غزة / ابتسام مهدي / سما / مما لا شك فيه ان موضوع الإعلام والمرأة في العالم العربي عموما وفي قطاع غزة خصوصا يعتبر من المواضيع التي تثير الجدل علي كل المستويات سواء علي المستوي المهني أو الاجتماعي أو السياسي ,وخصوصا موقع المرأة داخل المؤسسات الإعلامية وقدرتها علي إبراز مواهبها ونشطاتها وموقفها بعيدا عن أنوثتها وكونها امرأة والتي بالطبع لا يمكن فصلهما عن بعض . ولا يخفي علي احد منا أن المرأة محاربة في مجتمعنا ودائما مراقبة في أي عمل يمكن أن تعمل به حتى لو كمدرسة ,فكيف بها أذا عملت أو درست وتخصصت في مجال الصحافة والأعلام وخاصة أن لدي المجتمع فكرة معينة اتجاه الصحافة وعمل المرأة به حيث تعتبر المرأة العاملة في الصحافة بأنها خارجة عن العادات والتقاليد والأعراف . إلا أن المرأة في قطاع غزة استطاعت أن تقتحم بكل شجاعة وقوة عالم الصحافة وتثبت بأنها عنصر تغيير في المجتمع وأنها تؤمن بالرسالة الإعلامية حيث تسجل العديد من الشخصيات الإعلامية المتميزة من فئة النساء . والواقع يقول ان العديد من الأهالي ولأسباب خاصة يمنعون بناتهم من أن يتخصصوا أو يعملوا في قسم الصحافة بمختلف فروعها ,وتختلف هذه الأسباب وتتشعب الا أنها جميعا تجتمع في حرمان الفتاه من دراسة الصحافة حتى لو كانت تحلم بالالتحاق بهذا التخصص منذ صغرها . في تقريرنا هذا نسلط الضوء علي الأسباب التي تجعل الأهالي يمنعون بناتهم من دراسة تخصص الصحافة والإعلام. تقول "رائدة" طالبة تدرس تخصص اللغة العربية في السنة الثانية ا "كنت أتمني منذ صغري أن ادرس الصحافة والأعلام فانا أحب مهنة الصحافة من خلال مشاهدتي للتلفاز ومتابعتي للصحف والمجلات ,لكن عندما تخرجت من الثانوية وقررت أن أسجل في قسم الصحافة وقف ضدي والدي وأخوتي ورفضوا أن ادرس الصحافة ,فهم يعتبرونها عمل لا يليق بالفتاة ،ويعتبرون الصحفية حتى تنجح عليها أن تتنازل عن الكثير من القيم أو العادات والتقاليد المتعارف عليها وأنها قد تتعرض لمضايقات جنسية كثيرة واستغلال من قبل المدراء وأرباب العمل " وتضيف "حاولت كثيرا أن أغير مفهوم الصحفية عندهم بدون فائدة" . وتضيف ا" أعلنها والدي بصراحة .."أذا بدك تدرسي الصحافة خليكي بالبيت" فقررت أن ادرس اللغة العربية لتقوية لغتي وأحاول أن أتابع الصحف وان اكتب المقالات وأرسلها لهم علي أمل أن يكون لي نصيب وأنفذ ما تمنيته حتى لو من بعيد " . صحفيون ساعدوني وتقول مروة طالبة في السنة الثالثة صحافة ولغة عربية "والدي كان رافضا أن ادرس الصحافة إلا ان وجود ثلاثة من أقاربي يعملون في مجال الصحافة ساعد في اقناعه بأن يسمح لي أن ادرس تخصص الصحافة. وتضيف" قابلو والدي وأقنعوه بان مهنة الصحافة للبنت لا تنقص من أنوثة البنت ولا تخدش حيائها.. كان والدي يعتقد بان مهنة الصحافة تنقص من قيمة الفتاه وان علي الفتاه الصحفية أن تكون مثل الشباب .. تحمل الكاميرا وتجري بها بالشوارع هكذا كان اعتقاد والدي ولكن أقاربي تحدثوا معه وفي النهاية وافق لي أن ادرس في الصحافة وحاليا أنا اعمل كذلك في نفس تخصصي فأقاربي دبروا لي عمل مؤقت إلي حين تخرجي كنوع من التدريب ووضعي جدا ممتاز ". الآراء تجتمع تقول سالي والتي تعمل مدرسة في احد مدارس وكاله الغوث " كنت أحب جدا الصحافة ودائما اطلع علي الأخبار وكنت امسك الورقة والقلم واكتب الأخبار حتى أتعلم كيفية كتابة التقارير وكنت خلال فترة دراستي في الثانوية اكتب أخبار المدرسة وانزلها في لوحة خاص بي في المدرسة بمساعدة مدرسة اللغة العربية فقد كانت تشجعني, كما كنت اكتب تقارير عن المشاكل التي تواجه الطالبات في المدرسة, وكان كل من حولي يتنبأ باني سأكون صحفية متميزة". وأضافت "لكن صدمت بعد تخرجي من الثانوية رفض والدي و أقربائي أن ادرس الصحافة فالجميع كان يقول نفس الكلمة ..