف على تنفيذ البرامج النفسية المجتمعية، ومتابعة ما أنجزوه من عمل، وتعزيز تواصل المدرسة مع المجتمع المحلي، عبر اللجان التي تم تشكيلها. وهو ما أكدته مديرة المدرسة ميسون جلعود، التي أشارت إلى أن نشاط اليوم، الذي نفذ بدعم المجتمع المحلي في حبلة، ما هو إلا نتيجة الاستفادة من التجربة التي خاضتها المعلمات والطالبات وأولياء الأمور مع الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين التابعين لجمعية الهلال الأحمر. وقالت: ’استفدنا من الناحية المعنوية والمادية، من خلال الأنشطة الترفيهية، والفنية، والتربوية، إضافة إلى تحسين الظروف المدرسية للطلبة في المدرسة، من خلال إضافة الألعاب الترفيهية، والرياضية، وتطوير المرافق الصحية للطالبات’. وأضافت: ’خلال السنوات التي عملوا فيها معنا، استطعنا بناء علاقة جيدة وقوية مع مؤسسات المجتمع المحلي في البلدة، إضافة إلى تشكيل لجان لتعزيز ودعم لهذه العلاقة، التي أثرت على كل النواحي المعنوية والنفسية للطالبات والمعلمات وحتى الأمهات في المدرسة’. وأكدت جلعود أن العلاقة بين الطالبات والمعلمات اختلفت كليا، وعزز الاختصاصيون علاقة المعلمة والطالبة، من خلال الدورات التي خضعن لها، وأصبحت العلاقة مبنية على الاحترام المتبادل، والمحبة التي تظهر في كل الأنشطة. وتقول الطالبة جولان (9 سنوات): ’أنا بحب الهلال الأحمر، لأنه خلاني أحب معلماتي أكثر، وعمولنا أنشطة كثير، وجابولنا ألعاب، وأعطونا جوائز، واليوم أعطونا فرصة عشان نحكي لعملماتنا وأمهاتنا إنا بنحبهم’. وأضافت جولان، خلال توزيعها الزهور على الأمهات والمعلمات الحاضرات، أن الاختصاصيين، جعلوا حياتها بالمدرسة أجمل، من خلال الأنشطة الترفيهية، والأيام المفتوحة، إضافة إلا أنهم أعطوها وزميلاتها الفرصة للتعبير عن مطالبهن من خلال الرسم. يذكر أن مشروع الدعم النفسي الاجتماعي المبني على المدارس الأساسية، تنفذه دائرة الصحة النفسية بجمعية الهلال الأحمر، بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم، في مناطق طوباس وقلقيلية وجبع والخليل وطولكرم وشرقي القدس منذ العام 2003 ويستهدف الأطفال في الصفين الخامس والسادس، ومعلميهم، وذويهم، والمجتمع المحلي المحيط بهم.