كشفت مصادر دبلوماسية أن القوة الدولية التي ستتمركز في قطاع غزة، ستتألف من دول عربية وإسلامية فقط، دون جنود غربيين.
واكد دبلوماسي غربي رفيع المستوى مشارك في مفاوضات إنشاء قوة الأمن الداخلي أن هذه الجهود تُدار حاليًا من قِبل الأمريكيين، وهي "معقدة من الناحيتين السياسية والفنية.
وبحسب الخطة، سيكون مقر قيادة القوة في مركز التنسيق الأمريكي بكريات غات، حيث ستشارك الدول المساهمة بقواتها عبر ممثلين عسكريين. وسيتولى المقر تنسيق دخول المساعدات وإعادة الإعمار، مع التركيز على هدف رئيسي هو نزع سلاح قطاع غزة.
وقال الدبلوماسي: "يمكنكم تخيل ضباط إندونيسيين يتجولون في كريات غات".
يدور النقاش الرئيسي حول التفويض والدعم الدولي: فمعظم الدول تشترط قرارًا من مجلس الأمن قبل إرسال القوات، وهناك جدل حول ما إذا كان القرار سيستند إلى الفصل السادس أم السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وأوضح الدبلوماسي الغربي: "سيكون الفصل السابع مثاليًا إذا تمكنوا من التوصل إلى اتفاق بشأنه، لكن إسرائيل قلقة بشأن تطبيق الفصل السابع"، مضيفًا أن القرار يمكن أن يكون "قرارًا بسيطًا ومختصرًا وموجزًا" يسمح بالانتشار السريع، أو قرارًا مفصلًا يوضح المهام والمسؤوليات.
وحسب قوله، "بدون قرار من مجلس الأمن، لن ترسل دول كثيرة قوات. يجب أن يكون هناك قرار يطبق عدة مواد من ميثاق الأمم المتحدة".
ويُعزى النزاع الدولي إلى مخاوف جيوسياسية، أبرزها سلوك روسيا المتوقع وانتقادات الصين المحتملة، التي قد تُحاول تأخير القرار أو نسفه.
وتسعى الخطة لجعل القوة الإقليمية أكثر قبولًا لدى الفلسطينيين باعتبارها أقل شبهًا بقوة احتلال، مع إبقاء الدور الغربي محدودًا في الدعم اللوجستي والاستخباراتي والقيادي، دون وجود جنود غربيين داخل غزة بشكل يومي.
وتُشكّل مسائل التفويض وقواعد الاشتباك محورَ النقاشات، وسيتمّ مناقشتها بالتنسيق مع القيادة العامة، والحكومة الإسرائيلية، وإذا لزم الأمر، حماس، التي وافقت، وفقًا للدبلوماسي، على النقاط الرئيسية للخطة كجزء من خطة ترامب.
ويتمثّل التحدي في تحقيق التوازن بين حقّ القوة في الدفاع عن نفسها وعن المدنيين، وبين آليات الرقابة والتفويض التي من شأنها منع الكوارث التي وقعت في الماضي، على سبيل المثال في البوسنة خلال حرب يوغوسلافيا.
ولن تكون هذه قوةً نموذجيةً تابعةً للأمم المتحدة، بل قوةً إقليميةً لحفظ السلام بتفويضٍ من الأمم المتحدة. ستكون مسلحةً، ولن يرتدي أفرادها خوذاتٍ زرقاء، كما أوضح الدبلوماسي.
وأضاف: "يجب أن يحصلوا على تفويضٍ قويٍّ لاستخدام قوتهم ضد أي عنصرٍ مسلحٍ يُهددهم، سواءً كانوا مدنيين فلسطينيين أو إسرائيل".
من جهتها كشفت مصادر مطلعة لموقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي، أن واشنطن تعمل على وضع اللمسات الأخيرة لخطة تهدف إلى إنشاء قوة أمنية دولية لنشرها في قطاع غزة، وسط مشاورات مكثفة تجريها مع عدد من الدول.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين للموقع إن القيادة المركزية الأميركية تتولى صياغة الخطة، التي تتضمن تشكيل قوة شرطة فلسطينية جديدة، ستخضع للتدريب والتدقيق من قبل الولايات المتحدة ومصر والأردن، إلى جانب مساهمات عسكرية من دول أخرى.
ووفقا للمصادر، فإن إندونيسيا وأذربيجان ومصر وتركيا أبدت استعدادها للمشاركة في القوة المزمع تشكيلها.
ونقل الموقع عن أحد المشاركين في التخطيط قوله: "إذا لم يكن هناك نظام أمني وحكم موثوق في غزة يحظى بموافقة إسرائيل، سنجد أنفسنا في وضع تتعرض فيه الأخيرة لهجمات متكررة".
وأضاف مسؤول أميركي رفيع أن واشنطن تسعى لتجنب عودة التصعيد العسكري، موضحا أن القوات الإسرائيلية ستبقى جزءا من المعادلة الأمنية، لكن "لا ينبغي التسرع في إشراكها".
وقال: "من الأفضل أن نتحرك بحذر ونفعل الأشياء على نحو صحيح، لأننا لن نحظى بفرصة ثانية".
وأشار مسؤول آخر إلى أن إسرائيل تشعر بالتوتر وفقدان السيطرة، مضيفا: "قلنا للإسرائيليين: دعونا نهيئ الظروف المناسبة أولا، ثم نرى ما إذا كانت حماس جادة في التزاماتها".
وأكدت المصادر أن تركيا أعربت عن استعدادها للمشاركة، رغم معارضة إسرائيل لأي وجود عسكري تركي في غزة.
ومع ذلك، ترى واشنطن أن إشراك تركيا، إلى جانب مصر وقطر، ضروري لأنها الأطراف الأقدر على التواصل مع حماس و"دفعها للتصرف بمسؤولية"، بحسب أحد المسؤولين الأميركيين.
ويرى مستشارون مقربون من الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه من المهم "عدم إعطاء حماس ذريعة لرفض الخطة"، رغم اعترافهم بإمكانية ألا تقبلها الحركة، وفق ما نقل "أكسيوس".
وفي حال رفضت حماس، قد تبدأ العملية بانتشار قوات إسرائيلية في جنوب غزة، وهي المنطقة التي لا تخضع لسيطرة الحركة، بهدف إنشاء منطقة آمنة تمهد لمرحلة إعادة الإعمار.
أكدت المصادر أن واشنطن حققت تقدما ملحوظا في إعداد مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي يدعم إنشاء القوة الأمنية، على أن يستخدم القرار كـ"تفويض قانوني" يسمح للدول بالمساهمة بقوات.
ومع ذلك، أوضحت المصادر أن القرار لن يحول القوة إلى بعثة تابعة للأمم المتحدة، بل ستظل تحت إشراف الولايات المتحدة، التي ستتولى مراقبة عملياتها والتأثير على قراراتها.
ومن المنتظر أن تتخذ القرارات الحاسمة بشأن تشكيل القوة خلال الأيام المقبلة، على أن تعرض على إسرائيل والدول المشاركة المحتملة خلال الأسابيع القادمة.