الصحافة لا تنفع للبنات ولن تجدي في المستقبل أي شخص يرضي فيك زوجة ولن تجدي عمل بسهولة وستجلسين بالبيت بعد تخرجك "..وتابعت "سجل لي والدي تخصص معلم صف في الجامعة وأجبرت علي أن ادرس هذا التخصص والأن أصبحت معلمة وتزوجت خلال فترت دراستي وبعدت عن الصحافة لكن أتمني في المستقبل أن يدرس أولادي الصحافة حتى أعوض ما فقدته ". أبو محمد يحمل نفس أفكار أبو سالي من ناحية دراسة الفتاه للصحافة "أنا ارفض أن تدرس احد بناتي تخصص الصحافة فالصحافة لا تليق بالفتيات فهي مهنة صعبة وتحتاج إلي رجال ,فيمكن أن يحدث حدث ما مثل الاجتياح "موضحا " في منتصف الليل سيكون صعب علي الفتاه أن تخرج لتغطي هذه الأحداث وان تصور وبنفس الوقت أن تحمي نفسها من أي خطر ..الشاب يمكن أن يدخل إلي أي بيت ولا يكون خائف من أي شي لكن الفتاه سيكون صعب عليها أن تهرب إلي أي بيت , وكذلك فرصة الزواج لخريجة الصحافة قليلة بالنسبة إلي باقي التخصصات ,فاغلب الشباب يريدون زوجة لا تتحرك كثيرا وان تستقر بعمل ولا تسهر بالعمل لذلك أنا لا أشجع الفتيات علي دراسة قسم الصحافة وارفض أن تدرس احد بناتي الصحافة". الشاب يعمل والفتاه تحرم يقول ابو وليد "اعترض على ان تعمل البنت في الصحافة لأنها تواجه الكثير من الصعوبات خلال العمل " موضحا "أنا اعترضت في البداية علي عمل ابني وحتى الان أتمني أن يغير من عملة.. فيكف يمكن أن ارضي لأحد بناتي أن تعمل في هذا المجال؟. ويضيف "العمل كصحفي حتى للشباب فيه تعريض حياته للخطر ويجب أن يكون كثير التحرك والتنقل وهذا صعب علي الفتاه ..كذلك الصحافة يجب أن تحمل الموضوعية والفتاه تميل إلي العاطفية أكثر ,بالإضافة الى أنها ليس لها وقت محدد للعمل وهذا يشكل صعوبة لديها" وزاد " يمكن للفتاه أن تدرس شيء بعيد عن الصحافة ولكن في مجال الإعلام مثلا أن تدرس الإذاعة وان تصبح مذيعة ". ولاء " 45 عاما "مدرسة أصول دين تحدثنا عن تجربتها "عندما انتهيت من دراسة الثانوية العامة تمنيت أن أتخصص صحافة وإعلام وبما أن أمي وأبي متدينان ..رفض والدي الفكرة ,حتى مجرد مناقشتها وفي تلك الفترة لم يكن يوجد ما يسمى الإعلام الإسلامي أو القنوات الإسلامية التي يمكن العمل بها ,كما أن لباس الصحفيات الفلسطينيات في تلك الفترة لم يكن مشجعا علي الدخول بمهنة الصحافة ,وكانت المؤسسات الإعلامية في القطاع ترفض توظيف المحجبة وتوظف من تلبس البنطال والزى الغير شرعي "علي حسب أقوالها . وتضيف "تحدث كل من حولي عن المعيقات التي سامر بها وعن مساوئ الصحافة بالنسبة لي كامرأة واقتنعت بان أفضل مهنة للنساء وبعد كذلك تجربة طويلة هي التدريس مع احترامي طبعا لكل المهن الأخرى". ,وتستدرك ولاء "لكن الوضع تغير اليوم مع انه يوجد العديد من المساوئ لكنها اقل ممن كانت عليه قبل ذلك ..ولا اخفي بان لدي ابنة تعمل في احد الفضائيات الإسلامية وأنا افتخر بها , فهي تتعامل فقط مع النساء ومع عدد قليل من الرجال وتلبس الزى الشرعي ".ورغم كل هذه الإعاقات التي تحرم الفتيات من دراسة تخصص الإعلام والصحافة إلي انه يوجد العديد من الأهالي الذين يقفون بجانب بناتهم ويشجعونهم للوصول إلي ما يتمنوه من دافع المساواة بين الرجل والمرأة ,وحقها في دراسة ما حلمت به وتمنته.