غزة / أدى الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ ما يقارب 4 أعوام، الى ظهور فئة جديدة بين الفلسطينيين تسمى "المغربلون"، وهم مواطنون يعدون من أفقر الفقراء يعملون في غربلة الرمال وبقايا المنازل والطرقات المدمرة، للحصول على مادة "الحصمة" أو "البسكورس" التي تستخدم في البناء، ورصف الطرق والتي فقدت في قطاع غزة جراء منع إسرائيل دخول مواد البناء منذ فرض الحصار. ويشاهد مئات الفلسطينيين في أماكن العمليات العسكرية الاسرائيلية الكبرى، تحديدا شمال قطاع غزة وفي مناطق المحررات (المستوطنات سابقا)، حيث دمر الاحتلال معظم المباني قبل خروجه منها، يعملون ليل نهار في غربلة الرمال للحصول على "الحصمة" وبيعها بأسعار زهيدة. يقول حامد سعد، أحد العاملين في هذه المهنة، إنه انضم إلى العمال الذين يغربلون الرمال للحصول على الحصمة، خاصة أن الفلسطينيين بحاجة ماسة لها في ظل فقدانها بعد الحصار الإسرائيلي، وعدم وجود فرص عمل في قطاع غزة، مشيرا إلى أن هذا العمل يدر عليه ما يقارب 30 شيكل يوميا (8 دولارات). ويضيف للعربية.نت "انه عمل شاق ومضني وكأننا في سجن ومحكومون بالأشغال الشاقة المؤبدة، ولكنني أحاول أن احصل على القليل لإطعام أبنائي بدلا من أن أبقى عاطلا عن العمل". أحد العاملين بهذه المهنة الشاقة، هو طفل يبلغ من العمر 14 عاما أكد لــ"العربية.نت" أن والده طلب منه العمل لأن المساعدات الإنسانية و"الكوبونات" التي يحصلون عليها، لا تكفيهم ولا تسد رمق إخوانه الصغار. ويقول "نحن مضطرون للعمل بهذه المهنة، نريد أن نعيش. لا أحد يسأل عنا، ولا دخل لدينا يؤمن لنا العيش بكرامة". ظاهرة ما بعد الحرب ويشرح الناطق الإعلامي باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" عدنان ابو حسنة أن هذه الظاهرة انتشرت بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة حيث يقوم هؤلاء الفقراء بمحاولة الحصول على مادتي "الحصمة" و"البيسكورس" من ركام المباني والبيوت التي دمرت اثناء العمليات العسكرية الإسرائيلية. ويشير إلى أن هؤلاء العمال يشاهدون تقريبا في كل مكان من القطاع، لافتا إلى أن التدهور الحاد في مستويات المعيشة والبطالة الكبيرة دفعت بفئات مجتمعية للبحث عن سبل متعددة للحصول على لقمة عيشهم رغم أن المشاهد مأساوية لهؤلاء الذين ينفذون أعمالا صعبة. وأوضح أن المنظمة رفعت، خلال الفترة الأخيرة، عدد الوظائف للعاطلين عن العمل من 7000 إلى 14 ألف وظيفة، إضافة إلى تقديمها مساعدات إغاثية لأكثر من 8000 لاجئ فلسطيني من مجموع مليون في قطاع غزة. لكنه أكد أن "التدهور الدراماتيكي في حياة الناس في قطاع غزة وانهيار معظم قطاعات الانتاج يفوق قدرات الأونروا أو أي سلطة موجودة على مواجهة الكارثة الإنسانية المتصاعدة في القطاع". بدوره، ينقل مدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان خليل أبو شمالة رؤيته، شخصياً، أطفال وشباب وشيوخ ونساء يمارسون هذه المهنة، مشيراً إلى أنه أوصل رسالة إلى الحكومة المقالة في غزة عبر أحد الوزراء وبعض السياسيين، مضيفا "ولكنني اكتشف للأسف أنهم لا يعلمون شيئا عن هؤلاء". واضاف "يعتبر البعض هذه المهنة إبداعا في مواجهة الحصار، ولكن هذا ليس ابداع وإنما هو عمل أسود بسبب الحاجة والفقر، وسيؤدي الى نتائج خطيرة على صحة هؤلاء العمال، وبالذات الأطفال منهم". وطالب حكومة غزة بان تكون أكثر جرأة وتقف أمام مسؤولياتها، معتبراً انه "يجب على كل القادة السياسيين أن يكونوا أكثر جرأة في مواجهة الحقيقة، ولا يسمحوا للأطفال والنساء بالوقوف لساعات طويلة في هذه الأعمال السوداء التي نتائجها ستكون وخيمة عليهم". ورأى أن القادة السياسيين "نجحوا سواء كان بوعي أو بدون وعي بتحويل القضية الفلسطينيية من سياسية إلى إنسانية". جدير بالذكر أن خمسة مواطنين فلسطينيين من أولئك الذين يعملون في هذه المهنة، أصيبوا ظهر (أمس) الأحد 21-2-2010، بجراح متفاوتة في قصف مدفعي إسرائيلي استهدف منطقة مفتوحة في منطقة بيت لاهيا شمال قطاع غزة. عن العربية