القدس المحتلة / سما / أفادت صحيفة هآرتس الاسرائيلية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء بأن المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، أبلغ الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأن التفاهمات بين إسرائيل والفلسطينيين من فترة ولاية رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، ايهود أولمرت، ليست ملزمة للجانبين في المفاوضات غير المباشرة التي ستبدأ قريبا. وأضافت الصحيفة أن نائب ميتشل، ديفيد هيل، أوضح أن المفاوضات التي بدأت بين الجانبين بعد مؤتمر أنابوليس في تشرين الثاني من العام 2007 والتفاهمات بين وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني ورئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني أحمد قريع (أبو علاء) والتفاهمات بين أولمرت وعباس، بما في ذلك اقتراح أولمرت لاتفاق مبادئ، لا تلزم الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية وإسرائيل. وأضاف هيل أن المفاوضات غير المباشرة ستجري استنادا إلى اتفاقيات سابقة وقعت عليها إسرائيل والسلطة الفلسطينية إضافة إلى خطة خريطة الطريق التي طرحها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش والتزم بها الجانبان. ويذكر أن "اتفاق المبادئ" الذي طرحه أولمرت على عباس قضى بانسحاب إسرائيل من حوالي 94% من الضفة الغربية إلى جانب تبادل أرض بمساحة توازي 6% من مساحة الضفة واستيعاب إسرائيل لعدد محدود ورمزي من اللاجئين الفلسطينيين وخضوع البلدة القديمة في القدس و"الحوض المقدس" المحيط بها لإدارة دولية. وقالت هآرتس إن عباس لم يرد أبدا على اقتراح أولمرت لكن الجانب الفلسطيني طلب استئناف المفاوضات من النقطة التي توقفت عندها. وأضافت الصحيفة أن المفاوضات غير المباشرة ستستند أيضا إلى تصريحين أطلقتهما الإدارة الأميركية، وهما خطاب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي قال فيه إن الهدف هو "دولة إسرائيل يهودية مع أمن حقيقي للإسرائيليين، إلى جانب دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وتنهي الاحتلال الذي بدأ في العام 1967". والتصريح الثاني هو إعلان وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، بأن حدود إسرائيل ستشمل "التطورات الأخيرة" في إشارة إلى ضم الكتل الاستيطانية في الضفة إلى إسرائيل. وأبلغ هيل ممثلي الرباعية الدولية بأنه بالنسبة للولايات المتحدة فإن قضايا الحل الدائم ستبحث من خلال المفاوضات وأن الولايات المتحدة تتطلع إلى بدء المفاوضات خلال وقت قصير وبمستوى مندوبين منخفض. وأضاف أن الولايات المتحدة ليست مهتمة بتحديد المفاوضات بفترة زمنية ولذلك فإن مهلة الأربعة شهور التي حددتها جامعة الدول العربية للمفاوضات غير المباشرة "ليست مقدسة" بالنسبة للولايات المتحدة. ووفقا لهآرتس فإن ميتشل مهتم بتحسين الأجواء بين الجانبين بواسطة "مبادرات نية حسنة" تقدمها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية وأن نتنياهو وافق على عدد من هذه "المبادرات" وتشمل إطلاق سراح أسرى وإزالة حواجز عسكرية إسرائيلية في الضفة وتقليص عمليات الجيش الإسرائيلي في المدن الفلسطينية وتسليم السلطة الفلسطينية منطقتي B الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية والسيطرة الإدارية الفلسطينية و C الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الأمنية والإدارية، بموجب اتفاقيات أوسلو وتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة. وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن الإدارة الأميركية أعلنت أمس عن إسرائيل والسلطة الفلسطينية وافقتا على استئناف العملية السياسية بواسطة مفاوضات غير مباشرة بوساطة ميتشل إلا أنه لا تزال هناك خلافات بين الأطراف حول آليتها. فقد طالب الفلسطينيون ببحث قضايا الحل الدائم خلال المفاوضات غير المباشرة فيما رفض نتنياهو ذلك وطالب ببحثها في إطار مفاوضات مباشرة فقط. كذلك عبر الفلسطينيون عن احتجاج شديد على اثر الكشف أمس عن أن وزير الدفاع الإسرائيلي صدق على أعمال بناء جديدة في مستوطنة "بيتار عيليت": تشمل بناء 112 وحدة سكنية على الرغم من تعهد نتنياهو في نهاية العام الماضي بتعليق أعمال بناء جديدة في مستوطنات الضفة لمدة عشرة شهور. وفي غضون ذلك وصل نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن