نحو ألف شخص شارك يوم الجمعة الماضي في المظاهرة الاسبوعية ضد جدار الفصل في قرية بلعين غربي رام الله، احياء لخمس سنوات على بدء الاحتجاج في المكان. وبينما كان عدد المحتجين في نهاية الاسبوع نحو 100 – 200 شخص فانه بمناسبة الذكرى للكفاح اجرت محافل اليسار المتطرف تجنيدا عاما والكثير من رجال القرية الذين لا يشاركون بشكل عام في المظاهرات انضموا الى الحدث. وبين المشاركين كان ايضا رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض. ويدعي المنظمون بأن الشرطة تابعت السيارات التي وصلت الى نقاط التجمع في القدس وفي تل ابيب في محاولة لمنع المسافرين الوصول الى المظاهرة. وفي حاجز شرطي نصب في الطريق الى مناطق ب، حذر المتظاهرون من انهم يوشكون على دخول منطقة عسكرية مغلقة. بعض من المتظاهرين اوقفتهم الشرطة في الحاجز على نحو ساعة ونيف في طريق عودتهم الى بيوتهم، دون ان تقول لهم لماذا. احد المنظمين المركزين للاحتجاجات، يونتان بولاك روى بأن هذه ليست حالة شاذة. وحسب اقواله "ففي بعض الاسابيع يتم ايقاف سيارات جيب في اماكن استراتيجية ويعتقل الناس". ورغم كل ذلك، نجح تقريبا كل المتظاهرين في اجتياز الحاجز. بعضهم وصل الى المكان عبر طرق التفافية. وجاء من الشرطة التعقيب بأن "شرطة اسرائيل تعمل بالتعاون مع عموم محافل فرض القانون وذلك لمنع المظاهرات غير القانونية". وليس فقط المتظاهرون، بل والصحافيون ايضا وصلوا الى الحدث بقوى معززة. واضافة الى فريق محطة الجزيرة، الذي يبث من المنطقة كل يوم جمعة، حضر الى المنطقة نحو 20 فريق تلفزيوني وعشرات المصورين والمراسلين من ارجاء العالم. التواجد الاعلامي المكثف جسد اكثر أي شيء آخر كيف اصبح الاحتجاج في بلعين ليس فقط رمزا للكفاح الفلسطيني ضد جدار الفصل بل وايضا عرضا اعلاميا. وبسبب كثرة المتظاهرين، قدرت محافل مختلفة بأن الاحتجاج كفيل بأن يتطور هذه المرة ليصبح حدثا عنيفا على نحو خاص. ولكن خلافا لنهايات الاسبوع العادية، فان جنود الجيش الاسرائيلي وحرس الحدود، بقيادة قائد لواء بنيامين العقيد افيف ريشف، انتشروا في مواقع خلفية ولم يردوا ايضا حتى عندما اقتحم المتظاهرون بوابة الجدار الخارجي وبدأوا يهزون بسياج الفصل نفسه. فقط بعد ان اسقط المتظاهرون نحو 30 مترا من السياج، والعشرات اجتازه الى الجانب الاخر – بل ان بعض المتظاهرين تسلقوا على استحاكمات الجيش الاسرائيلي وهم يرفعون الاعلام الفلسطينية – اندفعت من خلف السفح سيارة لتفريق المظاهرات ورشت المتظاهرين بأنابيب المياه النتنة بقوة شديدة. وبعد ذلك اطلقت قوات الامن صليات من عشرات قنابل الغاز المسيل للدموع. بعد نحو عشر دقائق وخمس او ست صليات من المياه النتنة وقنابل الغاز تفرق معظم المشاركين وشقت المسيرة طريقها عائدة الى القرية. في حرش خلفي تبقت مجموعة من الشبان، خارج زاوية التصوير للكاميرات التلفزيونية، حاولت ملاحقة الجنود الذين عملوا على اعادة اقامة السياج، من خلال اطلاق الحجارة بالمقاليع. مصدر في قيادة المنطقة الوسطى قدر بانه لحق بجدار الفصل ضرر يقدر بما لا يقل عن 100 الف شيكل. وبزعمه، أثبت الحدث بان "الجيش الاسرائيلي يسمح باجراء مظاهرات غير عنيفة. وفقط بعد رشق الحجارة واسقاط السياج دخلت القوات الى العمل". وكان لكل مشارك في الحدث دور، وقد اعد اخراجه بعناية. روعي فكنر، احد المشاركين الدائمين، حشد العديد من الاسرائيليين الذين وصلوا الى المكان، معظمهم في العشرينيات وما دون من حياتهم، يرتدون قمصانا تشبه السياسة الاسرائيلية بالابرتهايد في جنوب افريقيا. وقد جمعهم في داخل بيت في وسط القرية، امام المسجد. "نحن نحيي خمس سنوات على المظاهرات في بلعين"، اعلن فكنر على مسمع من الشبان الذين احتشدوا في احدى غرف البيت، "المظاهرات الشعبية التي نظمها الفلسطينيون ضد الجدار". المنظمون الرئيسيون، مجموعة صغيرة من النشطاء اليساريين المحليين والاسرائيليين ينسقون بشكل رائع نظام الاحداث ويحرصون حتى على وجود رجال نظام يوجهون السيارات لوسائل الاعلام نحو اماكن لايقافها. احد النشطاء المحليين، عبدالله ابو رحمة، الذي في بيته اجرى فكنر الاستعراض للشباب، معتقل هذه الايام في اسرائيل. وكان قد اعتقل في احد الاجتياحات الليلية التي يجريها الجيش الاسرائيلي في المنطقة. ويدعي اهالي بلعين بان جدار الفصل الذي يمر بجوار القرية يمنعهم من حق الوصول الى نحو تسعين في المائة من اراضيهم – نحو 2000 دونم. قرار محكمة العدل العليا الذي الزم وزارة الدفاع بتحويل مسار الجدار، سيعيد لهم نحو 700 دونم. النشطاء المركزيون يعدون بعدم وقف الاحتجاج حتى يفكك الجدار نهائيا. ضباط كبار من الجيش الاسرائيلي في فرقة يهودا والسامرة يصرون على ان الاحتجاج في بلعين ليس شعبيا بل منظما من مجموعة صغيرة من النشطاء الى جانب متطوعين اسرائيليين واجانب. النشطاء المركزيون في بلعين ادعوا بان هذا حدث احتجاجي شعبي غير عنيف. ولكن في الوقت الذي القى فيه فياض كلمة في الميدان بجانب المسجد، في الازقة المجاورة تدرب الشباب من القرية على المقاليع ووضعوها في جيوبهم. وقبل ان تنطلق المسيرة المركزية من القرية نحو الجدار، استعد بعض من الشباب حيال موقع الجيش الاسرائيلي في الجانب الاخر من الجدار ورشقوا الحجارة.