إلى المنطقة أمس في زيارة إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية سيبحث خلالها مسألة استئناف العملية السياسية لكنه سيركز اهتمامه على الموضوع النووي الإيراني خلال المحادثات مع القيادة الإسرائيلية. وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أمس الاثنين، إن المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين هي المحاولة الأخيرة بالنسبة للفلسطينيين بشأن حل الدولتين، فيما قال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إن الجانب الأهم في العملية السياسية هو الجانب الأمني. وقال عريقات في مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي إنه "إذا فشلت هذه المحاولة أيضا فإنه لن يكون هناك مفر ونحن سنضطر إلى تبني فكرة الدولة الواحدة المتساوية لكلا الشعبين من نهر الأردن إلى البحر" المتوسط. وأضاف "نحن مستعدون لتبادل أراض شريطة أن تكون الأراضي التي سنحصل عليها مساوية للأراضي في الضفة الغربية التي ستضمها إسرائيل إليها". من جانبه قال الوزير الإسرائيلي بيني بيغن للإذاعة نفسها، إنه "وفقا لمفهومي فإنه لن تكون هناك سيادة غير إسرائيلية في المنطقة الواقعة غربي نهر الأردن ولن تقوم دولة فلسطينية"، علما أن نتنياهو أعلن في خطاب ألقاه في جامعة بار إيلان في شهر حزيران من العام الماضي عن موافقته على حل الدولتين. وأضاف بيغن أنه "في هذه القضية أنا لا أختلف مع توجه رئيس الحكومة نتنياهو، لكني سأستمر في النضال على آرائي داخل الحكومة ولا نية لدي بالتنازل عنها". وتابع بيغن أنه "منذ عشر سنوات يتداولون فكرة الدولتين وتقسيم البلاد، لكن هذه الفكرة غير واقعية. لأن دولة عربية فلسطينية قابلة للحياة وتنشد السلام مع إسرائيل هي أمر ونقيضه. وهي تناقض مطلق". وقال نتنياهو خلال لقائه مع بطل الشطرنج العالمي، بوريس غلفاند، "إنني قادم الآن من لقاء مع السيناتور ميتشل (المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل). ونحن نحاول التقدم" في إطلاق المفاوضات غير المباشرة. وأضاف "أنا مؤمن بأن سننجح بالتقدم في العملية السياسية". وتابع "لكن العملية السياسية ليست لعبة وإنما هي الأمر الحقيقي. وهذا مزروع قبل أي شيء بالأمن، وأمننا ليس قصاصة ورق، وإنما أمننا هو أن نمنع الصواريخ والقذائف والإرهاب بوسائل حقيقية وميدانية وبتسويات حقيقية فاعلة. وهذه أمور أعتزم الإصرار عليها بشدة" في المفاوضات. من جانبه قال وزير الحرب الإسرائيلي، ايهود باراك، خلال اجتماع لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، أمس، إنه "في مجال الفرص، فإننا ننظر إلى العملية السياسية مع الفلسطينيين وإمكانية التقدم باتجاه تسوية سياسية إلى جانب التهديدات من جانب حماس وحزب الله وإيران". وتطرق باراك إلى المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين وقال "أنا شريك بالرأي القائل إنه يفضل محادثات مباشرة، لكن الواقع الناشئ يجعل المحادثات غير المباشرة إنجازا أيضا. وأقدر أن المفاوضات لن تكون سهلة وهذا ليس بسببنا فقط. والصعوبات التي أتوقع أن تنشأ هي ثمرة ما يحدث حولنا في العالم العربي، فهناك يوجد اختلافات في التوجهات حيال كل ما يتعلق بالمفاوضات مع إسرائيل". وقال باراك "الحقيقة هي أنه في نهاية المطاف ثمة حاجة عميقة وحقيقية للمفاوضات مع الفلسطينيين نابعة من المصلحة الإسرائيلية لضمان مستقبل إسرائيل وهويتها. ولدينا مصلحة عليا برسم خط حدودي تكون بداخله أغلبية يهودية صلبة لأجيال طويلة، وإلى جانبها دولة فلسطينية قابلة للحياة من الناحية الاقتصادية والسياسية". وأضاف أن "التسوية استنادا إلى هذا الخط يجب أن تكون من خلال الحرص على المصالح الأمنية" وطالب المعارضة الإسرائيلية بتمكين تطبيق تصوره. وتابع باراك أن "التسوية من الناحية المبدئية هي دولتان للشعبين سوية مع خارطة الطريق" وادعى "نحن ملتزمون بالاتفاقيات السابقة التي صادقت عليها حكومات إسرائيل والاهتمام بالنقاط الأمنية". ومضى باراك قائلا إن "الغاية هي التوصل إلى اتفاق يقضي بقيام دولتين تعيشان جنبا إلى جنب باحترام متبادل، وإبرام اتفاق الاعتراف بإسرائيل بأنها الدولة القومية للشعب اليهودي وكذلك الاعتراف بالدولة الفلسطينية". ورأى أن "هذه هي حاجتنا من أجل إنهاء الصراع وهذه مقولة سياسية لكنها مقبولة على غالبية المؤسسة السياسية في إسرائيل".